تابعت بطولات المغرب مفتونا كمناصر، يأخذني الأثير والمذياع على الصوت الشجي للراحل كديرة وبعده طيب الذكري بصوته الجهوري الرائع محمد العزاوي، لغاية انخراطي مواكبا بالقلم والرصد والتغطية صحفيا...
 كل هذه البطولات في كفة وبطولة كورونا بتاجها في كفة ثانية، بطولة مر على إنطلاقتها عام وشهر وما تزال مستمرة في دورانها، حول نفسها باحثة عن ملاذ ومخرج آمن ونهاية لمسارها المرهق ذهنيا للاعبين والمدربين ولنا  نحن الإعلاميين...
 بطولة تماوجت بين الإلغاء والإستئناف، بين التأجيلات المجترة والمباريات الملعوبة بتقطع وبتقسيط غير مريح استنزف فينا ومنا الجهد والحماس واستفز فينا الحواس؟
 اليوم نقف على أعتاب 270 دقيقة من الفصل بعيدا عن كل أشكال الهزل، لنتعرف على من يرافق فارس عين أسردون لسرداب المظاليم ومن يعلن بطلا بدرع سيكتب للتاريخ...
 بطولة فيها صراع «طوم وجيري» القط والفأر المكولس والملعوب على المكشوف، ولعل  تلكالصورة الغريبة والمثيرة لولوج قط يعلم الله متى وكيف ومن أين تسرب لسانية رمل تطوان، ليثير العالم بلقطته الغريبة تلك وقد فرض على الڤار التدخل ليعيد ركلة جزاء جبران، لتعكس حقيقة كليلة ودمنة التي تثير ما بقي من فصول هذه البطولة من إثارة.
 بطولة تتراقص كي يلتحفها الخضر، وتتهادى كي يعانقها البرتقالي وتغازل الأحمر بالتخصص وقد تعود على هدايا آخر الدورات ليلعلن فارس الموسم.
 وحين يبرز و قد استبقنا هذا بداية الموسم بالتخصص ونحن نطالع برمجة تستنسخ وتتكرر كل موسم، فتضع لنا كل عام الديربي في الدورة 25 وكأنه لا توجد دورات أخرى ليجلى إليها هذا اللقاء، لنعاين حوار قطبي الدار البيضاء أمام ممثلي العاصمة الجيش للرجاء والفتح للوداد مثلما حدث 2010 ومعها نواكب أن نفسالصراع الحالي كان يومها، بل بالكربون إذ كان الرجاء زعيما والوداد وصيفا واحتاج الوداد خيارا ولعب الرجاء على خيارين، فلنا هنا أن نتوقع مشهدا مثيرا قد يجرنا لآخر دورة لنترقب البطل.
 لكن ما تغير في موسمنا الحالي عن 2010 هو أنه قبل 10 أعوام إنسحب الدفاع الجديدي من السباق على اللقب قبل 3 دورات، واليوم نهضة بركان الذي عوض الفريق الدكالي في الصراع الثلاثي لا يبدو أنه عازم على الإنسحاب ولا هو يفكر فيه، بل أعلن نفسه وبالتطوع هادما لذات الغريمين ومقض مضجعيهما.
 اليوم الفريق البرتقالي رقم صعب في معادلة المنافسة على اللقب، ورحلته الأحد  إن شاء الله لمواجهة الرجاء في  قمة الرعب هي لكل البراكنة مباراة عمر قد لا يجود الزمن بمثلها، لأن الإنتصار هنا يمنح أبناء طارق السكتيوي حق الحلم باللقب الأول للبطولة وأن يتملكوه بأقدام لاعبيهم في آخر دورتين، فلا يحتاجون معها لخدمة من أحد.
 اليوم أيضا نهضة بركان الذي صارت له شخصيته، والذي يجني ثمار عمل دؤوب واشتغال في العمق ومشروع الهوية قاريا ومحليا وقد نجح في ذلك متجاوزا سقف الإنتظارات، هو ما يضفي تلك الحلاوة على صراع الأمتار الأخيرة مع الكبيرين الوداد والرجاء.
 ومن يعتقد أن الصراع حدوده هي الدرع فهو واهم، لأن من سيربح نهاية الموسم رهانه فإنه سيربح معه «بونيس» إضافي متمثلا في المساركة في عصبة الأبطال، ومن سيحل ثالثا بين الفرق المعنية بالتنافس سيغادر إلى كأس الكونفدرالية، والتي إن حدث ونال شرفها الفريق البركاني فإنها لن تنال منه شيئا، على العكس من ذلك الحلول ثالثا للوداد أو الرجاء والتفريط في المشاركة في عصبة الأبطال السادسة تواليا للوداد والثانية تواليا للرجاء، سيحسب بحسبة الكارثة لكليهما وخاصة لأنصارهما سيما وأنها مسابقة ممهدة لمونديال أندية بمقاسات جديدة.
 لكل هذه الحيثيات أتوقع أن صراع القط والفأر، سيتواصل حتى صافرة نهاية البطولة كما حدسها الكثيرون، وأن تحولات وتغييرات كبيرة مثل التغييرات التي تطال قطع الشطرنج ستطال كراسي الثلاثي المذكور.
 فقط نريده صراع قط وفأر بالتجليات المعروفة عن صراعهما الأزلي، وليس صراع قط ينزل أو يبعث في الملعب وفأر يتحكم فيه من ‘‘اللوج’’ ومن غرفة الفيديو.