يُفتح ليُغلق، ويُغلق ليُفتح من جديد، و«حلْ سدْ» عبارة مرشحة لإضافتها إلى إسم مركب محمد الخامس، الأيقونة الرياضية الشهيرة التي باتت فضيحة من فضائح الكرة الوطنية، ولعبة تُفكك وتُركب، ثم تُفكك مجددا كما يفعل الأطفال المشاغبين.
أضحكني وأحزنني البيان الأخير للشركة المكلفة بصيانة الملعب، والذي يخبر الرأي العام أن المركب سيُغلق في الفترة ما بين 4 و25 أكتوبر الجاري لإصلاح العشب المتضرر، وهي أول مرة بالمناسبة يتم تحديد بالدقة وبالتاريخ مدة نهاية الأشغال، دون تقديم إعتذار رسمي للجمهور والأندية، ودون كشف عن القيمة المالية التي ستُصرف على هذه الخلطة السريعة في مطبخ الإصلاحات.
المضحك المبكي في الإغلاق الذي أشك أنه العاشر في آخر عقد، أنه كلوحة تشكيلية يرسمها فنان ويأخذ وقتا طويلا لتجهيزها، لكن سرعان ما يعود إليها ليخدشها، وبعدها يشرع في إصلاحها وتلوينها، بمزاجية غير مفهومة، وأسباب قد تكون الفراغ و«قلّة ما يْدّار»، أو من أجل ترويجٍ مالي وحيوية في الميزانية.
الصيانة شيء طبيعي ومنطقي للملاعب وخصوصا العشب، لكن غير الطبيعي أن يُغلق الملعب لثلاثة أسابيع في هذه الظرفية، وهو الذي لم تُلعب فيه أي مباراة للرجاء والوداد من 31 غشت إلى 23 شتنبر، فلماذا لم يقم المُصلحون بأشغالهم خلال هذه المدة البيضاء؟  وهل تحتاج التُربة لقرابة شهر كامل لرشها بالمبيدات وقصّها وإراحتها قبل حلول الطقس البارد كما يزعمون؟ وهل ستكون هذه الإصلاحات كافية لتحمل عبء مباريات موسمٍ طويل ومكثف لقطبي الدار البيضاء؟
رجاءًا، إشرحوا لي، لماذا يغير الألمان والإنجليز عشب ملاعبهم مرة كل سنة أو مرتين في ظرف زمني لا يتجاوز 48 ساعة على الأكثر، حيث يستبدلون البساط الأخضر بآخر طبيعي في عملية كلاسيكية، علما أن العشب المُستبدل ممتاز وغير متضرر، والمثير للدهشة أن التكلفة المالية يُكشف عنها وتكون دائما أقل بكثير من تكلفة إصلاحات الترميم والصيانة العشوائية عندنا نحن في المغرب، دون الحديث طبعا عن الفوارق الشاسعة في جودة العشب وجاذبيته وملاءمته الحقيقية للمناخ البارد أو الحار.
كثرة الفتح والإغلاق وإدمانه موسميا دون حسيب ولا رقيب، يجب أن يوازيه فتحٌ دون إغلاق سريع ومفاجئ لملفات تحقيق شاملة ودقيقة ومكتملة، من طرف وزارة الشباب والرياضة والمجلس الأعلى للحسابات، حتى يعرف المغاربة لماذا كل هذه الإصلاحات الطويلة والمتكررة، وحقيقة المصاريف الخيالية والتي تكفي لبناء ملاعب دولية في عدة مدن بالمملكة.
المسؤولون عن مركب محمد الخامس وأصحاب القرار، يجب أن يُساءلوا ويُحاسبوا الآن عن التشوهات الحديثة التي ظهرت في مختلف المرافق، والتي تناقلتها قبل أيام وسائل التواصل الإجتماعي، ومهزلة قاعة الندوات الصحفية الضيقة بلا كراسي، وغيرها من أبسط المتطلبات الإحترافية لملعب دولي يحترم الضوابط، لا مكان لها للأسف بالمعْلمة الرياضية التي خضعت لآخر عملية تجميل قيصرية بمبلغ 22 مليار سنتيم.
 أوراش بالجملة ومفتوحة للأبد، وإصلاحات لإصلاح الإصلاحات، وملايير تدهس ملايير في خانة التكاليف والميزانيات التي لا تبور، وكل هذا والمواطن والمتفرج المغربي يشاهد ويستنكر ولا يفهم، ولأن أسئلته دائما بلا إجابات مقنعة ولا تحقيقات عميقة ومنتجة، فلا سلاح يملكه للضغط، غير التظلم بالحديث النبوي الشريف «إذا لم تستحِ فإصنع ما شئت».