لا أنا ولا بقية أقراني ومن جايلونا، وحتى رعيل الستينيات الذي سبقنا بالعمر لو سألتنا عن من طبع عقولنا وهوانا بعشق الكرة، لتصبح الأفيون الملازم لها لغاية يومنا هذا لكانت الإجابة على مضض ودون إطالة تفكير  «بيلي ومارادونا» ...صحيح لم نجايل بيلي وقد وجدناه معلقا للحذاء، لكن وعينا يومها على الكرة في زمن عز فيه الإنترنت ولم يكن فيه من وجود لا لمواقع ولا لمقالع، بل كان نهمنا لهذا الجلد المدور من متابعة ما كان يجود به الإعلام المكتوب من توثيق لخوارق بيلي فكنا نقرأها ويسبح خيالنا بعيدا ليرسم كل واحد منا بورتري لهذا المبدع على مقاس خياله، مستندين لـ«بانيني» كنا نجمعهم لنجوم اللعبة يومها ولبعض اللقطات التي كان ثلثها غير ملون يجود بها علينا عبر فترات متباعدة تلفزيون ذلك الزمن الحميل بمعلقيه الفرنسيين والبلاجكة من روجي لابورور للاتيني الأشهر فيكتور هيكتور موراليس صاحب أشهر تعليق على الهدف  الأسطوري لماردونا باليد في مرمى شيلطون...وهدف بيلي وكارلوس البرطو باريرا في مرمى الطاليان قبله ب 16 عاما في مونديال المكسيك 1970... 
اليوم أسطورة بيلي لم تنته ولن تنمحي، لكنها مهددة بأخطر مجرمين عرفتهما كرة القدم على مر كل العصور، نهاية الأسبوع المنصرم البرغوث أو لابولغا الأرجنتيني ليونيل ميسي عادل رقم بيلي643 هدفا، كأثر من سجلا لفريق واحد وبعدها سيتلقى رسالة عاطفية من بيلي الذي أخبره أنه يقدر مشاعر ابن الطانغو وأن قصتهما متشابهة، وبلوغ هذه الحصيلة لا تعني شيئا قدر عكسها كما أبرق بيلي لميسي لخصلات الوفاء والإخلاص لناد واحد من سانطوس جوهرة البرازيليين السمراء لبارصا برغوث الأرجنتينين...ولو أن بيلي مؤكد شعر بعد كل هذاالعمر وكل هذا الصمود أن زلزالا ما قد ضربه وهو الذي ما أعتقد كما نحن، أنه سيأتي يوم ليحرك فيه كائن من كان هذه الأرقام التي خلناها خالدة أزلية؟؟؟ 
في نفس اليوم كان مجرم آخر يعبث بكل قواعد الجاذبية ويتمرد على عاديات العمر ولا يقيم كبير وزن لا لأحكام السن ولا لأسطورة الكاتناشيو ولا وزراء دفاع الطاليان كبير اعتبر، رونالدو يسجل بعد أن ارتقى عاليا أمام بارما وهو يغازل سن 36 ثنائية وضعته على مرمى حجر من أن يطيح برقم بيلي ليصبح أكثر من سجل عبر تاريخ الجلد المدور، وعبر تاريخ مجرة التبانة وكوكب الأرض...ليطيح بكل من بيلي وبيكام وروماريو ومعهم علي دائي فيتملك كل الأرقام الخالدة والقياسية باسمه ولتفخر البرتغال بهذه الظاهرة... 
لذلك بدأ بيلي في تحرير خطاب تهنئة آخر سيتوجه به لرونالدو هذه المرة، لأن رونالدو سيصبح الأعلى والأكثر تهديفا منذ تقرر حشو جلد مدور بكمية هواء ليصبح لعبة يطلق عليها «كرة القدم» ولعل وقع هذا على بيلي أشد مضاضة من وقع معادلة ميسي لرقمه مع فريق واحد... 
صحيح لم نكن محظوظين لنتابع ونواكب معزوفات بيلي بأم العين وإنما رصدناها بنقل بطيء وتوثيق تلفزيوني لم يروي لنا عطشا، ولا هو صد لنا فضولا، لكننا محظوظون في عز الثورة التكنولوجيا الراصدة من زوايا وبأبعاد مختلفة وجد متطورة لكل الخوراق التي حملتها أقدام ورأس رونالدو وميسي... 
محظوظون نحن بمجايلة أجمل مجرمين، أجمل عابثين بقواعد الكرة وأخلاقياتها وقد استعمرا الجوائز الفردية ولم يتركا لغيرهما سوى الفتات أو ما عافتهما نفسيهما ... 
محظوظون نحن برونالدو وميسي وقد غردا في سرب غير السرب، وسبحا بنا على امتداد ما يقارب العقدين في ملكوت الإبداع، وقد أرهقنا نحن في الرصد والحساب والتعقب ولم يرهقا هما بالسخاء وتدمير حصون المنافسين...ولكم كانت صورة كليهما وهما يراقبان تتويج ليفاندوفسكي المستحق بجائزة الأفضل من طرف الفيفا معبرة ودرسا لنا ولكل متقاعس خمول خانع وقانع بالحد الأدنى من المكافأة. 
فقد ظهر رونالدو حزينا عبوسا، وهذه التكشيرة ليست تكبرا ولا خيلاء ولا حتى اعتدادا بالذات، بل هي رسالة دالة على أن هذا المخلوق كما قال من لعبوا معه أو دربوه من كوكب آخر، فهو لا يرضى بغير «النامبر وان»  وتلك من خصال العظام والعباقرة  والنبغاء، فلا الجاه ولا الثروة ولا الشهرة نالوا من هذا الإصرار وهذا هو ما يسمى بالشغف ...