أعرف حثما أن هناك فوارق أجرية ومنح غير منسجمة بين كل لاعبي البطولة بمن فيهم المحترفون الأجانب، وأعرف أن هناك أندية لها مداخيل من شتى القنوات ولها أرصدة في جانب الطوارئ واللحظات الإستثنائية، وأعرف أن من في الملعب لا يتقاضون رواتب دسمة بتلك التي يتناولها المدربون كما أنه حتى داخل النادي هناك طوائف من الأطقم والموظفين من كل المشارب التي تعنى بهيكل الملعب، وعندما ضربت جائحة  ‘‘كورونا’’ العالم باسره وشلت إقتصاده وزلزلت الأنفس وغيرت طبيعة الحياة الضوضائية إلى جحيم الصمت في الحجر الصحي، وعندما تأزمت وضعية الأندية العالمية بالرغم من سطوة ميزانياتها، وطالت أو مست حتى جيوب لاعبيها باقتطاعات وقع عليها خطاب الفيفا، وانساقت الأندية نحو هذا الإجراء لإنقاذ أزمتها من الإفلاس أولا في إمتصاص روح التضامن والتعامل مع الأزمة بضمير الإنسانية، وثانيا في تطويق صناع الفرجة في الملاعب كرأس مال يعتبر هو الرافد الأساسي لتقليص جذور الأزمة . 
ولم أستغرب مطلقا من تدافع كبار اللاعبين إلى صغارهم في الأندية الأوروبية عندما تولوا بأنفسهم سن الإقتطاع بلا رفض ولا كبرياء، بل وحرصوا قبل الإقتطاع بالمساعدة الطوعية كل من موقعه الإنساني في التعامل مع المؤسسات الخيرية والمستشفيات ورعاية الأسر المعوزة وغيرها من الأجراءات العفوية ومن دون استئذان، وكنت أعرف مطلقا أن هذا الوازع الذي عبر عنه العالم تلقائيا وجد ضالته في المرفق الرياضي بعد الإجتماعي والإنساني أو التكافلي، وطارد النجوم كل المواقع الحساسة لبناء صرح الحضارة السلمية والإنسانية لدولها ومن خلال صناديق دعم الجائحة، وأكثر من ذلك، هناك من هيأ الغلاف المالي لفريقه ومساعدة موظفي النادي الذين فقدوا رواتبهم وحتى مناصبهم. وهناك من أبدع في تحرير ضائقة الأندية. صحيح أن فوارق الميزانيات المالية للأندية الأوروبية والعالمية على حد سواء تختلف باختلاف جوهر السيولة، ولكن عندما تتوقف الحركة المالية بلا مداخيل جمهور ولا عائدات تلفزيونية ولا إشهار ولا إعلان وغير ذلك من الزحف الأوتوماتيكي  لاستثمارات النادي، يتوقف الصنبور أيضا على كل شرائح النادي وليس هناك من يؤدي المال بلا شغل بهذا المعنى. 
طبعا، لم تكن الضريبة سهلة، لأن أجور لاعبي الأندية المحترفة بأوروبا وبقية العالم عدا دول بعض القارات التي لا تقر ضريبة على الدخل، مست من جانب السخاء التضامني الأول على مؤسسات الرعاية الإجتماعية والمستشفيات وغيرها، ثم عادت لتمس داخليا بأنديتها على مستوى رواتبها طبقا لقوانين وضعت لحل الأزمة وبنسب مائوية لا تقل عن خمسين في المائة كل من موقع الإقتطاعات حسب سلم الأجور، ولا زالت قائمة حتى الآن في الدول الأكثر تضررا من تبعات الجائحة إستنزافا ماديا ومعنويا ونفسيا. 
وكنت أعرف مطلقا أن الأندية المغربية والمنتخبات وجل الفروع الأخرى سيمسها داء الإقتطاع ولو أن الفوارق مختلفة في سياقات نظام الأجور لدى الأندية كل حسب ميزانيته في التعامل مع الأزمة ومع أخطر المشاكل الكبرى للأندية التي لها ديون ومستحقات بأشهر يجب أن تؤديها للاعبين، فكيف إذن ستؤدي «كورونا الديون» قبل أن تقتطع من الأجور إن توفرت السيولة، وأعرف حثما أن هناك أندية تعيش اليوم على حافة الإفلاس من قبيل إتحاد طنجة والمغرب التطواني وحسنية أكادير وغيرهم حتى من الفرق الصاعدة التي لا تتساوى في الميزانية مع الفرق الكبرى أو المحتضنة. ولذلك أقول  أنه حتى بالقسام الدنيا، كيف ستتعامل  الأندية مع اللاعبين من وجهات أجور تقل بكثير عن البطولة الأحترافية الأولى مع أن الفقر والحاجة تبدو ظاهرة بمنطق القراءة لدى فرق تموت تدريجيا ؟ 
أعرف حقا أننا في فترة إستثنائية ، والحركة ميتة مطلقا، والبطالة متفشية، ولكن من الواجب قراءة الأشياء من موقع مساعدة الأندية جامعيا وبدرجات يفترض أن يكون فيها الدعم كبيرا أو متساويا مع الأندية الغنية، وما ظرفية هذه الجائحة إلا دليل قاطع على أن الفقير لا يمكن أن تمس جيوبه على الإطلاق لأن هناك لاعبين يعيلون عائلاتهم واسرهم وبأجور لا تقل عن ألفي درهم، فكيف يمتص من جيوبهم وهم الأولى بالدفاع عنهم والتضامن معهم ؟  
وما أعرفه أن الإقتطاعات التي همت مدربي المنتخبات والأندية واللاعبين الأغنياء وغيرهم لابد أن يفرز لها صندوق خاص بدعم الأندية المتهالكة وما أكثرها من الدرجة الثانية إلى الهواة. أما وأن يفرض على جميع الأندية الإقتطاع، فلا أراه منصفا لأنه سيضرب عيش الكثير من الأسر التي تعيش على لقمة الفريق.