سعيد شيبا لاعبا وشيبا مدربا، وجهان لنفس عملة الصراحة واللامواربة والبعد الكلي عن كل سياقات المداهنة والنفاق وحتى الشعبوية البئيسة الساعية خلف «بووز» تافه بل وعابر... 
لكن حين نطق شيبا وتحت وطأة وحمأة المرارة التي تعلق في الحلق، جراء هزيمة استشعرها غادرة وبتفاصيل جائرة، بأنه ما خسر أمام الوداد إلا لتداخل «مؤثرات غير كروية» وأضاف جملة عطف انتقد من خلالها التحكيم، حتى ترك سعيد باب الإجتهاد والتأويل مفتوحا على مصراعي أكثر من قراءة. 
ولأني أعرف سعيد منذ سنوات داخل الفتح وقد انطلق بعصامية ليصنع له إسما محترما في عوالم الإحتراف ورفقة واحد ممن يوصفون ب«الجيل الذهبي المونديالي» الذي حضر في فرنسا قبل ما  يزيد عن عقدين بقليل، عصامية زاوجت بين الحس الثقافي الواعي وبين التحصيل المعرفي الرياضي، فقد عبت عليه وهو الذي لم يعودنا على أنه من الذين لا يجيدون لغة الخشب والمطاط، التي تحمل على أوجه عديدة ، وقد كان كذلك حتى وهو مساعدا للزاكي بجهره بالحق دون أن يخشى في الله لومة لائم وهو ما أكسبه تقديرا واحتراما كبيرين، لا يحتاجان مني بكل تأكيد وصل تزكية... 
قلت لأجل كل هذا كان لزاما أن أتواصل مع سعيد، وقد تعذر علي ذلك في وهلة وأدركته في الثانية وقد وجدته يهاتفني متقصيا عن السائل الذي طلبه... 
وبمنتهى الأمانة لم يخب ظني وقد زاد تقديري للرجل ولم أجد حرجا في الجهر به له، وتكراره هنا في هذه النافذة لسمو خلق سعيد وكياسته وتأدبه وهي كلها خثال تكفل له حق التوضيح والإصغاء. 
سعيد شيبا وهو يجنح خلف تفتيت صخر «التفاصيل غير الرياضية» وجدته مقنعا، بل لبيبا ومصدوما للتكييفات التي صيغت هنا وهناك لهذا التصريح الذي اعترف لي أنه لا يختلف عن التصريحات الإنفعالية، للمدربين واللاعبين الذين ما إن ينتهون من حمام أو فرن مباراة حارقة، حتى يحاصروا بميكرفون أو صحفي ولا أنزه نفسي كما لا أزكيها وأنا معهم بمحاصرتهم طلبا لتصريح على السريع. 
سعيد قال لي أنه حين يتناهى لعلمه وهو الموجع بمباراة مثل الجسر السامق أمام الوداد الجريح، إصابة 5 أو 4 من لاعبي فريقه عصر المباراة بفيروس كورونا، ويجهل إن كان هو من المخالطين أو غيرهم من اللاعبين الحاضرين وقد طالتهم العدوى، أفليس هته تفصيلة غير كروية؟ 
ويضيف سعيد «وحين يقسم هذا الخبر ظهرنا ونحن مقبلون على مباراة معقدة وفي ملعب معقد وبعدها، نستشعر أن تقنية الفيديو لم تتدخل في حالات كان بالإمكان لتدخلها أن ينصفنا دون أن أتهم أيا كان، أفليس هذه أيضا تفصيلة أو جزئية غير كروية؟» 
بل أنه وهو يستعرض بخبرة المدرب المثقف والمحلل الحصيف مسببات هزيمة كان بالإمكان تفاديها «حين ندرك التعادل ونتسيد فصول المباراة ونهدر ركلة جزاء من أمهر لاعب في فريقنا مثلما أضاعها نجوم عالميون في مونديالات وتظاهرات كبيرة، فهذه أيضا شكلية غير كروية كما قصدتها وهي مرتبطة بسوء الطالع». 
لحسن حظي أنني تبادلت أطراف الحديث مع شخص مؤدب ومثقف وواعي مثل سعيد، وإلا ما أمكنني أن أنفذ لأعماقه لأقف تقديرا وإعجابا بشخصيته والتي لطالما استحقت هذا التقدير والإعجاب يوم كان يحاور الكرة ويصاقر علماءها ندا لند دون مركب نقص وفي مقدمتهم الظاهرة رونالدو. 
لكن سوء حظ سعيد وأمثال شيبا ممن هم مجبولون على حسن التربية والصراحة وليس في فمهم ملح، أنهم في حضرة جيل ينتمي للعالم الإفتراضي أكثر من انتمائه للواقع، لذلك كيفت هذه الفلول تصريح سعيد على هواها ومقاس حساباتها. 
أقول لسوء حظ سعيد كونه وكما أكد لي يرفض الزج باسمه في بركة آسنة من صراع قطبي بين من هم محسوبون على أنصار الغريمين كي لا أقول الأنصار الفعليين، و قد جهر لي أنه لا ناقة ولاجمل له في هذا الصراع وتصريحه معزول عن كل الخلفيات  كما لا يخدم جبهة من الجبهات. لكل هذا واستنادا لتمحيص التصريح يستحق سعيد مني تقديرا مضاعفا..