بسيرورة الازمنة التاريخية، لم يحضر الديربي البيضاوي بهذا الشكل الهلامي والخيالي في صناعة وإبداع الإحتفال إلا في زمن من أيقض هذا الإشعاع الراقي للمناصرة الحقة لشباب مبدع في توحيد وتسويق صورة الإبداع المغربي بالمدرجات وكأنك تشاهد مسابقة عالمية بين الأنصار وفي مواجهة مدرجات حبلى بمشاعر الروح والحب السرمدي لألوان الرجاء والوداد وتاريخ أجيالهما. وأبدا لم يستطع الديربي في مواقعه التاريخية أن يحظى بهذه العالمية التي أسسها رجال وشباب ونساء المناصرة في نزال مختلف خارج سياق البطولة الوطنية، وقدموا للعالم أن المغرب بلد كل الروايات والأساطير الحقيقية، وبلد الإبداع فيما لو اشترط عليه أي شيء لتحضير الأعراس التاريخية ماديا ومعنويا وروحيا وإبداعيا في الفكر والحضارة وتجسيد الفكرة الذكية والخرافية بحسب موضعها وسياقاتها. وما شاهدناه أمس في المدرجات وحتى داخل الرقعة رفع المغرب عاليا وعاليا وفوق حتى العالمية.
 وعندما تصدق أن الكرة غدارة بالفعل ستتأكد من أن هذا الديربي بالذات جاء مختلفا في صناعة النتيجة التي قلبت المضطلحات رأسا على عقب، وقيد الأرواح والنفوس بحيرة انقلابات الأفراح الحمراء إلى غضبة الندم، وغصة الخضراء الزاحفة إلى انفجار نحو الإبهار غير المصدق في مباراة بكت فيها الحناجر عنوة وانفرد طفل ودادي ببكاء هيستيري وبردة فعل لا تطاق أمام أمه المشدوهة للواقعة. وأبدا لن نصدق على الإطلاق كيف أريد لهذا الديربي أن يجنح الى هذه السطوة التاريخية في كل شيء وفي مستطيل أخضر لا يرحم في صناعة الأحداث وكيف انقلب الفوز إلى خسارة والخسارة إلى فوز في سياق زمتي انتصرت فيه الإرادة الحمراء مبدئيا وخارت قواها بعد ذلك لتنتصر مقالع الإرادة الرجاوية بجحيم النهاية. وهكذا هي الكرة مثل الحياة، غدارة في تقلباتها، ماكرة في انهيار أزمنتها مثلما هي معاكسة في نفس الردة لاسعاد الآخر، والحياة من هذا الأصل قد تعيد الغني إلى الفقر والعكس صحيح. 
 طبعا، هي مباراة كرة قدم من المستوى العالي قدمها الرجاء والوداد في أطباق غير متوازنة في مباراة الذهاب، ولكن مباراة العودة هي من أرخت الوجه الحقيقي للأداء الراقي وصناعة الحدث والقراءة الجيدة لتلافيف النتيجة والريمونطادا التي خلقت لأن تكون هي سيدة الأحكام الكروية فنيا وذهنيا وكرويا. طبعا نصدق زحف الوداد وما فعله في شطط الأهداف الثلاثة التي وقعها في زمن يصعب استردادها بعد أن إنتزع الموقعون على وثائق الإقراح واجتاحوا الجنبات ووزعوا الصياحات الحمراء في مشهد ساخن، لكن ما لا نصدقه هو أن يأني الرجاء بوثيقة استعجالية للنهوض بأوضاع الزحف على الوقائع، ويخوض العشرين دقيقة الأخيرة بكل أنواع الشطط الكروي ليصنع الإعجاز من تلقائية الروح الني ظلت صامدة كوقفة الأسد في البراري، ويوقع الرجاء على تعادل غريب وغريب في التصور الذي انهار به الوداد جملة وتفصيلا، ولو أن للمدرب زوران عين نائمة على وضعية الزحف الرجاوي من دون أن يجد الحلول ولا الاقفال لسد جحيم الرجاء.
 ولست أدري لماذا لم يتفاعل مدرب الوداد مع أوضاع عودة الرجاء تدريجيا في النتيجة، لأنه هو المسؤول عن هذا الخدش، والمسؤول عن القراءة التكتيكية لما بعد الرباعية حتى ولو قيل أنه لا يملك الأدوات الدفاعية من موقع الوسط الغائب. ولا يعقل أن يقول في ندوته الصحفية أنتم أذكياء وأنتم من يجيبون على السؤال كرجل مستهتر بأدبيات الرد التقني لأنه هو من يوثق للفوز وليس الصحافة. ولذلك أعتقد أن زوران هو المسؤول عن إقصاء الوداد لأنه لم يقرأ جيدا تفاصيل الإجتياح الرجاوي، ولم يقرأ نفسه جيدا كيف يحافظ على الفوز بأقل الإضرار على الأقل لإقفال الممرات التي عاث فيها متولي أركان الجهة اليمنى واصطاد جزاءين موازاة مع  إقفال الوسط ولو بتغيير الخطة إلى 5 ـ 4 ـ 1 بشكل نهائي. ولذلك أقول أن مدرب الوداد هو من استعجل بالنصر الخالد ولكنه لم يحافظ على هذه السطوة التي قلبت ذكاءه إلى بليد. 
في النهاية،  هو ديربي سيدون في الخالدات كأول ديربي يحاط بهذه الهالة العربية  والعالمية لأنه قدم كل الأدبيات التاريخية للشموخ المغربي والذكاء المغربي والإبداع المغربي والمناصرة غير المسبوقة لأنصار قل مثيلهم في صناعة التاريخ الكروي ولو أن خدوش الشغب ما تزال تسيطر على الإبهار غير المكتمل.