بداية وكي أقصر المسافات على الذين يحللون أو يقرؤون حد «أرنبة الأنف» أو الذين يركزون على البردعة أكثر من لوم البغل شرف الله قدر الجميع، فإن الإسقاط الذي يحمله العنوان مع كل الفوارق التي لا يصلح معها قياس، هي فقط من أجل إثراء المقارنات وإن كانت موازينها مختلة بل ومعتلة من الأصل وستكتشفونها في هذا العمود. لا أنا وأنت كقارئ أحتاج أو تحتاج كي تبرز لي أن زيدان في كفة ولمرابط في كفة أخرى، «زيدان» هذا ما هو إلا رمز لأنه كان بإمكاني أن أتحدث عن «سنمار» مثلا والذي نال جزاءه الأوفى، جزاء التنكر والجحود وجزاء هضم الحق، لكني فضلت إسقاط زيدان كظاهرة، أو كحالة وبعدها لكم الحكم بعد التقييم. زيدان هو إبن ريال مدريد وإن كان بالتبني، ولمرابط إبن أصيل لاتحاد طنجة في زمنها الجميل زمن السيمو، وسيف الدين زمن الشوح، وحين استبدت النتائج السيئة بالريال وقد عبث وعاث فيه بينيتز إخفاقا، فكر بيريز ثم قدر فقرر منح عارضة كبير القوم في كرة اسبانيا وأوروبا لزيدان وسط الموسم وهو في حالة انهيار. في وضع مشابه اتحاد طنجة يصل الثلث الأول للبطولة قبل عامين بانتصار وحيد تحصل عليه في بركان مع الزاكي، فيقرر بيريز الإتحاد أقصد أبرشان تكليف ادريس لمرابط بمهمة الإطفائي المطلوب منه أن يخمذ ما اشتعل من حرائق. أتى زيدان على الأخضر واليابس وعاد من بعيد وكاد يتوج بالليغا على بعد نقطة وفي الموسم الثاني كان الحصاد الموعود بداية بالليغا و4 ألقاب رافقتها مجتمعة، على أنه في طنجة سينجح لمرابط في إحداث المعجزة وهو يقود فارس البوغاز ليعتلي البطولة ب 8 انتصارات متتالية و يصاقر الوداد الند للند٫و بعدها يبقى الدرع في فصل ملحمي بالمدينة العالية التي علت همتها أكثر بقدوم ادريس. في الموسم التالي سيقرر زيدان التنحي بإرادته من تدريب الريال، بعد أن باع بيريز تراث الفريق وماكينة أهدافه رونالدو لليوفي ومارس تقشفا غير محمود في الميركاطو٫ على أن ادريس بقي ليواصل كتابة التاريخ قاريا بأول مشاركة في دوري الأبطال، إلا أنه فوجئ بقرار وفرمان أبرشان و هو يقيله بعد مرور 3 دورات لا غير، إقالة لا هي راعت ما حمله لمرابط للمدينة طيلة صيف بأكمله من أعياد وأفراح، ولا هي استحضرت تكريم أبرشان من مسؤولي المدينة وقد ارتفعت فيها أسهمه كمسؤول رياضي وحتى في سياقات أخرى يعلمها هو وجمهور الإتحاد. جرب بيريز بعد زيدان وصفات سولاري، لوبيتيغي ولا أحد منهما أفلح في وضع قطار بطل أوروبا والليغا على سكته، فما كان منه إلا أن وقف من جديد على أعتاب زيدان متمسحا، مستعطفا ليعود، فعاد الفرنسي دون أن يقايض لا بصفقات ولا ميركاطو وكرر بنفس التوليفة التي فشل معها غيره، المستحيلات السابقة بإضافة ليغا أخرى لسجلاته وسوبر إسباني أجري في السعودية واليوم يواصل الحضور على كل الجبهات بفرص واعدة في التتويج. في طنجة سيحدث الطلاق وإن بدا غريبا مع بيدرو بنعلي صاحب اليد البيضاء في إنقاذ الفريق زمن الجائحة من شر هبوط بدا قريبا من الفريق أكثر من غيره، ليعيد أبرشان لمرابط كما عاد زيدان للريال وليوقع ادريس على بداية واعدة بعلامة كاملة في نسخة "إنوي" المستحدثة، وكما زيدان فلا هو كان متطلبا ومتكلفا ولا هو أرهق أبرشان في الميركاطو كما فعل بن شيخة، العجلاني ونغيز الجزائري وغيرهم، فقد اكتفى ب 3 صفقات على مقاس التواضع. خلاصة هذا المشهد كما أردت بلوغها، وهي أن المسؤول الكروي سواء كان بيريز أو أبرشان هم محظوظون أحيانا بعينات ونماذج من قبيل لمرابط أو زيدان، نماذج شغوفة باللعبة تعطي دمها للفريق ولا تبيعه عند أول منعرج في غرفة النزاعات، ولا هي تفرض شروط الخزيرات لتشتغل ولا تعجز الرئيس في سوق التعاقدات. بين لمرابط وزيدان فوارق بحجم الجبال أي نعم، لكن قاسمهما المشترك أنهما يموتان مع اللاعبين، فينتحر اللاعبون فداء لهما، قاسمهما المشترك أنهما مثل الشمعة التي تحترق كي تضيء لبيريز وأبرشان الدهاليز المظلمة والسراديب المعتمة ولو ب «السميك»، أي الحد الأدنى من المطالب ومعهما «البركة مضمونة».