راقني جدا الخروج الإعلامي للناخب الوطني وحيد خليلودزيتش عندما أرخى بظلال توضيح مجموعة من الملابسات الخاصة بالفريق الوطني على مستوى منابر إعلامية معينة  بغض النظر عن بعض من الأسئلة الصبيانية والمعادة لأكثر من مرة  في منبر ما عن دواعي تغييب أمين حارث ، وكأنه سؤال كوني لمحلل يظل عادة في محراب التشهير بمطعمه. وراقتني إجابة وحيد الصارمة والمندفعة حول تجرإ ذات الشخص في تكرار سؤال حارث بصيغ كثيرة لحد الملل، بل واستشاط وحيد غضبا على المحلل لأنه أتى فقط من أجل حارث، وكانت ضربة وحيد مثل المقص الذي يقطع الزوائد.
 طبعا من خلال دوائر الحوارات الثلاثة التي خرج بها مع المكتوب والمرئي والمسموع، بدا وحيد أكثر واقعية وكاريزمية في قراءة منطوق ونبض الشارع، وما عايشه تلقائيا في الوديات ورسمية موريتانيا من صراعات فضفاضة ومن خزعبلات نقدية هي من جيشت الإنصار للوقوف ضد منتخبها بالتهجين والصفير. وأعجبني وحيد في ردود الفعل ليس لأنه انتصر على اللحظة والضغط وأعداء النجاح وممن ينتصرون لتحاليلهم، بل انتصر على المعنويات والفرص التي تقتلك في عز السيطرة الكلية بركام البناءات من دون حسم. 
 وفي حرفة الإعلام، هناك خط لا محيد عنه في صناعة النقد الهادف وليس النقد الفاضح باسم التجارة في الكلام والبحث عن العيوب حتى ولو كانت مغطاة بسيطرة التفاؤل. هذا الخط أسميه شخصيا بالحكمة والبصيرة التي ترمي بنا جميعا نحو التريث والصبر والبحث عن بلسم الإقناع. والفريق الوطني كما قلت وسأواصل نفس الخط، هو فريق يتأسس اليوم على أنقاض فريق كأس افريقيا الأخيرة والتي يبنى عليها فقط خمسة دوليين وهو نفس الرقم الذي يراه وحيد منهجيا في قراءة الأشياء لا في رميه في مزبلة نقد الظالمين.
 وعندما كانت المنتخب سباقة إلى التحليل المنطفي للمنتخب الوطني مع وحيد على أنه منتخب يبحث عن القواعد الصارمة والأهرامات المعول عليها في السنين القادمة بمعزل عن المعتزلين، وعندما حللت جريدة المنتخب المباريات الودية على أنها مباريات لكشف النوايا والتجريب في وقت ظل تجار النقد والسيطرة على الجمهور يطلقون شماعاتهم وكأنهم أسياد التحليل، ورد عليهم وحيد بالاناس الذين لا يعرفون الكرة «أظن أنه كان هناك تسرع للحكم علينا من المباراة الأولى أمام موريتانيا، فبعض الصحفيين إنتقدونا كثيرا وقاموا بذلك عن قصد أو لا يفهمون في كرة القدم، عند قدومي، بعض الناس لم تفهم طريقة العمل، وحكمت علينا من خلال الأداء الذي قدمناه أمام موريتانيا التي لعبت أمامنا بدفاع متأخر، عندما لا تسجل، الحظ لا يقف معك، وهناك من حاكمنا وكأننا خسرنا المباراة .»
 وعندما حللنا في جريدتنا بمنطق الأشياء والمسميات، قلنا أن موريتانيا لم تكن سيدة المباراة كما أعتقدها البعض رغم أنها قلبت تاريخها رأسا على عقب وأضحت من الثورات الكروية الحديثة، ولم تفزعنا هجوميا لأنها لم تصنع ولو فرصة، ولو أريد للأسود أن يسجلوا من عشرين فرصة ضائعة خمسة أهداف على الأقل، لكانت الحكاية على نحو آخر من رواة النقد السوداوي والملهمين بالزج الدائم للمحليين وكمدافعين عن حق لابد أن يطرح بالقوة في كشكول المنتخب الوطني ولو أن الناخب يدخل هذا السياق في عملية التدرج وليس بالأمر. وعندما حللنا بالواقعية، وقلنا أن المنتخب الذي لا يصل إلى المرمى مطلقا هو من يستحق النفد لأنه معاق الخط الأمامي، وموريتانيا دافعت بكل الجدارات وأقفلت كل شيء ومع ذلك صنع الأسود نيرانا من الفرص التي أوقفها الحارس إلا في فرصتين هما الأكثر سوءا في التدبير لأمرابط في الدقيقة الأولى والعرابي وعليوي في الدقيقة 83، ما يعني أن الفريق الوطني لم يكن سيئا على الإطلاق، بل خانه الحظ في 18 فرصة وأساء التدبير في فرصتين. بينما من يقول أن المنتخب المغربي كان خارج النص فأكيد أنه لم يلعب الكرة أو لا يعرف الكرة ومع ذلك «فمه محلول». وفي لغة الكوايرية أن الكرة عندما تخدعك كمسيطر تقول دائما «ما عندنا زهر» وليس «ما عندنا لعابا».
 صحيح أن المشكلة هي في الفعالية والحسم الأخير، ولكن في مباراة موريتانيا تفاعلت نوايا الشؤم لدى النصيري وعليوي والعرابي وأمرابط وزياش، وهم كلهم أسياد الهجوم  ومع ذلك لم يسجلوا في أمسية أريد لها أن تكون .. إلا أنه في مباراة بورندي حُلت العقد، وانفجرت النوايا وتوصل الأسود إلى توقيع ثلاثية كادت تكون كثيرة بالضياع الدائم. ومع ذلك خرجت صور النقد بوجه مخالف للحقائق لأنه لغاية الأسف لا يتحلى أشباه بعض الكوارث التحليلية  والاعلامية بمنطق الصبر والتريث ، بل يبيعون الوهم للجمهور من أجل التجارة في صناعة الهدم . ويحق للناخب أن يثور في وجه من يقف أمامه بلا موقف منطقي . 
وعندما يساءل وحيد مثلا عن غياب ظهير أيسر في المنتخب الوطني من قبل وجهاء النقد، ألم يستطع أحد من أولئك أن يضع السؤال على الأندية الوطنية وعلى مدربيها ماذا يفعلون في البطولة الإحترافية أصلا ؟  ولماذا يغيب صانع اللعب من المستوى العالي ولماذا يغيب القناص وووووو؟ وهو نفس السؤال الذي لم يجب عليه رونار لأنه لعب بحكيمي كظهير أيسر.
 وكونوا «تحشموا شويا». والله لو أتينا بمورينو سيكون درسه قاسيا على من يسائله بهذا المنطق الرجعي.