وأنت تستمع لشهادات مأخوذة بالدهشة والذهول، بل حين تصغي لوحيد خليلودزيتش الذي جاب أقطار المعمور بالطول والعرض، وهو يتحدث بلهجة المنبهر واصفا مركب محمد السادس بالأفضل في العالم، تستوقفك هذه الشهادات وتحاول أن تستجمع نفسك، كي تقيم إن كان كل الذي قاله وحيد ونيبت وتيمومي وبودربالة وغيرهم من العابرين من بلدان رائدة اقتصاديا وكرويا على مستوى العالم مجرد لغو أو ثناء تقليدي تخصه الأسرة بعروسها...
 لكن حين تطالع بيانات وأرقام هذا الصرح الرياضي، وهذه التحفة الجديدة التي جاءت لتعزز البنية التحتية الكروية ببلادنا، تتأكد أن كل هذه الشهادات صادقة ولا تحيد عن الحيادية...
 ملاعب بعشب طبيعي وآخر هجين، مراكز طبية إستشفائية، مسابح وملاعب تنس وما تفرع عن كل هذه الأمور، وبالجودة العالية المطابقة للمعايير العالمية، التي تصادق عليها الفيفا لا ينبغي أن يسلبنا بالإعجاب ويثنينا عن استثمار هذه المنشأة كما ينبغي للإستثمار أن يكون...
 فلغاية أمس قريب جدا، كان معهد مولاي رشيد الطيب الذكر، فضاء التحضيرات لأمهات التظاهرات والمسابقات القاري منها والدولية، وكان «الله كيجيب التيسير»، وبعده كنا قنوعين جدا بمركز المعمورة ولو بملاعبه المعدودة على الرؤوس، وحين كانت الجامعات تسعى خلف الترف في الإعداد كانت تنقل منتخبنا الوطني صوب منتجعات ماربيا الإسبانية أو الغارفي البرتغالية دون إسقاط «كلير فونطين» من الخانة التقليدية لمراكز إيواء لاعبينا قبل الإستحقاقات الهامة...
اليوم ما عاد المجال يسمح بطلب اللجوء، ليس في هذه المراكز الأوروبية فحسب بل لم يعد يسمح حتى بالتفكير في مراكش وأكادير أو في بوزنيقة والنواحي..
اليوم مجمع محمد السادس لكرة القدم ينبغي أن يكون القبلة الدائمة والسرمدية للاعبي الفريق الوطني وكل المنتخبات الفئات الصغرى الأخرى، لأنه لا أقول يضاهي أسباير القطرية بل يتفوق عليها في مناحي عدة، أيسرها وأهونها الفضاء الغابوي الصحي والذي هو نعمة من الله سبحانه والمناخ المعتدل   طيلة عام بأكمله...
وحين أقول أنه لا عذر بعد اليوم، فأني أعني وحيد ولاعبيه و باقي المنتخبات السنية الأخرى، التي سيتوفر لها ما لا يتوفر لغيرها داخل نفس القارة التي يحمعنا الإنتماء الأسمر لقطرها الجغرافي..
 لن تكون هناك أعذار فأنا تأتي منتخبات تحضر وتعسكر في مراكر تشبه الثكنات، عبارة عن «هانغاررات» بطلاء أبيض وإسفلت ووملاعب كسيحة لا زرع فيها ولا ضرع، لترسم تفوقها علينا.
وحين نسمع على لسان فلورين إيبينغي مدرب فيطا كلوب الكونغولي ومنتخبي الكونغو الأول والمحلي السابق، أن تكلفة تحضيرات ناديه لمواجهة الرجاء لم تتعد 200 دولار أي 2000 درهم لا غير، ونقارنها بما هو متوفر من متاع وبنية وظروف ولوجيستيك وطائرات خاصة لفرقنا ومنتخباتنا، فإن هنا وحدة القياس تختل والميزان يعتل، فتنعدم الأعذار أمام منتخبنا الوطني في القادم من الإستحقاقات...
 بل أن إيبينغي الذي تواجد مرارا في المعمورة للحصول على دبلوم «الكاف برو»٫غازل الكرة المغربية كما غازلها أليو سيسي وحسن شحاتة وجميعهم تلقوا تكوينهم بالمعمورة، إذ قال إيبنيغي «الكرة المغربية تحلق عاليا وربحت مسافات على باقي منافسيها بإفريقيا ويستحيل ألا تحقق النجاح تلو الآخر».
لن يكون مقبولا في ظل الظروف المخملية التي ستنعم بها المنتخبات الوطنية، والترف الذي سيرفل فيه لاعبو المنتخب الوطني في أفضل مركز على مستوى العالم بشهادة ربانهم وقبطان سفينتهم وحيد، أن يخذلوننا بعد اليوم ويتعذبوا أمام منتخبات تعسكر بالإكتتاب والتضامن ..
حين يحضر لوجيستيك بهذه الفخامة، فلا مجال كي تقابله الخيبات والإنكسارات، حتى لا يكون كل هذا بمثابة «العكر على .....»