في جواب رمزي مليء بالدلالات الحسية، تعالى الدولي حكيم زياش على طوفانه الأزرق وأرغمه على التنازل وعدم التحكم في مستقبله الدولي ومستقبل بلاده في الأحداث القارية، كما تعالى على كافة الردود الداعية إلى عدم التحول إلى المغرب والمغامرة بصحته المزدوجة بين الإصابة الجوهرية على مستوى الركبة، والخوف من الإصابة بكورونا لو قدر الله ذلك لحضوره بالمغرب. وجاءت عفوية حكيم زياش لتنصره وتدخله إلى قلوب المغاربة بردة فعل وطنية ستسجل له لأنه أتى لنداء الواجب، وأتى لتثبيت قرار الإصابة والكشف عليها ومدى تطورات شفائه مناصفة مع قرار الأطباء بتشيلسي، وأتى ليدخل في حكم قرار الإختيار لأنه واحد من عمداء المنتخب الوطني، وعليه يعول الناخب الوطني حتى في الوديات، ويبني عليه اللعب أساسا. وعندما أتى زياش إلى المغرب وضحى بفريقه العالمي ونجومه هناك، فلأنه يدرك أن الوطن فوق كل شيء، وأعطى درسا للإنجليز مثلما نجح في ذلك مع هولندا سابقا وأرغمها على التنازل وعدم التدخل في الإختصاصات الحسية لانها شأن شخصي وتعاقدي مع الشعب. 
وعندما قال وحيد بشخصية عملاقة «أنا من يحكم هل سيلعب زياش أم لا وليس تشيلسي»، أكد للرأي العام الإنجليزي أن زياش ملك لوطنه، وملك لفريقه الوطني، وعليه يموت أي لاعب في العالم، وأقوى من ذلك أنا من يقرر أن يلعب زياش أم لا وليس المدرب لامبارد. وهذه الرسالة المشفرة أعطت درسا لمن حاولوا تهديد زياش من الإعلام وغيره لأنه سيجني على مستقبله فيما لو أصيب مجددا، ولكن وحيد آثر إلا أن يخرج للعلن ويقدم زياش في 31 دقيقة من الصدام الصارخ مع السنيغال وديا، ويؤكد للإنجليز أنه طبق قراره بنفسه ولم ينسق مع إملاءات شيلسي، وقتها تغيرت اللهجة الإنجليزية، وأسالت المداد على مشاركة زياش بتفاعلاته الهجومية واستراتيجية أدائه وصناعته للهدفين الثاني والثالث. وكان من وراء ذلك أيضا أن تقمص زياش دور المناضل وحيا الجمهور المغربي على ما اقتنع به شخصيا لأنه ما أتى إلا لنداء الوطن والواجب وغادر مباراة السنيغال دون أن يلعب البروفة الثانية خوفا من مضاعفات الإصابة أو إجترار المعاناة فيما لو انشغل الكونغو الديموقراطية بنفس صور الصرامة والقتالية. وهي رسالة ثانية تؤكد احترام اللاعب لفريقه الأزرق لأنه كفيل بتعاقده وسيولته المالية.
وهذه المثالية التعاقدية لزياش مع جامعته ومدربه وأنصاره ووطنه، منحت بلا شك ارتقاءه السامي إلى قلوب محبيه، ورفعته عالميا إلى ذروه عظماء الدوليين الذين لا يقولون لبلدهم، سأختار منتخبا وقميصا لدولة علمتني وكونتني ورفعتني إلى القمة ماليا ونجوميا، وسطر زياش أحرفه من ذهب لأنه لم يتكبر على نداء الوطن حتى في أعظم نادي يلعب له لأول مرة في تاريخ احترافه، ومعه «قتل القط وقتل الغرزة» كما يقال في المثل الشعبي المغربي. ويحظى اليوم بحب ازداد وزنه بثقل ذهبي، وليس كل لاعب دولي ومحترف من المهجر من طينة زياش على هذه النحو التجاوبي بسرعة الحضور لحمل القميص الوطني. وزياش هو من صنع جريدتنا وثقافة الحب الذي ناله مع الزاكي أول من استدعاه للفريق الوطني ودافع عليه باستماثة مثلما كنا مجبرين على حث الزاكي باستقدام زياش بانه ظاهرة كروية، وعليها يسير اليوم، ونسير عليها أيضا مع ريادات جديدة نقدمها أسبوعيا وشهريا وسنويا ككوكتيل أجود سفراء الكرة المغربية. 
ما قدمه زياش اليوم، سيكون بالفعل أقوى جواب لمن صب عليه جام غضبه في كأس افريقيا عندما أضاع ضربة جزاء كادت توصلنا إلى مواقع أفضل في الأدوار النهائية، والرد عادة ما يكون بلغة الإحترام والتقدير الذي يأتي عنوة وبلا استئذان، وزياش عندما اختار اللحظة المناسبة، كان عاقلا، ورد على غضب مناصريه بقومية الرجال الذين لا يتنكرون لبلدانهم في عز الحاجة إليهم. وعندما نودي على زياش وهو مصاب ومفروض أن لا يغادر انجلترا لظرفية الإصابة وكذا وباء كورونا بقرار من ناديه، ترك الجمل بما حمل، ونسي أنه وقع لاعظم تعاقد في حياته، وفضل بلاده على أي شيء. أليست هذه قمة ذكاء في الرد الرمزي على من عاتبوه وانتقدوه؟ أليست هذه أيضا رسالة حضارية وإنسانية للاعب ترعرع في بلد أخر وتكون بين أحضانه وتنقل لبلد أيضا بطقوس أخرى من التنظيمات والقوانين الصارمة، ومع ذلك انتصر لبلده وجاء ليحمل وزر المسؤولية الوطنية على أكتافه.