حتما، لن يكون عدلا على الإطلاق إلغاء البطولة الإحترافية على هذا النحو المعاق رقميا وبامتيازات بعض الأندية على أخرى على مستويات المؤجلات واستقرار آخرين في برج الكمال، ولن يكون من الإنصاف تمطيط أو تمديد الإنتظارات إلى حين الإعلان عن نهاية الحجر الصحي، والأندية جميعها في حالة من الإستعصاء النفسي قد يكون من عواقبه استفحال ظاهرة الإكتئاب حتى في معطاها المادي والتعايش مع الوباء باستهلاك دون انتاجية كما هو محمول اليوم في بيوت حجر غير مؤهلة لتصديق المران الجاد لأي لاعب كان دون أن يكون في فضاء مسموح له بالمران الجماعي.
وإن كان الحق في وضع المقارنات بين "كورونا أوروبا" التي حصدت الآلاف من الأرواح، وبين "كورونا المغرب" التي أوقفت مد قتلى الإصابات بشكل استباقي، استطعنا القول فيه أن ظل الأطياف الرجولية ساهمت في هذا النجاح كل من موقعه الخاص في عملية الإنقاذ، نستطيع القول أن أوروبا عاكست مواقف المغرب رياضيا، واستجابت حكوماتها مع رابطاتها الرياضية قبل أسابيع في اتخاذ القرارات الجريئة باستئناف البطولات تدريجيا مثلما تدرجت القرارات في رسم العودة التدريجية للتداريب عبر مجموعات صغيرة وبعدها إلى مجموعات من عشرة إلى أربعة عشر لاعبا، وآخرها بفريق كامل، فأين هي جامعة كرة المغرب من هذا التقليد في دول مهدت إلى رفع الحجر الصحي برؤى جريئة لا تقارن بأرقام المغرب؟ 
طبعا كل الدول العظمى بأوروبا، لم تستهجن الوباء، بل أذاقها مرارة الحزن العميق على كل الأصعدة، ونال منها الفيروس إلى دواخل الأندية، ومع ذلك انتصرت للأهداف وسارت نحو إعادة الانطلاق، بل وطارت ألمانيا بأربع دورات مسترسلة دون أن يعيث فيها الوباء، وربحت شهرا من المباريات، وقدمت للعالم رسائل مشفرة في التعايش مع الوباء حتى وإن ظل متفشيا، والمباريات تلعب على نحو احترازي غاية في الحرفية وفي كل الملاعب دون احتجاجات ولا منكرات ومن دون جمهور وبتوافق مع كل السلطات، وحتى وزارة الصحة صاحبة القرار في إعطاء الضوء الأخضر، فأين هي جامعتنا من هذا التقليد أيضا على الأقل للتحضير المنهجي والتدريجي للتدريبات الجماعية للفرق المغربية؟
ما العيب في أن تصدر الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم قرار العودة التدريجية إلى التدريبات الجماعية في ظل صياح المدربين والمسيرين بإلغاء البطولة لكون العودة بعد ثلاثة أشهر سيصيب الأندية بخوف العودة من النقاهة وصعوبة التحضير المفترض أن يكون على الأقل لشهر واحد، وما العيب في أن تتشاور الجامعة مع الحكومة ووزارة الصحة باتباع البروتكول الصحي الذي تعاملت معه الأندية الأوروبية بصرامة دون زيغ ولا مشاكل ولا إصابات؟ والحالة هاته أنه قيل أن الجامعة المغربية لا تتحمل أي مسؤولية بخصوص عودة التدريبات الجماعية، ولم تعطِ الضوء الأخضر لأي فريق، إلا إذا أعطت الحكومة المغربية والمختصين في الصحة، الحق لحسم أي قرار.
وما القصد عند الجامعة في أن تكون العودة الى التدريبات الجماعية، بطريقة مدروسة ووفق شروط كثيرة ما دامت اوروبا من خلال متابعتنا اليومية لكل كبيرة وصغيرة على الوباء وحرص الأندية في اتباع القواعد وشروط التباعد الاجتماعي قد فعلت كل شيء ولم تترك ثقب إبرة يمر عليها بالأخطاء المفترضة، لأن كبار مسؤولي الجامعات والأندية حصنت نفسها بالبروتكول الصحي في كل شيء قبل أن تمر تدريجيا الى التداريب الجماعية بترتيبات منهجية قبل أن تعطي الضوء الأخضر للإلتحامات والصدامات مثل إنجلترا الأكثر تضررا من الوباء مقارنة مع تركيا وإسبانيا والبرتغال وإيطاليا؟ فأي شروط مدروسة تعنيها الجامعة، ما دامت أوروبا سبقتنا في استعراض الشروط المتكاملة للبروتكول الصحي؟ 
سمعت أيضا أن هناك خطط ستدبرها الجامعة في احتضان جميع الأندية وفق نقط معينة في خريطة الجهات، ولكن كيف لهذه البؤر أن تجمع الأندية بسذاجة لتنفق أموال الفنادق والملاعب وغيرها، بينما أوروبا تحصنت ملاعبها بنفس البروتكول الصحي دون خسائر في التنقل وتبعات النفقات، وكل الأندية الألمانية لعبت في ملاعبها من دون جمهور ومع احتراس كبير وقوي، فلماذا لا نعتمد هذا الواقع وبنفس ما ستدخله البرتغال كثاني دولة في اعادة انطلاق البطولة، وستوازيه اليونان في السادس من هذا الشهر، والليغا في الحادي عشر من يونيو وهكذا دواليك لدى الطليان وانجلترا، فأين هي المشكلة؟ أم أن الخوف الكثير من الوباء هو من يقصي عملية الإجتهاد والتقليد الإيجابي لمعركة انتصرت فيها الشعوب المتضررة أكثر منا بأضعاف وأضعاف من الوفيات والإصابات والشفاء، وانطلقت في النهاية لاستكمال مشروع إعادة انطلاق الكرة والرياضة بصفة عامة.
أعتقد أن المغرب إنتصر استباقيا، والأرقام هي التي تحكم، والوباء ما دام ساريا من دون علاج علينا أن نتعايش معه بالحماية وقوة الإرادة والبقاء لله، والحياة أكيد ستستمر، ونريد أن نعيش لغدنا ولأولادنا ولإيماننا بقدرة الله على الإبتلاء، ومن يدري قد يأتي وباء آخر ربما غدا أو بعد عشرات السنين.