كان مؤلما بل موجعا، أن نعاين تهاوي الرجاء في عز انتعاشته الذهنية وهو المزهو بريمونطادا الديربي العربي، أمام ترجي تعيس وحزين ومكلوم بعضة القرش المسفيوي وصفعة الگيسر في عقر محميتهم رادس.
كل مقومات الإجهاز على الترجي اجتعمت وكل ظروف التنكيد على المكشخين توفرت، فلا يوجد تحضير أفضل من تكون منتصرا قبل أسبوع في الديربي وبكيفية ولا في الخيال.
ولا يوجد أفضل من أن يعلن  الجمهور ولاءه حد التصوف كي لا أقول التطرف، فتباع التذاكر كاملة مكمولة 5 أيام قبل الموقعة لتغلق الشبابيك في وجه المرتادين.
بل لا يوجد أفضل من أن يأتي عندك منافس لطالما كان الرجاء عقدته وهادم لذته، وهو منهار وخاسر قبل أن يطأ لاعبوه أرضية ملعب الرعب متوجسون وقلقون من المصير المحتوم الذي ينتظرهم بعدما عاينوا ضراوة ما أظهره النسور وشراسة ما أبدوه أمام الوداد في الديربي.
 غير أنه ستجري الرياح بما لم تشتهه سفن الرجاويين، وهم يعاينون وبوقع الصدمة الكهربائية ترجيا عنيدا محترفا، بشخصية فولاذية غير آبه ولا مهتم بكل هذه التفاصيل، ترجي يلبس ثوب الوحش الكاسر كلما لعب عصبة الأبطال، فتابعنا نصف ساعة أولى مرعبة لفريق تونسي في ثوب إيطالي.
 ما أظهره لاعبو الترجي ولا عبو الرجاء، أظهر الفرق الذي لا يقبل مقايسات بين العقلية الإحترافية التي تخلصت من كل رواسب زلزال آسفي، عقلية هاوية نامت في عسل الريمونطادا والتفاعل مع الفيسبوك وقفشات الأنصار، فاستفاقت على وقع لسعة بدري وعضة واطارا لكن «بعد فوات الفوت».
لطالما تحدثنا عن الخبث الكروي التونسي، ولطالما اجتهد الكثيرون منا في إضفاء هالة من المبالغة في تحيز الحكام وقضاة الملاعب لفرق بلاد قرطاج، لكن بمنتهى الأمانة وبعيدا عن حيثيات هذا الخبث المعلن والخفي، هناك، إحترافية وصرامة ذهنية، وهناك حضور طاغ لشخصية اللاعب التونسي التي تستحق أن تدرس للاعبينا هنا.
 كثيرة هي المواقف والحالات التي تعايش من خلالها لاعبو منتخبات وفرق تونس مع أجواء الضغوط الرهيبة الممارسة عليهم، فلم يتأثروا بها ولم ينهاروا تحت وقعها بخلاف وهن الخوف والذي يغطي ويغلف تصرفات وسلوكيات لاعبينا والذين يستبد بهم إما الغضب أو الإستفزاز، فيخرجوا عن طوعهم ليفقدوا تركيزهم بالكامل وهذا واقع لا يرتفع.
إلا أن الذي ينبغي أن نستلهمه من تفوق الترجي، هو أمر آخر يرتبط بموقف جامعة الكرة في تونس والتي صاذقت على قانون  «لاعبي شمال إفريقيا» ليصبح لاعبو الجزائر وليبيا وموريتانيا متاحون لحمل قمصان أندية تونس بصفة المواطن التونسي وليس اللاعب الأجنبي.
 هذا المعطى إستفاد منه الترجي فظهر أمام الرجاء الياس شتي وعبد القادر بدران  وعبد الرؤوف بن غيث وقبلهم كان البلايلي ومعهم يتواجد محترفون أفارقة بقامات عملاقة، وليس صف ثاني وثالث  كما تتبارى عليهم فرقنا الكبيرة للأسف. هذا القانون كان مطروحا عندنا للنقاش كي تستفيد منه فرق البطولة، إلا أنه للأسف تطاحنت هذه الفرق بين مناقشة قانون الشركات والمنشطات وسقطة في فخ الـ«ڤار».
 لو طبقنا هذا القانون لترفعنا فعلا عن جدال عقيم مرتبط بكوطة 10 مباريات دولية مفروضة فرضا على المحترفين القادمين من جنوب الصحراء، ولاستفادت الفرق المتبارية قاريا من خدمات لاعبي الجزائر و حتى موريتانيا وتونس كما يغنم ثمارها اليوم الترجي.
 الرجاء ومعه كارطيرون ارتكبا جريمة في حق حظوظ الفريق في عصبة تتطلب وحوشا ضارية، بضم لاعبين ناشئين لا يلعبون حتى كاحتياطيين بالبطولة لقائمة العصبة.
 من الظلم أن يرمي الفريق بالهبطي وإصلاح ومذكور وغازوت والدرويش وهي5 عناصر لم تعد تتيح أمام النسور مجالا لإضافة لاعب آخر لهذه القائمة، وتبقى فقط مقعد شاغر وهذه معضلة.
فليس بهذه الكتاكيت الصغيرة سينافس الرجاء الترجي ومازيمبي والأهلي وغيرهم من وحوش العصبة. لقد ولى زمن كشكوشة ناطر وعبوب ورزقي، فالعصبة تحتاج لمحاربين يضاهون كواسر الترجي  وصناديد مازيمبي يا ناس..