من عرش العمالقة إلى بؤرة الجحيم، هكذا سقط الدلال البرشلوني إلى الإذلال والإهانة والسخافة واقسى العبر الهجائية أمام سقوط شاهد على التاريخ مجددا بعد مرور سبعين عاما عن نفس الجحيم الذي تلقاه أمام اشبيلية بالثمانية. وجاء الزحف الألماني من بايرن ميونيخ ليكرس الصدمة بحصة واحدة كررت نفس الغطرسة عام 2013 عندما فرض السباعية من لقائي الذهاب والاياب عن نفس النسخة، والكل شاهد على هذه المهزلة التاريخية لانهيار واحد من أفضل أندية العالم. طبعا ما كان على الفريق الكاطالوني أن يفرض نفسه على البايرن لأنه انحنى أمام مشاهد استسلامية من كل النواحي، واعتبر نفسه فوق الكل لانه يلعب كرة راقية بدت خلال السنين الاخيرة مفضوحة. وأبدا لا يمكن أن تظل كاسبا للنهج والقوة والمهارة ما دامت البارصا خسرت امام البايرن بأعثى النجوم بكزافي وانيسطا بالسباعية، لأنه سيأتي من يقهر هذه القوة بالقراءة والضد مجددا وبعد  مرور سبعة أعوام، ومن خلال الفريق البافاري بالثمانية ويرفع الغلة في ثلاث مباريات تاريخية ب15 هدفا يجب أن تحلل بالمضمون والمرموز أساسا.   
ومن الغرابة والسذاجة أن يزحف البارصا ويستقيل كليا في المباراة بلا روح ولا قوة ولا صلابة ولا هم يحزنون، ومن الغرابة أيضا أن ينزل الكطلان من عرش الدلال إلى الإذلال والإهانة التي تعطي لأي فريق أو أي إنسان مغرور هذا النمط من طأطأة الرأس، بل ومن البديهي أن البقاء في القمة لا يظل سائدا عبر التاريخ، بل موضوع في أي لحظة أمام السقوط المهين. وأعتقد أن ما فعله البايرن للبارصا كان إهانة علنية لسلة كادت تزيد الفضائح عارا لو سجلت الأهداف التي تصدى لها تيرشتيغن أو ضاعت من دون الحارس، والحصيلة كادت تكون قصيدة هجائية من لسان سليط، ولكن البايرن صان الود ورضي بالثمانية لكونها قفة غدائية بتنوع خضرها، مع أن واقع البايرن كان ناقما على أوضاع عالمية البارصا، وبدا منفذا لإنزال الكطلان من عرشهم الشوفيني بأبشع الطرق المدمرة.  
ومن الغرابة أن يظهر الكطلان كتابا مفتوحا على كل الواجهات التي عبر منها وكأنه جيش غازي من كل الأروقة، فذاك السيد سيميدو تلقى الدرس جيدا في مقامه الأيمن في أسوإ قراءات المدرب سيتين مناصفة مع وسط هش ومتوسط دفاع عاث فيه بيكي فسادا، وهجوم بدا فيه المغرور ميسي قزما أمام الطاحونة الألمانية، مثلما نهشت اللياقة البدنية أجساد الكطلان وبدت الأرواح مثل أشباح وارجل استقرت في الجحيم، فأين كان هذا المدرب الذي لا يقرأ الخصوم  مثلما حضر المدرب الألماني فليكن بعقلية الكبير والرجل الذي عرف من أين يعبر طريق البارصا، وكيف يميته ويذله؟ وأين كان مدرب البارصا على الرغم من أن جيلا داخل الفريق أضحى حاضرا بالإسم لا بالروح ؟ هكذا إذن نسف البايرن خصمه الكطلاني بكل القراءات التي أفاقت هيتلر من قبره ليعدم الخصم بالقسوة. 
ومن الغرابة أن يكون الفريق البارصاوي مقروءا بنهجه المعتاد والمحفوظ عن ظاهر قلب وبنفس النماذج، بل الغرابة أن البارصا لم يقرأ البايرن جيدا من دون أن يعرف أنه بطل الموسم وبالإزدواجية ولم يخسر مطلقا منذ العودة من الحجر الصحي، واعتبر خط هجومه الأقوى في البطولة الألمانية بمائة هدف في 34مباراة وليس في 38 مباراة كما هو سائد بانجلترا وإيطاليا وإسبانيا،  دون احتساب أهدافه في كأس ألمانيا وعصبة ابطال أوروبا ، فكيف إذا غابت عنه هذه الارقام التي لا يمكن أن يفتح فيها أي فريق اللعب أمام إعصار الفريق البافاري المثخن بقوى ونجوم تشم الأهداف من ليفانوفسكي (34 هدفا) وغنابري ب(12هدفا) وكوتينهو ومولير ب(8 أهداف لكل واحد) وغويزكا (6 أهداف) وغيرهم. 
فأين كان هذا الشيخ من المدربين الذين قرأوا فقط اسم الفريق البافاري ؟  
ولذلك، تعلمنا الكرة  - كما كنا دائما نعرف أنها غير رحيمة وتذل أكثر من أن ترحم – أن تأمين النتيجة، لابد وأن تكون ضاغطة على الخصم وغير رحيمة، وأكثر من يفوز في الشوط الأول بالثلاثية أو الرباعية، يضمن النتيجة قبل أن تدمر غروره بالريمونطادا، وينتهي المطاف بخسارة تسكت القلب من فوز تحول إلى هزيمة، وكرتنا الوطنية عادة ما تتأسس على هذا المضمون الخبيث لنتائج غير مستقرة على حال عندما يكون الفوز صغيرا وصعبا ومعقدا. وأكيد أن هذا الدرس الذي شاهده مدربو العالم والفرق الوطنية بالذات وحتى اللاعبين المعنيين بالمغرب، لن ينسى في قاموس الكرة، لأن من يفوز باللقب أساسا، عليه أن يكون قاسيا في النتائج والأرقام والصلابة واللياقة البدنية التي لا تهدأ حتى ولو صفر الحكم نهاية المباراة. وأكيد شاهدتم كيف أنهى البايرن سيادة المباراة بلياقة حربية وماكينة بزيت حلوة الدوران.  
تعلموا يا مدربي المغرب من دروس البايرن، ومن القراءة الأقوى للخصم والنهج والسيطرة. وأكيد أن استحواذ البارصا على الكرة إنتهى على الإطلاق .