لم أشعر مطلقا بانتفاضتي من مكاني وأنا أخطو نحو التلفاز البعيد شيئا ما عن مقعدي بالمنزل لمتابعة الضربة القاضية ليوسف النصيري في سوبر استثنائي على مشارف نهاية خالدة لإشبيلية ولسفرائنا الثلاثة أمام بايرن ميونيخ ببودابيست، وتخيلوا أن الإنتفاضة النفسية في اللحظة ذاتها، غزاها وجهان من السيطرة على الذات والعقل والشعور بين فصل الصيحة، وفصل الإنهيار، ولكن أبت الضربة أن تكون قاسية على القلب، ولم أشعر وقتها أنني أكسر كأسا من عملية الإهدار الشعورية أمام اندهاش أسرتي الصغيرة لحادث كاد يكون عيدا للمغاربة والعالم بنخوة يوسف الكاسر مثلما صنع ملحمة المونديال بهدفه الشهير على الإسبان. لم أكن طبعا متملكا لهذه الروح الوطنية التي تجتاح خلاياي الدموية في مثل هذه الأحداث الإستثنائية التي لا تأتي الا ناذرا بحضور مغربي في المحافل العالمية، وربما حكمتها الأقدار في عام 2020 لتكون استثناء القرن. 
أعرف أن دمي «سخون» وحار كالفلفل، ولا أقبل أن يجازى النصيري بردات فعل ظالمة من قبل المنتقدين في العالم وليس بإسبانيا والمغرب فحسب، ولكن بالعقل تناقش الأمور، والعقل عادة ما يعيدك للصواب بسرعة إعادة تحليل العملية، والشعور الحيني بردة  فعل دقيقة عادة ما ينجلي وتهدأ العاصفة ببرودة على غير عادة الإفراح التي لا تنتهي إطلاقا مثلما عايننا كيف اخترق الفريق البافاري هذا الشعور الهلامي الذي وزعه بين الدمار النفسي لو سجل النصيري هدف التاريخ، وبين اهداره في لحظات القتل واحياء ميت بالحظ. وعندما طار النصيري من مسافة خمسين مترا لتلقي كرة العرش وانساب إلى المرمى، كان الجهد البدني قد ضاع مع اللحظة الأخيرة، وانهى العملية بالشكل الذي يراد به أن تنتهي، لأنه اختار طريقة التسجيل في الدماغ بشكل حاسم، ولم يقع في المحظؤر التفكيري لأنه حسم موضوع التسديد ولو كنا جميعا نقول أنه كان على النصيري أن يفعل كذا وكذا ولسجل بهدوء أمام حارس عالمي لا يخرج عنوة في مثل هذه العمليات الصدية لأنه من اختصاصه أمام كبار نجوم العالم وليس أمام النصيري كقناص واعد، وكم ما الفرص التي اتت للقناص ليفانوفسكي البافاري وجها لوجه مع الحراس وأضاع الممنوع ضياعه. 
وهناك مقولة يستعملها عمالقة التدريس الرياضي وحتى المدربون في التعامل مع رجال الخط الهجومي وبخصة قلب الهجوم  ونشدد عليها بالتزام في حسم العمليات وهي «فكر قبل أن تتصرف»، والنصيري عندما فقد الجهد البدني، كان أمامه قرار واحد لدى اقترابه أمام الحارس، وليس حلولا أخرى كالنقلة أو اللوب، أو التسديد قبل الوصول إلى الحارس بقراءة الوضعية المريحة لاختيار الركن الصائب، وربما حدث للنصيري أنه سجل في العقل قبل التنفيذ، أو استعصى عليه أمر الحل الأخير فوجد رجلا ممددة أمام اختياره الحاسم. وفي النهاية أضاع حلما كان سيسجله في كتابه الذهبي وكتاب عالمي يؤرخ باسم مغربي. ومع ذلك، لم ولن نلومه لانه شاب في ربيعه 23 عاما يفترض أن نكون سنده بمطلق العناق والحب لا أن نلومه على ضياع مقدر. والنصيري هو هداف المستقبل وأمام أجيال من البطولات الأوروبية لأنه دخل بالفعل تاريخ السوبر حتى في كنه قتل اللحظة الأخيرة من حظ الألمان. والحظ جائز وحاضر أحببنا أو كرهنا. ومع ذلك فليرفع النصيري وبونو والحدادي رؤوسهم لأنهم شامخون بإسبانيا والعالم. 
وحتى الإسبان بمشاربهم السياسية واتحاداتهم وصحافتهم وتشعبات مواقعه التواصلية وفيلق متابعي اشبيلية عبروا بافتخار كبير ودعم لا يقاوم لجهود النادي كل باسمه في التعامل مع قمة السوبر وإيقاف الفريق البافاري حتى ولو فاز بالحظ، ولم يخرج أسود إشبيلية عن هذا التوقع السخي من الإشادة لأنهم قدموا بالفعل صورا خيالية قبل وأثناء وبعد مسابقة أوروبا ليغ، وإلى نهائي السوبر. وما راقني بالفعل أن بكاء النصيري وندمه في إفشال نهاية كانت سترفع الكأس ببودابيست، وسيحتفى بهم في استقبال عظيم بإشبيلية، أحيط بالتفاف حميمي لزملائه بالكامل داخل الفريق وأشعروه بدفء الإخوة كل من جنسه ودولته في مستودع الملابس حتى أن بعضا منهم قال «النصيري زميل مذهل في الفريق، إنه يعطي كل شيء، ويعطينا الكثير عندما يخرج، وكان لديه خياران، لكن الحارس كان بالمرصاد. سنحاول تشجيعه معًا. في المستقبل. سنحتضن النصيري عندما يسجل الأهداف ونحن نعانقه اليوم. عندما نفوز، نفوز جميعًا، وعندما نخسر نخسر جميعًا. نحن فخورًون بعمله وتدريبه اليومي، ويركض مع لاعبي قلب الدفاع مثل أي شخص آخر وسيسجل مستقبلا وسيمنحنا السعادة». 
حتى ياسين بونو  إنتزع القبعة من رأسه ليلبسها للتصيري وصادر كل من ينتقد النصيري «كرة القدم تتمتع بهذه المواصفات فعلا. وفي النهاية يقوم حارس مرماهم بصد رائع، ثم ترتطم كرة النصيري مجددا بالعارضة وبتدخل الحارس. هذه أشياء  تحدث عادة في كرة القدم ويجب أن نستمر. علاوة على ذلك، يجب أن يكون مشجعو إشبيلية هادئين.، لأن لديه رجال حقيقيين ويقدمون كل شيء». 
في النهاية، لا نتملك الا أن نقول لنصيري ولسفراء المغرب باشبيلية، انتم التاريخ الذي لم يدونه أي محترف على الإطلاق.