وكأني به أحرضه على هذا الخروج منذ فترة طويلة وليس تحريضا وليد اليوم، لا لشيء سوى ليواصل البولغا الأرجنتيني كتابة فصول ملحمة القرن مع الدون البرتغالي رونالدو بعيدا عن الليغا بعيدا عن ريال مدريد وبرشلونة وفي حضرة بطولة واحدة تجمعهما في ظل الحديث عن قصة المنزل الذي اشتراه هو ووالده في ميلان منذ فترة تمهيدا للحاق بالإنتر. ويالها من معزوفة ستعيد للكالشيو الإيطالي ألقه الذي ميزه ذات فترة عن باقي بطولات أوروبا.
ما فعله ليونيل ميسي هو عين العقل، لأن أسطورة حية مثل البرغوث الأرجنتيني لا يليق به أن يعيش ويحيى ويموت في كفن برشلونة، دون أن يكتشف هذا اللاعب الخرافي عوالم جديدة ونكتشف معه نحن قدرته على العيش والتألق بعيدا عن أحواض «لاماسيا» التي تنفس فيها ل 17 سنة بتمامها وكمالها.
لم يعد لميسي ما يضيفه داخل البارصا، وقد استهلك مثل أي شمعة تحترق لتضيء ظلمات الآخرين وسراديبهم القاتمة، لم يعد لميسي ما يفعله داخل برشلونة بارتوميو الباهتة والتي مسخ هذا المسؤول ألوانها، ولم يعد لميسي ما ينجزه داخل فريق جرح الوحش البافاري كبرياءه بثمانية العار التي لن تندمل جروحها في المنظور القريب.
صحيح طريقة الخروج، لا هي تليق بالبولغا ولا هي تكافئ برشلونة الذي احتضن وربى هذا اللاعب، وساهم في المجد الذي صار عليه، لكنه خروج واقعي منطقي وهو عين العقل لكلا الطرفين.
على برشلونة أن تقدم نفيها للعالم من دون ميسي، لأن الأخير هو كاتب إليادتها في العصر الحديث كيف لا وقد حل بالفريق الكاطالوني وهو بلقب أوروبي وحيد أوحد لسخرية القدر كان بتوقيع رونالد كومان، مهندس المجزرة والطاحونة الحالية قبل أن يضيف له 4 أو لنقل 3 تحديدا حملت بصمته، دون الحديث عن فيض الكؤوس الأخرى وليبلغ حجم مساهمة ميسي في خزانة البارصا برصيد الثلث والثلث المتبقي هو نتاج حصاد 79 عاما الأخرى التي سبقت قدومه.
لا تهم اليوم وجهة ميسي، المهم أن اختار الخيار الصائب لأن استمرار ميسي وهو في خريف العمر وفي الهزيع التالي لمشواره كان سيحرم جماهير الكرة الأرضية من متعة متابعة هذا الفتى الملهم، لأن بقاءه ببرشلونة كان سيحيلنا لنسخة مكررة كربونية للاعب الذي تعودنا عليه طيلة 12 سنة التي خلت.
خروج ميسي سيحيلنا لنسخةجديدة مثل التي قدمها رونالدو في إيطاليا، وقد نجح فعليا في إضافة أرقام قياسية جديدة لرصيده في بطولة أخرى غير الليغا ولو أنه يتميز عن البرغوث بتجربة أنجليزية رائدة كانت مهد انطلاقته رفقة مانشستر يونايتد، وهو سبب تحريضي الإفتراضي لهذا اللاعب كي يفعل هذه المغادرة.
وحين قلت أنه خروج لمصلحة الطرفين، فإن برشلونة بدوره سيتحرر من ظل اللاعب الأوحد ويحيلنا لبارصا قديمة ما اعتمد فيها الفريق الكاطالوني على النجم المطلق.
برشلونة سيتخلص من راتب سنوي فلكي في حدود 50 مليون اورو وتعويضات جزافية أخرى، قد يستثمرها في تمويل صفقات بديلة لتشييد أركان بيت قوي لبارصا المستقبل.
إلا أن نهاية هذه القصة كتبلها أن تكون بنفس مسار هذا العام الغريب والإستثنائي نسأل الله السلامة، مع إصرار البولغا على تفعيل بند يتيح أمامه الخروج وإلحاح الباصرا أنه لا خروج من دون إتاوة بل استحالة تصور أن يرحل هكذا نجم وبالمجان وبهذه الكيفية، دون أن تستفيد إدراة البارصا من زبدة الصفقة.
وحين نتحدث عن ميسي فلا بد من واو العطف التي تحيلنا على رونالدو، وكم نحن محظوظون رفقة أبناء هذا الجيل ونحن نستمع بمعزوفات لاعبين أحكما قبضتهما لعقد كامل ونيف على أوروبا وجوائزها بالكامل.
لذلك هو تحريض مشروع، لمن يعشق كرة القدم قبل أن يكون عاشقا لميسي علنا نتابع ما بقي من إبداع في جعبة هذا اللاعب في فريق آخر، لا يهم إن كان إنتر أو السيتي أو مانشستر أو حتى البايرن أو باريس سان جرمان، لكل هذا أنا مع هذا الخروج الذي قد يكون سببا في إخراج ما بقي من عفاريت داخل هذا المبدع؟؟؟
