عندما خلق يوسف النصيري الحدث في نهاية الأسبوع الماضي بعد كسره لحاجز صمته عن الأهداف منذ عودته من الحجر الصحي، وسجل هدفا رائعا بمرمى مايوركا من تسع مباريات مرت كالجحيم، كان هناك ما يدعو الرجل إلى الإنقلاب على الوضع النفسي المحيط بالمباريات، ذلك أن الوضع الطبيعي للاعب في حصص المران أهله في غير ما مرة لدخول مباريات الليغا بشكل اعتيادي، لكن هذا المعطى تغير مع مطلقا على مستوى مؤشرات ونتائج ما يفرضه على واقع الرقعة سواء تعلق الأمر بالدخول رسميا أو جزئيا، صحيح أن يوسف ما زال في طريق التآلف والبحث عن هوية الأسلوب بإيعاز من اكتشافه نوايا فريق إشبيلية أقوى فريق في مساره الإحترافي بعد مروره من الأندية المتوسطة من قبيل مالقا وليغانيس، وهذا التحول الإستراتيجي يرمي إلى القول أن النصيري، لن يجد الأرضية سهلة في امتصاص الأهداف بإشبيلية، لأن التحكم في الأهداف ينبغي أن يكون ذا جهد كبير في التداريب، وذا بعد في التناغم مع صناع اللعب أينما حلوا عبر مواقع الهجوم، وينبغي أن يكون ذا طبيعة تنافسية بينه وبين القناص "دي يونغ" الذي يؤهله المدرب لوبيتيغي أكثر من النصيري. 
وهذه الأسلاك الصعبة، وإن وضعت اللاعب المغربي في مأزق الشراسة على المكانة، فقد أهلته نسبيا في التعايش مع أوضاع المباريات المختلفة ذهنيا منذ يناير الماضي إلى اليوم وبمعزل عن العطالة التي أبعدت فرق العالم عن الكرة بسبب تفشي وباء كورونا، وحصيلة الأهداف الأربعة التي سجلها في ستة عشر مباراة وإن كانت ضعيفة، لا ينبغي تجريدها من حضور الرجل لأنه من ضمن هذه المباريات، لم يلعب سوى ست مباريات كاملة بعضها كان متأرجحا بين الإقحام أو عدمه، والبعض الآخر كان جزئيا وبالتدرج حسب السياقات التي تجعل من المدرب عنوانا للثقة في زمنها وموقعها، ولذلك عاش النصيري أوضاع التحول الى اشبيلية بشكل صعب جدا ، لأنه من غير المعقول أن تكتشف نفسك تلعب مع فريق عادي ، وتصبح لأشهر قليلة تلعب مع فريق عملاق يصعب التناغم فيه بسرعة الإنطلاق، وهذا ما وضع النصيري في علبة الصمت التهديفي سيما بعد العودة من الحجر الصحي لوقائع أخرى بدت ملموسة على واقع حضوره المعقد نفسيا أمام المرمى. 
وما عاشه النصيري خلال هذه العودة وإن كانت صعبة ومفاجئة على سائر مدربي العالم بواقع ثلاث مباريات في الأسبوع، عقد نفسيته في التواصل مع المباريات الرسمية ولو أنه كان ألمعيا في التداريب اليومية وحماسيا، لكن ما ظهر أن النصيري سواء لعب رسميا أو جزئيا، لم يعذ الإضافة التي تحرره من الصمت لكون أضلاع من يشكلون صناع اللعب من الاطراف (أوكامبوس في اليمين وطوريس في اليسار) وبانيغا وجوردان، لا يميلون أكثر الى النصيري  وتسليمه كرات الأهداف، بل يستغلون طرق التعامل مع دي يونغ أو مع أنفسهم لصناعة الفوز، فقط يظهر منير الحدادي صانعا للدور القيادي في التعامل مع النصيري إن تم إلتقاؤهما معا، ولو أن هذا الأمر لا يطرح عادة في اختيارات المدرب، وتلك كانت ضريبة أدى ثمنها النصيري كثيرا سواء في حكم المداورة أو الحضور بلا روح لكون لاعبي إشبيلية لا يلعبون كثيرا على القناص النصيري مثلما كان الحال في زمن كانوطي هداف إشبيلية في عصره الذهبي. 
وعندما تحرر النصيري من عقدة الصمت أمام مايوركا، لم يكن الهدف قائما من صناعة هجومية وبهدية ملموسة من الأسماء المذكورة، بل جاءت اللمسة من عرين بونو وبتمريرة عميقة دعت الرجل إلى استقبال رائع وتوقيع مغاير ومن بعيد قلما سجل بهذه الطريقة التي حاذت عن صواب ما يتواجد من أمهر اللاعبين بإشبيلية  دون أن يقدموا للنصيري هدايا الختم، وما أعتقد أن يكون هناك تحايل بين اللاعبين لعدم إبراز نجمية النصيري، لأنه لو تغدى بصناعة الأهداف حتى ولو كان أوكامبوس رجل الأدوار الهجومية هو هداف الفريق ب14 هدفا، لكان  النصيري خلال هذه الفترة هدافا للفريق، ولكن مع ذلك يمكن اعتبار انتفاضة النصيري في قالبه الجديد تحريرا نفسيا وذهنيا، لأن الرجل عاش عقدة نفسية خلال هذه المرحلة، ولكنه ختمها بترسيم فريقه الأندلسي حاضرا في عصبة أبطال اوروبا، ولذلك يمكن أن نعتبر حسم النصيري في موقف نهاية الليغا على بعد دورتبن بميلاد جديد قد يضع اللاعب خط ناعم نحو الثقة أمام المرمى، وما زالت أمامه مباريات عالمية لمواصلة هذا الزاد في أفق انطلاق موسم جديد استشف من خلاله رواسب تعاقد وتعارف ونجوم على غير العادة التي لعب فيها مع فرق متوسطة.