نرفع القبعة بكل تأكيد للمدرب عبد الهادي السكتيوي في نزال الفوز الكبير الذي حققه أمام الجديدة في رفع ستار أول دورة من البطولة الإحترافية إنوي للموسم الحالي، ولكن القبعة سترفع لرؤيا تقنية تؤمن بصرختنا الإعلامية حول التهميش الذي يطال القواعد الصغرى في فريق الكبار، وترفع لرجل عهدناه مثل طاليب والمريني وفاخر وغيرهم كثير، يبني للأفق وللتكامل وللطاقات الصاعدة ولمدرسة النادي فوق كل شيء. واليوم عندما يخرج الفتى صلاح الدين بنيشو 20 عاما من بطن القرش الآسفي صارخا للحظة الميلاد والرزق غير المحسوب انتظاره، يكون قد دشن عهده بصيحات لم يكن لينتظرها في أقل من 23 دقيقة ليزحف بالهاتريك كسيد اللحظات التي فاجأت الجمهور المغربي ويختمها بسوبر هاتريك غير مصدق إلا في خيال هذا الشاب الواعد. وإن كنت مكانه فعلا، سأفعل ما فعله من ردات فعل لا تصدق في أول انطلاق من جوانب نفسية صاعقة لا تعاد إلا في مواقع ناذرة لكون السوبر هاتريك مع كبار وعظماء الكرة لا تتكرر في البطولة وتأتي في مناسبات غير منتظرة مثلما فعل الدولي جيرو باشبيلية الأربعاء الماضي على الرغم من أن الفوارق السنية بين جيرو وبنيشو متباعدة، ولكن الأهم أن السوبر هاتريك أتى من أول نظرة حب كروي للمستديرة لهذا الشاب الصاعد، وهي حالة نادرة ونادرة لا تأتي إلا من القدر.  
والقبعة كما قلت، ترفع لعبد الهادي السكتيوي الذي آمن بقدرات صياغة مدرسة القرش الآسفي داخل الفريق الآول، والإيمان بالتشبيب والمغامرة بالشباب في عمر الزهور مع الكبار لا يكون إلا مع المدربين الكبار، وما أتى به السكتيوي داخل الرقعة، سجل درسا للبطولة الوطنية وللمدربين عامة بسائر الأندية، وكرس مبدأ العناية بالقادم دخل الفئات الصغرى وليس من ركام لاعبين وافدين من مدارس متعددة. صحيح أن انتداب اللاعبين لا يكون أساسا في سوق العرض من أصحاب الخبرة أو المسنين، ولكن حتى من أجيال مفروض أن تطرح من مدارس معينة، ولست ضد من يأتي من الأجيال الصغرى لمدارس همشتها وهذا وارد في العديد من الأندية، ولكن الأهم أن صناعة الأسماء الواعدة من صلب التدرج الفئوي هو أقوى ما يمكن أن يسجل لا على إدارة النادي فحسب ولكن على المدربين الذين سخروا أنفسهم في بناء الأجيال الصغرى من القواعد، وما فعله مدربو الفئات الصغرى بأسفي أثمر لنا هذا الشبل من رؤية السكتيوي المسؤول الأول عن اختيار صلاح الدين ليرسم الإنطلاقة على هذا النحو الغريب من الإقلاع الخطير للطائرة، وللسكتيوي اليوم ورود صادقة لغزو تركة الشباب في أول مبادرة لا يملكها عادة سائر المدربين في وضع الثقة للشباب من أول خطو.
وأعرف أن صلاح الدين بنيشو صانع الحدث لم ينم ليلته هادئا، بل مستيقظا بالإعادة الفورية لاهدافه التي تجلب القشعريرة في كل دقيقة داخل فراش الحلم، وأعرف بل قرأت ردات الفعل الانسيابية كيف له أن لا يصدق ما يفعله وما فعله بمدافعي الدفاع الجديدي، وكيف طار بالسعار المطلق لافراحه المجنونة كحق مشروع في أمسية الحلم الخلاق. ولكن ما هو بديهي أن لا يغتر هذا الفتى بما فعله، ولا ينتفخ عظمة بما فعله، لأن السوبر هاتريك لا يعاد الا في مناسبات، ولكن ما يعاد هو الأداء والفعالية والتنافسية والمردودية والنجاعة وحافز الوصول إلى المرمى وقت الضرورة. وعلى صلاح الدين أن يقرأ هذا العمود ليكون بعد سنة دوليا وليس قرشا محليا، وليأخذ مثلا صريحا من حكيمي أين يلعب وكم عمره وكيف أصبح مهاجما من الطراز العالمي، وهل يغتر بما يفعله بأوروبا. هكذا يجب أن يعرف صلاح الدين كيف يصعد النجوم لا أن يغتروا بالأنانية والسهرات والمخالطة السيئة. 
.....................
وشعرت وقت كشف أشرف حكيمي على قميصه الداخلي بإحساس ولا أروع عندما كتب على القميص «أبرهون» النجم الدولي الذي فقدته الكرة المغربية الأسبوع الماضي في أقوى ملحمة إنسانية لم يتفاعل بها أي لاعب مغربي بهذه الطريقة العالمية التي خرج بها حكيمي بعد أن سجل الهدف الخرافي الثالث لانتير ميلانو ضد بولونيا. صحيح أن ما فعله حكيمي لا يقدر بثمن لأنه صنع تاريخا لانسانية المحترفين المغاربة الذين لا ينسون أي لاعب حتى ولو كان من صلب البطولة، وهذه الإلتفاتة العلنية وضعت القارة العجوز أمام الحاجة إلى التساؤل من يكون أبرهون ؟ ولمذا حمل حكيمي اسم هذا اللاعب؟ وكانت الإجابة صريحة، وهي أن حكيمي رفع المغرب عاليا باسمه الذي سجل هدفين من الطراز العالمي، واحتمى بالإنسانية ثانيا وفاء لروح الفقيد محمد ابرهون المحترف سابقا بالبرتغال وتركيا، ولهذا الغرض أقول أن المغاربة الرجال موجودون في كل مكان ويصنعون التاريخ العظيم لانفسهم ولدولتهم ولزملائهم في عز المأسي وحرقة الفراق.  
شكرا لحكيمي، ولأمثاله الذين جسدوا الوفاء لروح فقيد الكرة كل من موقعه الخاص بالمغرب وأوروبا.