يقولون ليس من شهد كمن سمع، لذلك حرصت الجامعة على أن تدعو قبيلة الإعلاميين ليشاهدوا بأم العين بدل أن يسمعوا، عن صرح محمد السادس بالمعمورة ولتكشف لهم الغطاء عن سر 3 سنوات وزيادة من الإشتغال على هذا الورش الحيوي ليظهر في الصورة والشكل الذي تابعه ووقف على روعته جميع من حضر ذلك اليوم المفتوح.
ولأننا إستغرقنا ما يكفي في إسباغ صور المديح والثناء علي عظمة هذا المبنى، وروعة تجليات المرافق الملحقة به والتي لا تحتاج لكل هوامش ونوافذ الإطراء سيما وأن التكلفة تتحدث عن نفسها وتغني عن كل تعليق إذ تطلب كل هذا 63 مليار سنتم، فكان لزاما ومنطقيا أن ينتهي الوضع بهذه المنشأة لتظهر في الحلة إياها.
 لذلك سأترك هذه المسلمة جانبا، وأتناول الموضوع من زاوية مغايرة تماما، وهو موضوع البنية الفكرية للكرة المغربية بكل الهشاشة والفضاعة التي تعتريها أحيانا ونحيط بها جميعنا، والتي قد لا تتطابق مع قيمة وقوة هذا المجمع.
لأنه حين يتوفر لك مركز رياضي بهذه الفخامة والمخملية، فلا بد من أن تواكبه طفرة على مستوى الزاد البشري ورأس المال البشري الذي ينبغي أن يطابق كل هذه الصحوة.
 وبعيدا عن كل سياقات التداول المجتمعي المرتبط بلسان املواطن العادي، الذي  يتساءل عن الجدوى من هكذا مراكز مقابل  الخصاص في أوراش حيوية أخرى منها ما يرتبط بالصحة و التعليم، وكي نحصر النقاش في كل ما هو رياضي صرف فلنا أن نتساءل إن كنا فعلا نتوفر على الخامات البشرية التي تستحق مركزا بهذه المواصفات؟
 نتساءل  إن كنا نحتكم على الكوادر ذات التكوين الأكاديمي العالي التي بإمكانها أن تنتج لنا داخل المركز في غضون عد من الزمن أشرف حكيمي جديد بتكوين مغربي صرف؟
 إن كان هذا المركز قادر بعد 20 سنة أن يقدم لنا مرشحا لكرة ذهبية إفريقية سبق لمحمد تمومي وفراس والزاكي أن حملوها وهم المنطلقون من ملاعب «الحمري والطين» والفرشي والعالية بالمحمدية؟
 ويجدر بنا أن نتساءل إن كنا فعلا قد تهيأنا فعلا لأن نضع مرفقا بهذه الجودة، بين أياد أمينة تملك من الكفاءة والإقتدار ما يؤهلها لتتقلد أمانة مستقبل الناشئة الكروية بهذا البلد؟
 وبعيدا عن كل مسوغات المبالغة واستحضار الحدث في سياقه الإستثنائي الخارق، فإن تدهور نتائج المنتخبات المغربية لم  يمن سببها في يوم من الأيام أننا عدمنا التجهيزات الرياضية المتطورة.
،فمنتخب بنين الذي شارك في 4 نسخ للكان ولم يفز في تاريخه على منتخب إفريقي، فاز علينا ليس لأن لديه مراكز أفضل منا وليس لأننا لم نكن نتوفر على مركز مثل مجمع محمد السادس؟
منتخب بنين وناميبيا وغيرها من المنتخبات المتواضعة التي تجرأت علينا، لم يتوفر لها ما توفر للاعبينا من بذخ وترف وتحضيرات «في أي بي» و إنما تفوقوا بالغرينطا؟
 موريتانيا التي أقصتنا مرتين في مختلف المنتخبات السنية وغامبيا المغمورة التي أقصت منتخب أقل من 19 سنة، فعلت ذلك ليس لأن لديها مجمع مثل مجمع محمد السادس؟
 مالي أقصت المنتخب الأولمبي بمدربه الذي هو أغني عاطل على مستوي العالم السي باتريس بوميل والذي يتوصل ب 55 مليون سنتم شهريا دون عمل، أحرجتنا وحرمتنا من السفر لطوكيو، ليس لأننا لن نكن نتوفر على مجمع محمد السادس؟
ولن أتحدث هنا عن  المنتخب النسوي والشاطئي وباقي الإخفاقات التي أدمناها في آخر السنوات، والتي تلخص شيئا واحدا وهو أننا أحوج ما يكون لتغيير في البنية الفكرية لمسؤولي الكرة عندنا، أكثر من جاجتنا لتطوير البنية التحتية.
اليوم لدينا 9 ملاعب 7 منها رشخت لمونديالات لم ننجح في تنظيمها، ولسنا مرشحين لاستقبال الكان المقبل، لذلك مسألة اللوجيستيك المتطور محسومة عندنا والكارثة هي بنية التكوين المفلس التي فشلت الجامعة في تطويقها...
 لا ينبغي أن يكون مجمع السادس هذا مثل سور الصين العظيم، فقد شيد الصينيون هذا السور الأسطوري ليتحصنوا به من غارات الأعداء، لكنهم فطنوا بعدها إلى أن الرأس المال البشري أهم من هذا السور فيكفي أن يتقدم عدو ب«رشوة» لحارس باب هذا السور فيغريه ليسهل اختراقه، لذلك اهتموا بالبنية الفكرية في بلدهم ودعموا العلم  بين مواطنيهم والنتيجة معروفة «الصين اليوم في طريقه ليصبح أقوى قوة إقتصادية في العالم».