إمتثلنا وتوحدنا في صف الطوارئ.. وقلنا فداك يا وطن.. 
أقفلت أبواب المطابع لزمن نضب فيه صنبور الفرج ، وضغط زر الضغط على النفوس والمسؤولية وصناع قرار المقاولة، ونامت المطابع على وجع الإفلاس، وتوقفت موارد الأكشاك، ونام الإعلان على وجع الكساد،وقاتل أضلاع الكلمة مع الرجال دون توسل، وأضحى القارئ بلا زاد في زمن صمت الطوارئ.. وقلنا فداك يا وطن.
ودارت عقاربِ الساعات عنيدة وقاسية طيلة أربعة أشهر من الحجر والصبر.. ولفنا الزمن الغادر بقصيدة وباء أريد لها أن تكون رثاء أزمة على القلب والروح والضمير والجيب، ومع ذلك كان لصناع «المنتخب» كلمة الرجال وكلمة المقاومة وكلمة صناعة القرار، وهي أن نموت معا في سفينة واحدة أيا عاث التيار المضاد أمام المسير، وقلنا فداك يا «منتخب».
قاوم الرواد بؤرة الأزمة بلا زاد، واقتسموا الطريق بحثا عن الكلمة الصادقة و"الدرهم الحلال" والموت أمام الإعصار لتظل "المنتخب" واقفة بالجسارة والإيمان بالله رغم الأشواك الدامية وغدر الأعداء وخبث الماكرين وسيف الحاقدين، وناضلت الأقلام بصدقية المهام من دون أن تتأفف ولا أن تضع الرجال في جحيم المعاناة لكونها لم تمس مطلقا في جيوبها عسى أن تكون الأمانة وفية لأصحابها وبزيادة، وقلنا فداك «يا منتخب».
لا أنكر أنني عشت لثاني مرة في حياتي نبض هذا المغص مع صناع "المنتخب"، وسجلت تاريخا مريرا بين أزمة الخليج وسطوة عز نخوة الصحافة الرياضية بمقدس الكلمة والكبرياء والكرامة التي ظلت إلى اليوم لا تزحزحها شراسة الغدر، ووقف الرجال صامدون أمام الحركة الخامدة، وطاردوا العناكيب في كل مكان، وظلت نخوة «المنتخب» صامدة بأقلامها التي أضحت منذها إلى اليوم سيدة الأقلام في الوطن والخليج، وقالوا وقتها فداك يا «منتخب». 
واليوم أريد لي أن أعيش مع جيل آخر من الشباب، أزمة أخرى من وحي الإبتلاء بفيروس كورونا، ولكن لله شأن وقدرة على الإبتلاء، وجاءت الضربة قاسية حتى العظم لتغير منطق الحياة، ومنطق شراسة العولمة، ومنطق الذكاء التكنولوجي، وتثاقل سيرورة الصحافة الورقية، وأقفلت البلاد كل المعاقل في طوارئ قتال من أجل العيش والموت وقوفا أمام فراغ لا بد أن تحييه لتعيش، وجاءت الأزمة لتغطي تمديديا شهورا من القحط وصناعة الحدث بلا فتات، ووقف رجال "المنتخب" شرسون أمام الأزمة في أكبر تحدي تاريخي لنشر الكلمة والصدقية في التعامل مع الأزمة والإعلام الرياضي المحترف وفاء لقارئ عاش معنا من سن المنتخب إلى اليوم، ومن أجيال تربت على ثقافة رياضية وأسلوب راقي وتمثيل عربي في كل القنوات افتخارا بسمعة المغرب، وكانت النتيجة أن عاشت المنتخب بأرقام قياسية في المتابعة الإلكترونية لتؤكد لقارئها مدى الإحترافية في التعامل مع الأزمات وإن كان الصنبور المادي عقبة مريرة في حياة المقاولة الإعلامية خلال هذا المنعطف الرهيب والعصيب الذي عاشه الزميلان مصطفى بدري وبدرالدين الادريسي حتى وصل الهم الى العظم، ومع ذلك سنعيد القول فداك يا «منتخب».
اليوم، ستتغير الاشياء وسنعود الى قرائنا في معمور المغرب كما اعتدنا الدخول الى بيوتهم بالحب السرمدي، وسنغزو قلوب جيل جديد إستأنس بنا إلكترونيا، وسنحيي الذاكرة بعودة الحياة إلى طبيعتها ولو أن الأزمة لن تزول على الإطلاق، ولها عواقبها ونتائجها العكسية، ولكن مع قرائنا سيزول الهم لأننا عشنا أحياء في نعوش جاهزة للدفن وقت المحنة، وخرجنا من النعوش لنعيش لكم من جديد، فأنتم سندنا وقوتنا التي نمشي بها ونظل واقفين من أجلكم، وفداكم لنا مع «المنتخب». 
لم يكن من السهل أن تراكم صحراء قاحلة من الأحداث الرياضية في زمن الوباء، وتتقيأ الإبداع الإعلامي الرياضي بما لا يقل عن ستة عشر صفحة دون أن تتوقف "المنتخب" عن النشر مطلقا، وانغمس الرجال من القمة إلى القاعدة في تملك أضعاف العمل كل من جيبه الخاص في التواصل والحوار والتحليل والبحث عن الخبر الوطني والدولي وغير ذلك مما تمليه ضرورة الأزمة للقتالية في التعامل مع المواد والمواضيع وأحداث الساعة، ونجحنا بحمد الله في مهمة المقاومة التي عرفنا بها في سبيل القارئ والوطن، ومع ذلك نقول فداك يا وطن، ونعيد الثانية فداك يا «منتخب».
نهاية، سيكون من المجحف أن لا تنصفنا الهيئات الخاصة بالإعلام العام للدولة، ومن المجحف أن لا يكون دعم صندوق كورونا حاضرا في محنة المقاولة الإعلامية، فكيف نعود اليوم أمام شراسة المطابع وغياب الإعلانات وغيرها من المختلفات من دون أن يكون سند الدولة قائما في اتجاه كساد؟ فهل نعود لنقول فداك يا وطن من حيث بدأت الجائحة والطوارئ التي امتثلنا لها في البداية لتكافئنا بالقول فداكم  يا «رجال؟».