وإن تحدث الكثير عن ورش التكوين القاعدي كل من موقعه الاعلامي والتقني خلال الآونة الأخيرة، فإن صلتنا بهذا الموضوع ظل قائما لسنوات من الضرب والنقد على صناع القرار بالأندية، إلى حين عودة الروح الى هذا الملف عبر بلاطوهات متنوعة.  والحديث الذي جرنا الى التعجيل وزعزعة العقلية التسييرية، هو ما اكتنزه أسود الأطلس اليوم من أجيال بدت على درجة عالية من التكوين رغم صغر سنها بأرقى الأندية الإعلامية أولا، ثم استقرارها التنافسي أو إحاطتها بالإحتكاك المنطقي بمنسوب زمني مختلف، ثم قيمة التوظيف وتعدد الأدوار التي اشتغل عليها الدوليون المغاربة. وما عاشه المنتخب الوطني طيلة 16   سنة من الهوية الإحترافية التي قلبت منطوق المنتخب المغربي من نواة البطولة إلى نواه أسود المهجر، تأسس على هشاشة البطولة وعقلية مسيرين رفعوا درجة السيولة المالية بدون قواعد صغرى إنتاجية، وبدون موارد بشرية عالية المستوى وبدون مؤطرين مكونين مهنيا لمنصب مكون القواعد الصغرى.
 وعندما يناهض البعض قيمة ومعطيات الأسود التي أنقدت الكرة المغربية نسبيا خلال 16 سنة، فلأن الأندية الوطنية بدرجتيها الأولى والثانية لم تستطع تشكيل منتخب كبير من العيار الثقيل كما كان سائدا في زمن الإنسيابية البشرية وقلة المال، ولم تؤسس لنا إلا منتخبا محليا ظل طعاما بلا ملح، ولم يعط لمنتخب الكبار أي اسم أو قناع يمكن أن نضمن معه الدولية الدائمة. فكيف إذن ننتج عودة النواة الوطنية على حساب نجوم المغرب بأوروبا ؟ طبعا، الهرم قلب رأسا على عقب لأن أوروبا تمدنا بالأجيال وتعطي للأندية المغربية درسا في تغيير نمط الفكر الرياضي من أن صناعة الأبطال والنجوم لا تأتي من التخاريف وإنما من العمل القاعدي الذي يشتغل فيه خبراء كبار في السن ومعها شباب يتحصن بالمعرفة العلمية للتكوين القاعدي الذي يتأسس على جملة من الأنظمة الإستراتيجية لبناء الفرد حتى يصل إلى الفريق الأول بقدرات علمية دقيقة ليس في الجهوزية البدنية وإنما بالقراءة التكتيكية المكتملة للوصول إلى الكبار بدون مشاكل. وهذا المقصد لا يوجد عندنا في المغرب لأنه ولغاية الأسف، يصل اللاعبون مرحلة النمة محو فريق الكبار بلا هوية تكتيكية ولا مقومات تقنية في التحكم بالكرة أو غيرها من أبجديات التلقين الكروي.
 وعندما يناهض البعض بالتعاطف مع منتوج البطولة دور الاسود المحمولة بثقل المحترفين، فسأرد عليهم بالبرهان، ماذا أعطت الأندية الوطنية للمنتخبات الوطنية بكامل فئاتها العمرية. وهل استطاع لاعب ما من منتخب الفتيان إلى اليوم صناعة إسمه داخل المنتخب الأول عبر التدرج من الفئات الشبابية إلى الأولمبية وإلى الكبار ؟ لا، لا نجد بالرهان أي إسم من منتوج البطولة صعد بالهوية المحلية داخل ناديه، وصعد بالهوية الدولية إلى المنتخبات السنية، هكذا إذن نتحدث بالمضمون لا بالشفوي لأن الإحصائيات هي التي تهم، والأسماء هي التي تهم. والجواب عند من يعتقدون أنهم عقلاء الكرة، وإنما هم عقلاء في استجلاب الأموال بلا رجال، والهرم قلب عقليا في زمن الرجال بلا موارد مالية ولكن بصناعة أجيال بلا موارد مالية. ولن يجبرني أي مسير على المغالطة لأن الحقيقة واضحة. ومن يصعد إلى الميكروفون عليه أن يقول أنه لا يهتم بصناعة النجوم والأجيال، ولا يكذب على الناس بأنه مشنوق من الأنصار لأنهم يريدون النتائج مع أن الحقيقة ليس 16 فريقا هو من سيفوز بالبطولة، بل هناك أربعة أندية تلازم هذا المبدا المشروع ومعها أيضا يمكن أن تجيب على تواجد القاعدة قبل أن نسائل الأندية الأخرى بالشفافية التي تغيب اسماءها داخل الفريق الوطني كصناعة وليس كاسم عادي وعابر فقط. ولذلك، نسائل الأندية التي تعيش مع رؤساء جدد وآخرين شربوا من التسيير بلا أمجاد جيل من صناعتها وليس من فرق ملتئمة من وجوه متعددة بالميركاطو وفي غياب قواعدها الصاعدة.
 واليوم، وعلى الرغم من أن الرجل الأول بالجامعة السيد فوزي لقجع أسس لاوراش عملاقة في كل الميادين التي تجعل من كرة القدم المغربية منبتا استراتيجيا، ننادي برفع ستار التوجه بعمق إلى القاعدة التي أماتها التهور والتجاهل من مسيرين سامحهم الله، وكنت أول من قال بعد منتخب 2004 أن المنتخبات الوطنية تعيش على وقع الندم المجلي والإستهلاك الإحترافي الذي رفعنا عاليا عام 2005 الى مونديال الشباب، وبعدها مات ورش القاعدة الخاصة بالمنتخبات، وطبعا عندما تموت الدولية، فمجرابها قادم من موت قاعدة الأندية . 
 سؤال نريد الإجابة عنه من المسيرين والمدربين. من يمدنا بظهير أيسر بالإختصاص والتخصص من الدرجة العالية لسد ثغرة دفاع أسود العالم .؟