حجر فوق الحجر يثقل الظهر، بل يقصمه ويضني الخاطر وما أحوج الخاطر في هذا الزمن المستجد، لما يثلج الصدر ويرفع عنه الضنك الذي تلبد وتمدد... 
تابعت وأتابع كل يوم  عشرات التحاليل، ومثلها فتاوى وتنظيرات منها ما يتحدث عن الجائحة وتأثيراتها الإقتصادية، ومنها ما يغوص في لغة الأرقام وانتكاسة البورصة وتهاوي سعر البترول الذي أصبح سعر برميله يعادل «سلة باكور» عندنا، لغاية تداعيات هذا الجند الذي يعلم الله وحده ماهيته وحكمته ومقاصده، على لاعبي الكرة و فرق الكرة ومدربي الكرة وصحافة الكرة.. 
بين هؤلاء، ما رمقت ولا أصغيت السمع لمناظر سيكولوجي أو لعالم نفس يتحدث عن الأجنحة التي تكسرت، والمعنويات التي انهارت والأنفس التي اكتأبت والعياذ بالله، إلا من رحمه الله وقذف في داخله طمأنينة وسكينة عدا بعض الفقهاء وعلماء الدين الذين يظهرون بين الفين والآخر، ليبشروا ولا ينفروا، ويؤكدوا على إحتساب كل الذي حدث خيرا.. 
وحين تتكدر الأحوال، وتكبر الهواجس  تتعاظم الإرهاصات في هذا الزمن المستجد، فهنا يكون الكيس الحليم والحكيم حتى، هو من يفطن لهذا الوضع فيبادر لرفع وجع الإنتظار عن المترقبين، وأعني تحديدا ما يمثله الترقب «الهيتشكوكي»  أو انتظار حبكة هذا الفيلم كيف ستنتهي كما كنا نترقب أفلام «أغاتا كريستي» من إرهاق واستنزاف للطاقات. 
لا أحد منا يملك إلا أن يبارك أي قرار يحمل على السيادية، ولا يوجد منا من يقايض مصلحة الوطن والأفراد بما سواها، لكن  فصل المقال في حكاية هذه البطولة التي بدأت غريبة وتنتهي أغرب، فيه حكمة بالغة وسيكون قرارا راجحا ينبذ كل الهدر والتراشق والتنلاسن الذي نلمسه اليوم في منصات التباعد الإجتماعي. 
لذلك وجدت فيما قاله محمد مقروف مستشار لقجع والمتحدث باسم جهازه، وهو يؤكد أثيريا على أنه كان سهلا على الجامعة أن «تجمع وتطوي» وتعلن قرارها  بإعلان «الموسم الأبيض»، لكنها اختارت الرهان الصعب، رهان الترقب والتريث وانتظار ما قد تجود به الأيام ورحمة من يداولها بين الناس. 
قال مقروف: «قرار تعليق النشاط هو  قرار سهل جدا بل هو قرار كسالى لا يرضينا»، وحين عالجته بسؤال يقوض كل الغموض الذي تجلى أمامي من  هذا التوصيف والإستعارة، ومن هذا الإسقاط الساخر، أقنعني  بإجابته: «موسم أبيض هو أهون القرارات لا تستبد بالجميع قوة قاهرة بمثل هذه الهزة الإرتدادية التي أحدثها الفيروس، لكن إيمانا بإنصاف من اجتهد وناضل وعرق في هذا الموسم، ارتأينا التريث وانتظار قرار الحكومة، مهما كان ثقيلا على الأنفس، تحمل لوعة هذا الإنتظار». 
وكي تتضح الصورة أمام من لم يتابع واقع البطولة ويفصل اليوم فيها ويخيط كما يحلو له، فالبطولة قبل كورونا كانت مبرمجة لغاية الدورة 24 وبعدها تتوقف ليسافر المحليون صوب الكامرون، وقبل أن تطالعنا الجامعة تنزيلا لقرار سيادي حكومي بإعلان توقف إضطراري فرضته الجائحة. 
وفي عرف من درسوا القانون ومن نهلوا من معين التشريعات، فما ألغي بمرسوم لا يعود إلا بمرسوم مثله لذلك الحكومة التي أوقفت البطولة هي المعنية اليوم بعودتها. 
الحكومة هنا تتحول من سلطة تنفيذية لتشريعية، والجامعة تركت سلطتها التنفيذية لتصبح  بدورها مشرعا لا غير، قدمت برتوكول العودة وأبدت تحمسها لذلك، وتترقب التنفيذ من أصحابه، وتغير هذه الأدوار هو من صميم المرحلة التي تسمى  ب «حالة الطوارئ» ففي الطوارئ تسن قوانين وتتعاظم سلط، وكل ذلك من أجل الصالح العام. 
وكما قلت سابقا في ملف عودة البطولة، أعود اليوم لأؤكد منطلقا من «سال المجرب لا تسال  متطفل» فلا أحد اشتغل أكثر منا داخل هذه «الجريدة» على بطولات وليس بطولة واحدة بملفاتها ومبارياتها وأرشيفها، لذلك  نحن هم ذلك الرقم المهمش ضمن معادلة النقاش الدائر اليوم حول عودتها واستئنافها، لذلك نقول وقد أرهقنا الترقب والإنتظار لأصحاب الحال.. «طلقونا للفراجة باش ما كان».