بعد مسار ماراطواني سيكتب للتاريخ، بعد سيرورة ناهزت عاما و3 أشهر، ها هي أطول بطولة في تاريخ الكرة المغربية، إن لم تكن العالمية تسدل ستارتها، لكن بعد ماذا؟ 
 المدرب يشتكي من الإرهاق واللاعبون يتأففون من التعب وربما الضجر؟ ولا أحد تحدث أو يتحدث عنا نحن، ولن أنصب نفسي ناطقا باسم القبيلة في مفهومها الشمولي الواسع، سأتحدث عن قبيلة جريدة «المنتخب».
 بدورنا استنزفنا ذهنيا وأرهقنا فكريا ونال منا هذا التمطيط وثارة التسويف وهذا الفاصل الطويل جدا من الأشواط الإضافية للبطولة، فهل نعلن بدورنا احتجاجا على عصبة الناصيري وجامعة لقجع ؟ أم نقاضي فيروسا مجهريا لا يرى لنطالب بتعويض ولو في صورة الدرهم الرمزي الذي يجبر ما تلف فينا من أعصاب واختل من خلايا؟
دلوني وأنتم تتصفحون في الساعات الأولى لهذا الصبح، على جريدة أو مطبوعة واحدة تضع بين أيديكم ترتيب الدورة 29 وتحليل الدورة 30 ومعادلات الفوز بالنسخة 59؟
 دلوني على صحيفة واحدة تتعقب شريط المباريات محينة بمنذريها ومطروديها، بهدافيها وحكامها وبكافة توابلها لتوضع على طاولتكم في زمن الجائحة، الذي خمن البعض أن يكون زمن انهيار هذا الصرح وتلاشيه أو حتى اضمحلال منتوجه وقد خاب ظنهم وخار مسعاهم ؟
دلوني على صحيفة واحدة غير «المنتخب» في سياق تخصصها الرياضي، ظلت صامدة شامخة مثل شجد السنديان الذي لم يتزحزح عن مكانه، غير عابئ لا بعزل ولا بمخلفات جائحة أتت على المحصول الرياضي ولا بفيروس قلص هوامش المتابعة، فابتكرنا في الحجر الصحي ملفات ومتابعات غير مسبوقة وحوارات من قلب بيوت اللاعبين والحكام والمسيرين والمدربين، بل تحسسنا درجات حرارة من طالته كورونا وواكبنا من فقد شمه ومن تلاشت حاسة ذوقه ...
 بل لك عزيري القارئ أن تدرك أننا حطمنا في زمن كورونا نحتفظ به توثيقا وأرشفة لما تناولناه من ملفات ومن سبق وحصريات، لم تكن مرتبطة بالشأن المحلي فقط، بل تعدته للدولي «الفيفاوي» لغاية القاري «الكافاوي»...
وأحيانا كنا ونحن على مشارف ضغط الطبع وإصدار العدد، نعود لنلغي تقديم مباراة جرى تأجيلها في الدقيقة التسعين إما بقرار للعصبة أو بتدخل من السلطات وقد حدث هذا مرارا، ولكم أن تتصوروا حجم المعاناة وصدق التحمل لا لشي ء سوى لنواصل  مسير ما بدأناه ذات أكتوبرقبل 34 دون أن نزيغ عن السكة أو نحيد عن الأمانة...
لذلك حتى حنا عيينا، وقد آثرنا أن ننقل لكم هذه المشاعر وقد شارفت البطولة على نهايتها بعدما جثمنا على شعورنا هذا داخل أنفاسنا كي لا نثير فيكم إحباطا، وكي نبقي بنكران ذات موروث على صلابة الصمود...
حين تلغى مباراة فالتلفزيون يكتفي بوصلة أو تمرير الخبر في شريط سفلي يظـهر على الشاشة، وأصحاب الراديو يعلنون باسم «الخبر العاجل» عن إلغائها في ثواني معدودة، ويكفيهم الله شر التعديل، أما نحن فإلغاء مباراة أو مباريات وقد بلغت 21 جرت تصفيتها لاحقا، استنزف فينا ومنا الجهد والقوى كوننا أحيانا تعقبنا التعديل في الساعات الأخيرة التي تسبق الطبع، ولكم أن تتصوروا حالة الإستنفار القصوى داخل الجريدة، مشتغلون كخلية نحل تواكب كل هذه المستجدات كي تصل القارئ مستجدة ومحينة بل طازجة...
 اليوم نقدم لك عزيري القارئ نموذجا لهذا المجهود المضني، كي تطالع اليوم في جريدة «المنتخب» دون سواها ورقيا، كافة تفاصيل الدورة 29 وقد إنتهت علي مشارف منتصف ليلة الأمس، ومعادلات دورة الحسم و«كملوا من عندكم» لتقفوا على ما بذل من مجهود، هو مكرر ومستنسخ منذ الميلاد لغاية اليوم ويسرى على مباريات الفريق الوطني ...
مشاطرتكم هذه المعاناة ليست منا عليكم، مشاطرتكم هذا الجهد المضني قصدها وغايتها أمران: إشعاركم بقيمتكم لدينا وثانيا ترسيخا للقيم النبيلة لمهنة وموروث يشارف العقد الرابع إن شاء الله دون أن يتأثر لا بحروب خليجية ولا ملفات جنسية، ولا بانهيار سوق البورصة ولا بجفاف لغاية صموده في وجه الفيروس التاجي، لأنكم أنتم تاجنا الحقيقي..