أمست الظرفية تتطلب توحدا إستثنائيا وتعبئة غير مسبوقة في سجل الكرة المغربية، لدخول تاريخ الكرة الإفريقية والعالمية عاجلا في موسم لن يتكرر، ويصبح المغرب إنجليز القارة السمراء، بإكتساح كل الألقاب الممكنة على صعيد الأندية.
فما فعله عباقرة البرمرليغ الموسم الماضي بوصول 4 أندية لنهائيي عصبة الأبطال وأوروبا ليغ، وتتويج ليفربول وتشيلسي على حساب طوطنهام وأرسنال، ثم إنقضاض الريدز على كأس السوبر أمام البلوز، قادر على الإستنساخ إفريقيا بالطابع المغربي بنسبة مئوية وحظوظ كبيرة، لنشاهد ملك العصبة وأمير الكاف وسيد السوبر بثوب مغربي أحمر أو أخضر أو برتقالي، ويصير بالتالي المغرب البلد الوحيد عالميا بعد إنجلترا من يسيطر في موسم واحد على ثلاثة ألقاب قارية للفرق في جميع المسابقات الرسمية.
كل المغاربة يحلمون بنهائي بيضاوي وديربي القرن يوم 29 ماي القادم، بعد ضمان الحضور المغربي المؤكد في نهائي كأس الكونفدرالية بالعاصمة الرباط، وبالتالي مشاركة الغريمين معا في مونديال الأندية وكتابة أروع فصول تاريخ الكرة المحلية في الواجهات الخارجية، إضافة إلى رهان الظفر بكأس محمد السادس للأندية الأبطال من الرجاء، مما يعني أن كل البطولات القارية والإقليمية ستبايع بالإجماع السفراء المغاربة، في مشهد لن يصدقه العقل إن تحقق.
 هذا المشهد الذي نحلم به ونعتقد أنه في المتناول، سيسهل أكثر لو إتحد الجمهور المغربي عامة والبيضاوي خاصة لقهر العقبة الوحيدة المتبقية، والمتمثلة في الهرم المصري وفراعنة النيل الأهلي والزمالك، في معركتين تاريخيتين سيشهدهما الأسبوع الأول من شهر ماي المقبل، ذهابا بالدار البيضاء وإيابا في القاهرة، حيث الموعد مع صراع ثنائي مغربي مصري سيذوب فيه الإنتماء، وسيتم التخلي فيه عن العصبية والولاء الأعمى للنادي الوحيد على حساب الوطن.
 من سيقول أنه رجاوي أو ودادي ضد الزمالك والأهلي فهو مريض بالتعصب وفاقد للروح الرياضية والوطنية، ولا يستحق أن يكون سلاحا جماهيريا لإغتيال الإمبراطور المصري، خصوصا وأن أنصار الأحمر والأخضر سيجدون أنفسهم جنبا إلى جنب في شوارع القاهرة خلال مباراتي الإياب، لمساندة الغريمين في موقعتي الحسم في ظرف 24 ساعة.
 أتخيل منذ الآن مشهدا بمثابة الحلم لي وللكثيرين، أن يسافر الرجاء والوداد معا في نفس الطائرة إلى القاهرة، والشيء نفسه لجماهيرهما العريضة، حيث لا فرق في الإنتماء ولا مجال للإستفزاز والإصطدام، ولا هدف منشود غير التوحد والجلوس جنبا إلى جنب في اللقاء الأول ثم الثاني، ومزج اللونين بسلاسة ليشكلا في النهاية لوحة العلم الوطني، الذي من أجله يسعى الجميع ليكون في بوديوم النهاية ورداء الكأس.
 أعرف جيدا أن ثقافة «أولترا» تجرم هكذا هدنة وتعاطف وإتحاد بين أعداء المدينة الواحدة التاريخيين، ومن شبه المستحيل أن يرفع مثلا جمهور الرجاء والوداد تيفو واحد برسالة وطنية بعيدة عن «كلاش» التقليدي، لكن على الأقل لا يجب أن نسمع عن تمني هذا الجمهور علنا والفريق سرا لخسارة وإقصاء الشقيق الغريم، وأن لا يزرع أحدهم الألغام في طريق الآخر ويصبح أضحوكة للمصريين ومن حاملي صفة الخيانة، فمن يحب المغرب والدار البيضاء سيدخل إلى مركب محمد الخامس في يومين متتالين بدون لون، وسيطير إلى القاهرة لرسم لوحة تاريخية سبق وأن حضرت قبل عقدين في مباراتين لكأس العرش بالرباط، وسيتخلى بعدها عن الحب الجنوني لقطبي العاصمة الإقتصادية لدفع غزالة سوس أو البركان إلى نهائي الكونفدرالية، حينها سنكون كمغاربة قد دخلنا التاريخ وكسرنا المألوف وبعثنا رسائل الكرة والفن والروح الرياضية، وإكتسحنا إفريقيا فعليا ووضعناها تحت السيطرة، وصرنا في كفة واحدة مع إنجليز أوروبا.