مثل باقي الأسئلة الإستنكارية الأخرى التي لا تنتظر لها الأغلبية جوابا، قبيلة من تعلقت قلوبهم بالكرة وهو في غمرة حلوتهم الطويلة الحالية، وقد تحولوا لفلاسفة يمنطقون الأشياء ويقومون بتسعيرها السعر الذي يليق بها، يطرحون هذا السؤال الذي لا يملكون له جوابا، وقد صعقهم الآلماني يورغن كلوب بقوله «كورونا هي الفريق الذي تحكم واستحوذ وسيطر وسجل ولم نهيْ له خطة غير الدفاع وتجنب باقي الغارات».وكل يوم يتضاعف حجم الحيرة ويتراكم من خلال الخبط العشواء الذي يخبطه رؤساء الجامعات المحلية والقارية لتأكيد وتحديد متى وكيف سيعودون؟ 
في أنجلترا كما في إسبانيا يقترحون مباريات تجرى في مدار واحد، وقد تم إقتراح ملعب ويمبلي لإحتضان 5 مباريات إلى 6 في يوم واحد أو يومين ولنا أن نتصور هذا السوق أو بالأحرى هذا المعرض غير المسبوق، وأن تستقر الفرق في أحد المراكز القريبة منه تفاديا لكثرة التنقلات بين مختلف المدن، في فترة ما بعد الحضر والتي إن تخيل أي منا أنها ستكون على شاكلة ما حدث في يوهان الصينية، فهو وأهم لأن هذه المرحلة الإنتقالية ستشهد تدرجا قد يستغرق أشهرا بما يترتب عنه من عادات كسبها البشر، بحكم التطبع والتعود وعملا بمقوالإلة «الإنسان إبن بيئته» لأن هناك دراسة بريطانية تؤكد أن عادات المصافحة والإبقاء علي التباعد الإجتماعي قائما، ستندثر من ملاعب الكرة والتقليد الذي تعودنا عليه قبل المباريات. 
وحين يتحدث سكرتير «الكاف» عن ما طنت سباقا للإشارة إليه وقبل أسابيع، بتأجيل  المواعيد المتبقية من العصبة والكونفدرالية، لغاية غشت أو حتى شتنبر المقبل إن شاء الله، وهو ما يحيلنا على النسخ السابقة التي كانت تنتهي في نفس التوقيت قبل تنقيحها، أو أن استئناف الكالشيو والبوندسليغا والليغا قد يتأخر لغاية الصيف، دون الإستدلال بشأن صيغة إنهاء عصبة الأبطال أو اليوروبا ليغ، فهنا تصبح تلك النكهة والطعم والندية والتنافسي الذي كان يحلي كل هذه المسابقات قبل توحش الفيروس التاجي، قد تقلصت وتضاءلت أمام تحول سهم الأولويات صوب سياقات أخرى. 
لكل هذه الأسباب «الفيفا» مرعوبة اكثر من رعب أمريكا وبلدان الإتحاد الأوروبي بسأن انهيار اقتصاداتها، لأنها غدا أو بعد غد قد توقع إتفاقية هدنة من الخفاش الصيني لترمم ما انهار في صرحها، باسم المنطق المتوحش للرأس مالية ومصالح الوحوش الكبيرة في الساحة، بخلاف الفيفا التي توقن اليوم أن قطاع كرة القدم واحد من القطاعات بجانب الفن ستتعرض لانتكاسة غير مسبوقة، وزلزال مدمر بابتعاد الرعاة والمحتضنين الذين سيتحولون للإستثمار في قطاعات أخرى، ما بعد زمن كورونا. 
ولعل الهبوط الحاد في أسهم شركات عالمية أسيوية كانت ترعى الكرة و تستثمر في المراهنات وتجني أموالا طائلة من خلف جلدها المدور، كفيل بأن يبرز لنا مستقبل الكرة وما إن كانت ستواصل احتفاظها بنفس وصفها التقليدي «أفيون الشعوب» أم أن ضربة كورونا كانت موجعة وأصابتها في مقتل؟
لذلك تساءلت إن كان هناك طعم متبقي للمباريات و البطولات، وما إن كان ميسي و رونالدو ونيمار سيحافظون على نفس الشعبية؟ أم أن كورونا ستحمل بين ثناياها ريحا ستقود مبابي وهالاند وأرونولد ليقودوا قاطرة النجومية؟ هذه هي رياح كورونا التي هبت فاقتعلت احصنة من جذورها، واهانت كبرياء البعض ولم تكتفي بهذا الدمار والإستئصال فلم يعد للكرة طعم، وقد غيرت فينا حواس الذوق؟