هي هكذا كرة القدم، مجبرة على انتظار السقطة من عرش اللقب للأندية العملاقة، وعندما تربع حكيمي مع بروسيا دورتموند خلال الموسمين الماضيين على عرش البطولة لمدة طويلة، كان الفارق متباعدا بينه وبين الباييرن، ولكن عندما تهاوت لذة البقاء والمعاناة في الصدارة ضاع الحلم  وتطاول الباييرن على السيادة وانتزع التاج من حرقة الاآخر في موسمين متواليين، وانتشى ملوك البايرن خلف الستار بقصة رعب مطلق كان يراه بروسيا دورتموند يتهاوى تنقيطيا كلما انتكس، وهذه القصة بدأت منذ العام ما قبل الماضي عندما أخل بروسيا دورتموند بطبيعة التمسك باللقب قبل أن يمنحه للبايرن فوق طبق من ذهب، دون أن يتلقى الدرس جيدا، لأنه سيعيد اللقطة والسيناريو والإستقالة ذاتها في الموسم الحالي بسحق بافاري غادر وموضوع أمام أعين زملاء حكيمي شكلا ومضمونا حتى بعد الحجر الصحي، وغدتها أيضا عاصفة سطوة البايرن في عقر الجراد الأصفر.
وهذه القصة التي يبني عليها عظماء الكرة وحي السطوة على الأحداث، لا تبدو عادية في نظر من يبني لمشروع البطل وأهداف الفريق العملاق، بل تبنى من لذة المعاناة أيضا، وانتظار سقطة تباري الأقوياء لتباشر قيمة المصادفة مثلما يتلوى الثعبان على الفريسة لقتلها قبل أكلها، والبايرن تفاعل مع هذه اللذة في الضغط على بروسيا دورتموند كل من طبيعته الخاصة في قراءة العودة إلى التنافس من وجهات مختلفة للتحضير، وهذا القول ينطبق كذلك على الليغا بسمات صقرين ظلا لزمن بعيد حكرا على الالقاب الإسبانية، والريال عندما باغث البارصا بالضغط والمناوشة على الصدارة، كان يتلذذ بالمتابعة وانتظار سقطة البلوغرانا حتى يتلوى عليه بلا رحمة ويهرب بأفراح الإنفراج، وعندما سقط البارصا في المحظور، كان زيدان سابقا يخطط لبقية ما بعد الحجر وكأنها مباريات نهائية لكأس العالم ومن دون أن يسقط في حضن التعادل لإهدار النقط، شريطة انتظار سقطة البارصا المنتظرة في خضم مشاكل تقنية بدت من اللاإقناع ادائيا قبل أن يهتز في ثلاث مباريات أضاع فيها ست نقاط أمام اشبيلية وصلطا واتلتيكو مدريد ، وهو الذي تربع على عرش الليغا قبل الحجر بنقطتي فارق، قبل أن يخضع للتنازل والتناحر بأربع نقط يصعب استردادها جملة وتفصيلا. 
وهذه الضربة الملكية، لم تكن وليدة هذه اللحظة، بل خطط لها بقراءة مسار البارصا مع الاقوياء مقارنة مع سهولة التعامل النادي الملكي مع مبارياته العادية، ومجرد ضياع نقطة أو نقطتين، فتعني أن الموسم أضحى ملعوبا عليها، وربما انتهى لأن ما أضاعه البارصا خطط له الريال بالقبضة الحديدية بعيدا عن كل ما قيل عن الأخطاء التحكيمية والمحاباة التي انتفع بها الريال في الجزاءات وصدمت البارصا في بعض القرارات المضادة، ولكن ما هو بديهي، أن لذة المعاناة في الوصول الى الهدف وبخاصة في كرة القدم، تبدو جميلة وتفاعلية مع الذات ومع قلوب الأنصار وحتى مع صراع الصعود إلى القمة بوثيرة اللاتوقف وعدم النظرة الى الخلف حتى لا تجبر على دوران الرأس عندما تكون عاليا وتسقط لردة فعل النظرة.
ولذة المعاناة لدى زيدان، تبدو حاضرة ليس في مقاومة تيار المطارد، ولكن في تناول المباريات كل ثلاثة أيام في واحدة من أشرس البرمجة المعاصرة لكرة القدم ، وفي قصة غريبة ومختلفة في التعامل مع المباريات ومع الخصوم كل من موقعه الخاص سيما من جوانب الفرق المهددة كاسبانيول التي تعذب معها زيدان في تقمص الفوز الصعب ، وكذا خيطافي الذي يلعب على الواجهة الأوروبية، ورغم ذلك، تعلق زيدان بحلاوة المعاناة الرقمية في جذب الإنتصار، ومقاومة المباريات الملعوبة كل ثلاثة أيام، وتدوين معلقة «لدينا مباريات نهائية متبقية للوصول الى الهدف الاسمى».
وهذه اللذة التي يرويها زيدان، هل هي التي ستكون مجسدة في فكر مدربي الأندية الوطنية عندما تنطلق البطولة على أوتار متقطعة لسياقات المؤجلات، قبل العودة إلى التنظيم الجماعي لبقية المباريات؟ وهل سيستغيث المدربون والأندية بمعضلات البرمجة والشكاوى؟ وكيف سيخططون للمداورة الذاتية للاعبين كل من موقعه الخاص في طبيعة المجموعة؟ وهل سيتلذذ المدربون بمثل لذة زيدان أو غيره في التعامل مع اللقب؟ وهل سينجح الجميع في بلورة التعامل مع البرمجة المختلفة التي عاشها زيدان وغيره في البطولات الأوروبية على نسق خاص، وكل من موقع بطولته التي تلعب على 38 مباراة أو 34 مباراة، ونحن في سياق 30 مباراة؟ فهل يقدر لاعبونا على استجماع هذه اللذة المختلفة لأرجل لا تختلف عن أرجل أوروبا إلا في طريقة الإحتراف الصارم واللياقة البدنية العالية والذهنية في التعامل مع المباريات والخصوم، سؤال سننتظر الإجابة عليه أمام مسؤولية صعبة في صيف حارق، ولكنه ليس ذريعة للإختباء والتهرب من الحقيقة.