أن تصنع قرارا ويصادق عليه في غاية الجرأة وتدافع عنه باستماته داخل محراب ‘‘الفيفا’’، وتلف حولك 191 صوتا ضد معارض واحد بخصوص تعديل القانون الخاص باللاعبين من ذوي الجنسيات المتعددة، الخاص بتغيير المنتخبات التي يلعبون لها، لا يعتبر سهل القبول أو الطرح ما دام نقاشه كان مفتوحا قبل سنوات ولم يجد طريقه نحو الحل على الرغم من أن نائب رئيس الفيفا ورئيس «اتحاد شمال ووسط أمريكا والكاريبي لكرة القدم (كونكاكاف) فيكتور مونتاغلياني كان قد قال «العالم يتغير والهجرة ظاهرة تتزايد، وحان وقت البحث عن حل». وكان ذلك طبعا قبل سنة 2018 مثلما كان منتظرا أن يتم مناقشة هذه المسألة في مارس من ذات السنة. أكثر من ذلك كانت دولة الرأس الاخضر قد فتحت الطريق على الأقل لمناقشة أزمة اللاعبين أصحاب الجنسية المزدوجة. وقدمت دولة  طلباً للإتحاد الدولي لكرة القدم بمراجعة قرار منع اللاعبين، الذين لعبوا مع المنتخب الأول لبلد، من اللعب مع منتخب آخر، لكن دون أن يلقى صداه القبول.
 واليوم ترافع فوزي لقجع رئيس الجامعة الملكية المغربية  لكرة القدم على مقترح  تعديل جديد يهم  السماح  للاعبين بتغيير المنتخبات التي لعبوا لها سابقا، الى منتخبات آخرى وفق عدة شروط أبرزها أن لا يكونوا قد شاركوا في المباريات الثلاثة الرسمية مع المنتخب الذي حملوا قميصه بعد سن 21 عاما، وألا يكونوا قد شاركوا في كأس العالم أو البطولات القارية. ولقي هذا المقترح نجاحا غير مسبوق في الأصوات المحصل عليها اعتبارا إلى أن كافة الدول المعنية بالتصويت ظلت تتنظر هذا اليوم الموعود لسنوات ولو أن دولة الرأس الأخضر كانت قد تفاعلت مبدئيا مع تقديم الطلب سابقا دون أن يتوافق عليه الجميع، ولكن اليوم وبتدفق المغرب وخروجه الى العلن بذات المقترح، أصبح الحلم واقعا، واصطفت الدول مع المغرب ويصادق على القرار جماعيا وبدون تردد الا بصوت مضاد. وطبعا، لم يأت هذا الحدث التاريخي عنوة لأن المحترف المغربي منير الحدادي كان قد أحدث ضجة كبرى عندما طالب بتغيير منتخب اسبانيا بمنتخب المغرب سيما بعد تأهل المغرب إلى مونديال روسيا، وكان وقتها يريد الحدادي اللعب مع الأسود في المونديال، وتوجه إلى مسؤولي الإتحاد الدولي من أجل السماح له بالتحول إلى المغرب والدفاع عن حقوق اللاعبين مزدوجي الجنسية، لكن حماسه قوبل بالصد والصمت إلى حين. 
 واليوم يكون المغرب في شخص فوزي لقجع قد أنجز المهمة التاريخية ونجح في ترسيخ مفهوم القيم الإنسانية لدى اللاعبين متعددي الجنسية وربح قلوب الدول المصوتة لقرار التعديل، مثلما سيتلقى ورود المحبة من لاعبي العالم الأكثر عرضة للإهمال وعرضة للتهميش، وقبلة للإعتذار للإحتماء براية الوطن. ولهذه الغاية تحسب لفوزي هذه المهمة التاريخية التي لم ينجح فيها أي رئيس جامعة في بلورة هذه الإشكالية المفتوحة لحل ظاهرة تزايد هجرة اللاعبين وانتماءاتهم وأصولهم وقراراتهم الحاسمة. طبعا لن نرمي الورود على فوزي لقجع فحسب لأنه يستحق هذا الفخر الذي يجعل من دوليينا ومحترفينا أكثر تريثا وكتابا مفتوحا أمام حسم القرار والتراجع عنه. ولذلك سيصبح أي لاعب مغربي  بالمهجر من الان قارئا للتعديل جيدا، وعارفا بسلوكات الإختيار الصائب قبل 21 عاما بالشكل الذي وضع فيه القانون التعديلي وبالشروط المنتقاة للتراجع عن القرار بهذا المعنى، ولكن أن يتجاوز أي لاعب أربع مباريات دولية مع منتخب ما، فلن يكون له مكان بالمنتخب الثاني المفترض أن يختاره.
 وعندما يكون منير الحدادي الذي كان ضحية الأسرة في اختيار منتخب المتادور الإسباني، قد استفاق بالنضج والعقل لأنه لعب فقط دقائق من مباراة واحدة مه المنتخب الإسباني في اشارة واضحة إلى أن الجامعة الإسبانية وقتها كانت قد سيطرت على اللاعب بدعم أسري وحولته إلى منتخبها لقطع الطريق أمام المغرب في استقدام اللاعب، وهي تلك الفترة التي كان فيها المغرب يخطط لحمل الحدادي قميص المغرب إسوة بمجموعة من الأسماء المجنسة والمترددة في سياقات غامضة إلى اليوم. فإنه يرى اليوم نفسه معروضا لحمل القميص الوطني بمقولة «الوطن غفور رحيم» ولا يمكن المساومة عليه لأنه قميص بلاد وشعار ودولة وليس فريق درب. ولذلك ومع تأكيد التعديل، أصبح منير الحدادي ومن أمثاله الرافضين سابقا للتوجه إلى منتخبات دول اخرى كمحمد احتارين مثلا وغيرهم، في عداد الموضوعين في سياقات «الوطن غفور رحيم» كما قلت، ولكن من ترفع على العرين والدولة، فلا مكان له، ومن آثر الأنانية واللعب بمشاعر المغاربة فلا مكان له أيضا. والكرة دائما بيد الناخب الوطني المفترض أن يكون المثال النموذجي لاقناع الدوليين، لا محاباتهم وتركهم يقررون متى شاءوا، وإلا سيكون مسخرة لنفسه وأمام الجامعة وأمام الجمهور.