كرة القدم مثل باقي مجالات الحياة كلها تغيرت راديكاليا، فأصبحت رهينه بية يد كمشة ممن يسمون أنفسهم الفلول أو الجيوش الفيسبوكية أو الذباب الإلكتروني إنتهاء بالعصابات الزرقاء كما صارت تسمى والتي تتحكم في المصائر والرقاب، وتغير مجرى النهر بالكامل وهذا ما لم نعشه في السابق، يوم كانت الأيام دول بين الناس  تمضي علي سجيتها وعلى طبيعتها قبل أن يبتلينا الله بهذا الفسق الذي يأتي الناس بالباطلة فيصيب القوم بجهالة.
 فاخر غادر حسنية أكادير ومباراة الوداد كانت الأخيرة له، وفاخر لن يواصل في أكادير والعود لم يكن أحمد كما يقولون وهذا أمر حسم، لأن سبل التعايش إنعدمت بالكامل وصمود الإدارة أمام الضغط الإلكتروني إنهار وبطبيعة الحال، لن نخوض في مواقف السلطات والتي تلجأ دائما وفي هكذا حالات للخيار الأسهل وهو التضحية بالرأس المطلوبة من طوف الجمهور ضمانا لسير الأمن والأمان.
قد لا أكون مؤهلا لأقدم فاخر لجماهير الحسنية لأنهم تعرفوا عليه قبلي، لكني أجد في هذه الظلامية التي أصبحت تميز المشهد الرياضي والكروي وباقي مجالات الحياة، من خلال التجييش والحشد والشحن لخلق الله، واستهداف فلان والتضييق على فرتلان٬ ما يفرض فعلا أكثر من وقفة لتشريح هذه الظاهرة.
الجماهر السوسية من الجيل الجديد هم أبناء بين 18 و25 سنة وهذه هي الشريحة والقاعدة الواسعة لهذا الجمهور، وبطبيعة الحال هذه الفئة بالكاد سمعت عن فاخر ولم تعايشه، سعمت أخبار الفيسبوك والفسق الأزرق البئيس، ولم تجايب لقبين تاريخيين أهداهما فاخر للحسنية وهما ماللقبان الوحيدان في خزانة هذا النادي ليومنا هذا.
 هذه الجماهير من أبناء 20 سنة مثلا لم يكونوا حاضرين يوم التتويج، وحتى من سبقوهما ببضع سنوات لم يكونوا على وعي بماتحصل عليه فاخر مع الحسنية، وكل ما ترسخ في مخيلتهم اليوم هو هذا القصف المجاني له ولو بالباطل من سمسار لغيرها من الصفات القبيحة التي لا تليق بمقام أكثر مدرب مغربي متوج بالألقاب والأوسمة.
 جمهور الحسنية الحالي نصب غاموندي الذي لم يفز مع الفريق بلقب وأفضل إنجاز له الصف الثالث ونهائي كأس العرش جنرلا لهم، نكاية في فاخر الشهير بلقب ووصف الجنرال الحقيقي بين كل المدربين المغاربة، وقاموا بوضع هذه النياشسن على كتف الأرجنتيني حتى و أن كان فاخر خلال آخر 20 عاما قد تصحل على 15 لقبا مختلفا مقبل صفر لقب لغاموندي، وإن كان يحق لهم وضع هذه الرتب العسكرية وفق هواهم، فأن المنطق والحلم الذي عهدنا به الحمهور السوسي يفرض مقابل كل هذا مسألة في غاية الأهمية وهي «إرحموا غزيز قوم ذل».
 أقول هذا لأن موجة الإحتجاج طالت فاخر يوما واحد بعد تعيينه، ولم تهدأ حتى بعد فوز فاخر في 3 مباريات متتالية واحدة أمم بني ملال وفي الجزائر بأن كان ثاني فريق مغربي يفوز بالجزائر بعد الماص وقبل الرجاء.
 ولم تهدأ رغم فوزه علي إينيمبا وعاد ليفوز أمام سان بيدرو واحتلال صدارة مجموعته في الكونفدرالية، ولتكون الحجرة الطائشة التي طالته لتصيب بالخطأ الإداري خالد السعدي على أننا بصدد رسالة تقرأ من عنوانها وليس من القفا وهي أن فاخر غير مرغوب فيه وإن كان سيفوز بكل الألقاب.
اليوم يغادر فاخر المدينة التي ظل يؤكد في كل خرجاته أنه إرتبط بها وجدانيا ويغادر المدينة التي قدم لها لقبين، وفي حلقه غصة وفي قلبه مرارة حزن كبيرين مرددا في كل ندواته «ماذا فعلت وما هو ذنبي في كل هذا؟»
 ذنبك فاخر أن اليوم أصبح هناك تويتر لا يغرد بل ينعق بصوت الغربان واليوم هناك فاسق بوق وليس فيسبوك وحمزة مون بيبي وغيرها من المدلهمات التي ابتلي بها العصر .
اليوم يترك فاخر الغزالة وقد عاقبته الجماهير بصفة الكابورال، لكن لا أحد سينزع عنه صفة الجنرال التي يلخصها سجله وتتويجاته...