بما أننا نحاول استلهام النموذج الفرنسي في كثير من مناحي حياتنا الخاصة، اجتماعيا وثقافيا وخاصة كرويا فحبذا لو تأملنا مثلا فرنسا عتيقا يقول «التشخيص السيء يقودك لتموت ببطئ بسبب تناولك الدواء الخطأ لفترة طويلة». ويقابل هذا مثل عربي شهير عندنا مقتضب جامع مانع «الوقاية خير من العلاج».
 فضلت أن أنطلق بهذين المثالين، كي أبرز فشل مقاربة الشغب أمنيا وإعلاميا وسوسيولوجيا في بلادنا وملاعبنا، ومع ذلك نُصر على اجترارها دون سعي خلف تعديل أوتارها.
 هذه المقاربة هي الدواء الخاطئ أو المنتهي الصلاحية «پيريمي»، وسبب هذا الإقبال على هذا الدواء هو أن التشخيص الطبي كان منذ البداية خاطئا بدوره ولم يحدد بشكل صحيح مكمن الورم الخبيث كي يتم إستئصاله
المقاربات ليس قميص مكتوب عليه «كلنا ضد الشغب»، وليست مناظرة تصدير المفاهيم الشفوية غير القابلة للتنفيذ والتطبيق، والتي لم تنجح لغاية الأسف في الحد من هذا التورم السرطاني الخبيث.
اليوم وبعد أن لبس كلاسيكو الجيش والرجاء السواء في كل أيام الله، من الخميس الأسود للسبت الأسود ومؤخرا الأربعاء الأسود، ينبغي أن نفكر بحكمة وبراغماتية في كيفية أن نضفي مسحة من البياض على كل هذه الهالات السوداء التي صارت مرادفة لهذه المباراة تحديدا.
 وبما أننا جربنا نظام الكوطة ولم يفلح إما بسبب جشع الفرق المستضيفة التي تطمع في غلة المداخيل على السلم الإجتماعي والأمان، ومعها جربنا الويكلو ولم ينتج حلا وجربنا تغريم الفرق ولم تردع كما ينبغي فإنه ينبغي علينا أن نطرح الحل، وفي تقديري الشخصي المتواضع وإن بدا للبعض هذا موقفا متطرفا ومتعصبا نوع ما ولا يحتمل أشكال الليونة: وهو منع تنقل جمهور الجيش صوب الدار البيضاء ومقابله منع حماهير الغريمين من لقاءات كلاسيكو العاصمة.
 قد يتساءل سائل وما ذنب الوداد والجيش في هذه المعادلة الوقائية، طالما أنه بين أنصارهما ود واضح؟ والجواب بطبيعة الحال لا يتغير عندي وهو أن المناصر العسكري الذي هلك في الذهاب بمنطقة الهراويين ٬ فإن تنقله كان لمتابعة لقاء الجيش و الوداد وليس الرجاء، وبهذا يصبح اختلاط أنصار هذا الثالوت مؤشرا على انفجار برميل بارود فعليا.
فمن غير المعقول أن يسمح لـ 7 آلاف من جماهير الجيش بالتنقل للبيضاء والعكس صحيح مع جماهير الغريمين، بما يطرحه الأمر من صعوبات جمة لاحتواء التحامهم أو إحتكاهكم؟
من غير المعقول أن يتم السماح لفلول وجحافل تناهز 10 من أنصار الوداد والرجاء لتتنقل على أريحيتها بين مختلف المدن، مع ما يطرحه الأمر من إستحالة تطويقها؟
وكي لا يرد علي أحد أن السفر والتنقل بين المدن حق دستوري، فأنا أضم صوتي لع لأقول له «سافر كي تشاء وفي أرض الله الواسعة، لكن باسم خصوصية المرحبة وطابعها الإستثنائي لن يسمح لك بولوج الملعب»
 في اعتقادي الشخصي أيضا هذه هي الوقاية التي تسبق العلاج، وهذا هو استباق البلاء وهذا هو توقع مؤشر الخطر كي لا يتفاقم ويتعاظم، لأنه لدى شعبنا ومجتمعنا المغربي خصوصية فريدة، تجعل من الأمن  والسلم الإجتماعي نعمة ينبغي صيانتها...
هذا الحق الدستور مكفول للجميع، لكن السلم الإجتماعي مكفول قبله وهيبة الدولة تتقدم هذا المسمى بالحق تجاوزا، وصورة الأمن المحصن والمحمي وليس رجل الأمن المنكل به والمضرج في دمائه، تفرض إجراء من هذا القبيل.
فلا الويكلو البئيس أنتج حلا ولا الغرامات جاءت بالخلاص٬ الحل كان و سيظل ليس احترام الكوطة التي لا يحترمها أصحابها من الأصل٬ الحل هو اللجوء لـ«للكي» و الكي هو منع دخول جمهور الجيش لمركب محمد الخامس والغريمين لمولي عبد الله حتى تهدأ الخواطر...أي مقاربة غير هذا هي ضحك على الذقون واستمرار لتعاطي نفس الدواء «الپيريمي»