لماذا انقلبت الآية لدى الجمهور المغربي وبعض من رواة التحليل عندما فاز الأسود ذهابا وإيابا بإفريقيا الوسطى، ونزلوا عليه بالصواعق خاصة بالكامرون على الرغم من الفوز البارز بهدفين لصفر، وأعرف أنه في وقت سابق، كان الحديث لدى عامة الناس، أن النتيجة هي التي تهم مهما كانت الطريقة، ولا يهم الأداء والإستعراض إلا النتيجة، والتأهل عادة ما ينبني على النتائج دون تقييم الأداء. لكنه اليوم إنقلبت الآية، وأصبح العكس هو الصحيح، لا لشيء إلا لأن من يتفنون في النقد الهدام ويعيثون في الاختيارات لدغا ،يدركون أنهم يعيشون اليوم أمام منتخب عالمي مسطر بأبرز النجوم ، ومن يلعب بشيلسي وانتير واشبيلية يؤسسون لمنتخب عالمي، بينما الحقيقة أن المنتخب الوطني مسطر من فئة عالمية نادرة والاكثرية تلعب بأندية متوسطة وأخرى أعلى منها نسبيا، ولذلك علينا أن ندرك أن ما تحقق بالكامرون مهما كان الخصم ضعيفا في نظر البعض، وفي نظري هو منتخب شرس ويلعب الكرة، هو قيمة سامية لاكثر المحترفين الذين يكتشفون افريقيا على عكس أوروبا، واحسبوا كم لاعبا اليوم يرحل إلى الكامرون لأول مرة. 
وما أعرفه سابقا أن التعادل خارج الأرض مهما كان الأداء أو الفوز المفاجئ يعتبر قنبلة تاريخية لقيمة الأسود المقاتلة في عهد الكرة القتالية وليس بأداء مريح، وقتها لم ننم الليلة إلا بعد قدوم الأسود تحت مقاصل التحكيم وعدم الإنصاف، واليوم يفوز الأسود بالحصص، والتنمر خارج الأرض بالأعصاب لدواعي معروفة وهي أن الأسود في طور البناء والتحديث وليس في طور التكامل النهائي، لكون كثلة الأسود لا تجتمع على نجوم متكاملة الأبنية والخطوط المتناغمة، ولا نملك القدرة للسوط على أداء فاتر لكون ما تغير من القدرات البشرية كما قلت في التحليل النقدي هو من أفشل العطاء وقتل الأدوار وغيب تلك الفرجة التي نريدها مع أنها لن تكون مكمولة إلا بعد ترسيم المنتخب بأبنيته القارة ليس من أحد عشر لاعبا داخل الرقعة، وإنما من لائحة موسعة ومقاتله ومنافسة على الأدوار، وحتى لو كان وحيد خليلوزيتش مسعورا بردة فعله ومنتقدا الأسود على أدائهم، فهو المعني بهذا السلوك الخارج عن إرادته ومفروض أن يكون معه مستشار تقني بعين إحترافية لردود القراءات التقنية التي عرت موقع الظهير الأيسر، والظهير الأيمن، ووسط الميدان والجناح الأيسر، وحجي لا يقوم بهذا الدور القيادي في التفاعل مع نقائص اللاعبين .  
وحصة السداسية التي سجلها الأسود، على الرغم من أنها غزيرة من أرجل زياش ثلاث مرات وحكيمي وأبو خلال والنصيري، تعني أن أطراف الهجوم قدمت الدليل على أن حركية الوصول إلى المرمى في تطور كبير ولو أن النصيري كان هو المقصود من عملية الضغط على المرمى ليكون هو صياد الأهداف، ولكن بالكامرون، عزل الرجل لنهج الخصم الدفاعي، وعزل حكيمي، وعزل حتى شباك في غزو الجهة اليمنى للإمداد، وعزل حتى تاعرابت وبرقوق في صناعة الأحداث، وخرج وياش من بعبعه ليفك الالغاز والحلول مسجلا وصانعا في المبارتين معا. فكيف نقرا جميعا هذه الردة التقنية لأن المدرب هو من صنع هذه الإختيارات ؟ لكن أين كان حجي في التعامل مع هذه الإختيارات التوظيفية السلبية ؟ هو مجرد سؤال طبعا، ولكن في النهاية هو فوز كبير على خصم أكثر من متوسط وليس من المنتخبات الأقل شهرة من مدغشقر وبوروندي وغيرهم، ومن طال في التقليل من إفريقيا الوسطى فلا يرى كيف سجل علينا، وكم مرة وصل إلى بونو على الرغم من قوة دفاعنا. 
وما أعرفه أن زياش الحكيم الذي نال السوط والعتاب والطعن في كأس إفريقيا الأخيرة وأقصانا من ضربة جزاء، لم يتوان لحظة في الإعتذار، ورد الديون كثيرا للجمهور المغربي عندما صال وجال ولا مع شيلسي ونال شهادة كبار عشاق الكرة العالمية على أنه هو من يغير أرقام شيلسي حاليا، بل وأضاف اليها نفس ملح الحلول التي لم ينتظرها الجمهور المغربي في جل المباريات الودية والرسمية الأخيرة كان آخرها قفة الصنائع الكروية ووصوله إلى المرمى ثلاث مرات، وقس عليه حكيمي والنصيري وحتى العرابي صانع الجزاء، وهذه الأرقام تؤكد أن زياش هو أعظم لاعب عرفه تاريخ الكرة المغربية بعد التيمومي  في ترسيخ اللوحات التي يشهد لزياش اليوم في واحدة من أقوى البطولات الأوروبية، ولذلك علينا أن نحترم أنفسنا أنه لدينا زياش، ونريد زياشات مثله، ويوم لا يلعب زياش كما لو أن البارصا ليس لها ملح بميسي. وعلينا اليوم أن نفتخر بملحمة زياش لأنه ارتبط باختيارنا له كجريدة وكرجل المرحلة عندما كان الزاكي يدرب المنتخب قبل أربع سنوات، وقلنا له أن يأتي بزياش لانه لاعب لا مثيل له في الصناعة الخلاقة لكرة راقية، ووقتها نجحنا في مهمة الإستقطاب ولا زلنا كما كنا في كثير من المواقف أصحاب الدخول الى مواقع النجوم الأصلية في الحوارات وغيرها من سيول حمل القميص الوطني. 
نهاية، ربحنا خارج الأرض، ولا يهم الأداء لأنه مطروح للنقاش، والنتيجة هي التي تهم، وإلا لو تعادلنا أو خسرنا، فكيف ستنهال السيوف على زياش وأمثاله؟.