لا بأس إن تحدثنا عن الزمن الكروي الحالي بشكل مقلوب وبعولمته التكنولوجية وملاعبه الحداثية مقارنة بالزمن الكروي الذهبي قبل دخول الألفية أو إلى غاية إنجاز نهائي كأس إفريقيا 2004 بتونس. هذا الحديث، جرني إليه زملاء رياضيون بالجرأة من أجل التعقيب والرأي الحصيف والسديد. ووجدتني الجرأة على حين غرة عندما تجردت من العاطفة وخرجت طوعا من جلباب المقارنات وفضلت القول أن الجيل الذهبي وأساطير الكرة بالمغرب السابقين، كان عليهم أن يكونوا اليوم في محراب هذه العولمة الكروية وهذا الإنقلاب السخي في كل شيء مالا وملاعبا واحترافا وإعلاما وو..وليكونوا اليوم في برج أوروبا بأعداد كبيرة، وليس بما اكتنزته سابقا من جواهر رحلها القانون في ربيع 28 عاما. ولو تأتى لهذا الجيل أن يولد في زمن الحداثة الكروية الحالية، لكانت المنتخبات الوطنية في أقوى الأبراج العالمية. صحيح أننا عشنا فصولا رائعة من الإنتاجية الكروية والإبداع السخي للنجوم حتى ولولم تكن دولية لأن العيارات البشرية داخل الأندية الوطنية كانت تولد كل سنة بالنظر إلى العمل القاعدي والفطرة والموهبة التي لا توجد اليوم إلا في سوق الميركاطو المعاد بنفس النماذج البشرية.
 وعندما إنقلبت الأوضاع الكروية بمقالب المسيرين دوي الفكر المادي والإستثماري الفارغ، وعندما أضحت كبريات الأندية الوطنية تخرج عن سياق الإبداع وقتل قيمة المدرسة ونهش فنون الإنتاجية داخل اروقة القواعد الصغرى، وعندما ماتت الروح مع أندية الزمن الجميل من قيم النهضة السطاتية والإتحاد القاسمي (حفار القبور) والنادي المكناسي والكوكب والجمعية السلاوية ووو، أصبحت الكرة ورشا لتكريس لغة المال على صناعة الرجال، ولم يعد رجال الرقعة سوى موظفون مأجورون بترقيات متداولة في عز ألقاب لم تضعهم مطلقا في رحاب المنتخب الوطني لأنهم لاعبون عاديون منذ 2004 إلى اليوم، كما أن هذا الوضع إستشرى حتى بالمنتخبات الصغرى ولم يكن لأي منهم دور الخلف المراد أن يكون هو متنفس الكبار.
 وعندما إنقلبت أوضاع المنتخب الوطني من رسملة رجال البطولة كنواة أصلية في السابق، إلى عضوية محترفين متمرسين، لم يعد لا للبطولة ولا لكؤوسها القارية لأنديتها أي طعم للعالمية لمحدوديتها في شق منتخب ثاني لا محل له من الإعراب في كأس إفريقية محلية لا يعتد بها على الإطلاق بالفيفا. والحديث يجرنا إلى القناعات التي بني عليها المنتخب الوطني الأول والإولمبي في خضم ناخبين لم يقتنعوا بلاعبي البطولة إلا بنُتف قليلة ليست بمقاس المحترفين لدواعي كبيرة المقاصد والمقارنات التي تكرس التناول الغريب للاعبي البطولة على مستوى الدولية. ومعنى ذلك أن مسيري الأندية هم من قتلوا الإستثمار البشري في سوق النخاسة بدرجة بيع اللاعب عشرات المرات بين الأندية ذاتها ومن دون أن يكون للفكر الإستثماري وعي بضرورة التوجه إلى أوروبا، ولف عينه نحو الخليج في سوق أخرى من الإستثمارات الفارغة والتي لم يكن لها أي وزن نحو التحول إلى المنتخب الوطني في زمن كان الماضي يقول أن نجم البطولة يتحول من المنتخب الوطني إلى أوروبا، واليوم لم يعد لهذه الصورة أي دور في التحول إلى أوروبا حتى ولو اشتهرت الدار البيضاء بديربي العظماء اليوم، لكون وكلاء الأندية الأوروبية الحاضرين بالديربي لم يجدوا ضالتهم في إختيار المحترف الكبير أو حتى نصف محترف.
 لن نكذب على أنفسنا إذا قلنا أن لنا كرة  قدم مغربية من الطراز العالي، وليس لنا إلا جمهور من الطراز العالي وملاعب من المستوى الراقي وبنيات تحتية على درجة فائقة في الحداثة لكن مع الأسف في غياب عنصر بشري من المستوى العالي في التسيير ولاعبين من نفس العيارات الثقيلة  وأطر جديرة بصناعة الأجيال. ولهذه الغاية غابت عنا أوروبا في اللحاق بنا وبملاعبنا كل سبت وأحد من أجل إنتداب لاعبينا ولم تجد مطلقا من يحمل لها بشرى الإحتراف في بطولة احترافية منذ سبع سنوات ولم تنجب لنا وجوها اينعها الإحتراف ليحين قطافها وإرسالها إلى المنتحب الوطني أو إلى إوروبا. ولكن الحقيقة أن أوروبا هربت عنا لأنها وثقت بنجوم ما تحت بلدان المغرب وتونس والجزائر، أي الصلابة الإفريقية من دول جنوب القارة السمراء. 
 هكذا هي الصورة التي نرى فيها أنفسنا وكرتنا فقط في البهرجة الإبداعية للجماهير، لكن داخل الرقعة هي كرة من شوط واحد أومباراة في السنة ... ولكم التعليق .