مسافة زمنية طويلة شهدناها جميعا مع تأهل المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة لكأس العالم مع فتحي جمال، وكان وقتها شبان المغرب أفضل منتخب القارة السمراء وأفضل منتخب عربي، ومن بين الأربعة الأوائل في العالم الذين وصلوا إلى نصف النهائي في أعظم مراحل الإنجازات التاريخية لمنتخبات الشباب، ونتذكر جميعا أن كشكول الأسماء المختلطة بين رعيل المغرب الذي شكل آنذاك نواة المنتخب ب13 دوليا واصل أكثرهم مشوار التألق تدريجيا إلى أن سقطت روح هوية البعض وبقيت أسماء أخرى على مدار هذه السنين حاضرة في السجل التنافسي من قبيل البورقادي ويوسف رابح ومحسن ياجور وسعيد فتاح وعبد السلام بنجلون، مع ثمانية محترفين قاد أكثرهم طريق النجاح احترافيا إلى اليوم، وترسخت أسماؤهم في مشروع المنتخبين الأولمبي والكبار عبر محطات تاريخية أبرزهم أحمد القنطاري وعادل هرماش ونبيل الزهر ورشيد تبيركانين وكريم الأحمدي. ومعهم ربح المنتخب الأول جيلا وإن كان على قلته، أسماء وازنة أعطت هوية لحضورها الإحترافي وحفظا لأثرها الرجعي في التنافسية المطلقة، ولكن في صلب الأسماء الوطنية من صلب البطولة، لم تستمر في عالمها الدولي، ولم تقدم الإشارات القوية لترسيم مكانها الطبيعي إلا من خلال فجوات وثقب نداء عابرة من قبيل يوسف رابح وعبد السلام بنجلون وهشام العمراني ومحسن ياجور وسعيد فتاح، وهو ما يعني أن هذا المنتخب الذي وصل إلى نصف نهائي كأس العالم، لم يحصل معه أية ردة فعل مداومة للتألق للوصول إلى منتخب الكبار إلا بأسماء قليلة برز أكثرها في شق المحترفين محفوظة أسماؤهم إلى اليوم كما قلت (القنطاري ـ عادل هرماش ـ كريم الأحمدي ونبيل الزهر) . 
وعلى مدار سبع محطات إفريقية عن كؤوس إفريقيا وحتى كأس العالم، مات نبض الخلافة على الرغم من المراحل التي خرجت فيها المنتخبات الشابة المتعاقبة بتفاوتات التألق والشلل في الهوية عبر الإقصاء المباشر، ومات نبض القاعدة لدى الأندية، ولم يعد هناك أي خيار لحفظ ماء الوجه الدولي للمنتخبات المتعاقبة على مدار خمسة عشر سنة من الإنتظار والصبر، وإن كنا نسائل جوهر الأشياء وهي أن الجامغعت المتعاقبة أيضا لم يكن لديها استرتيجية البناء والإستمرار في مخطط تهييء الخلف عبر الفئات العمرية دوليا، واليها وجهت أصابع الإفلاس لكونها لم تلزم الاندية بقوة التكوين، وأضاعت سيولة مالية في معسكرات ضخمة بلا نتائج، وهي التي عكست ذات الإحباط في مشروع هوية فاشلة في صلب التكوين لدى الأندية. واليوم، نسجل ميلاد فجوة أطلت بضوء جيل يرسم دواخله من صلب جامعة تؤمن بالإجتهاد عندما برز منتخب الشباب بأول تحليق إفريقي مفاجئ بالفعل مع إسم شاب واطار صاعد هو زكرياء عبوب، وهذه الفجوة تطل بمعايير مختلفة من القراءات للمحطات القادمة وللنموذج المغربي بألوان جديدة ترصد حركية الطابع المختلط بين تكوين المغرب وتكوين أوروبا، وهي نفس التوجهات التاي حاصرها فتحي جمال سابقا في جعل الإنسياب الكروي محمولا لهوية واحدة حتى ولو كان التكوين مختلطا بين المغرب واوروبا، وما حققه أشبال الأطلس اليوم مبدئيا للتأهل إلى كأس إفريقيا المقبلة، هو عودة أصل الكرة المغربية إلى جوهر الإنتفاضة التي كان من المفروض أن تتواصل في الإستحقاقات الدائمة، لا أن تتقاطع مع عسل اللحظة وتنام على علقم الإقصاء الدائم. وهذا هو العيب الذي اجتر الكرة المغربية في ويلات النوم الثقيل.  
وعندما نعيش اليوم احتفالا بلحظة الإنتفاضة القارية، فحدودها لا تقف عند هذا الحد من الأفراح النسبية، والقادم أصعب، والمستقبل يحبل برؤيا كأس إفريقيا على المحك بعد شهر ونصف، ولا حاجة لأن نضخم ونرفع هذا الجيل فوق بساط السحاب لأنه قطع خطوة صغيرة هي في ميزان عقولهم انجازا مثيرا وهو حقهم، ولكن أصل الأشياء أن التأهل يعتبر معبرا للعالمية، والدخول إلى العالمية يستوجب جهادا أكبر كما تفاعل معه منتخب 2005، وجيل عبوب والجامعة التي يحسب لها هذا المعبر الدلالي، مفروض أن يكون دلالة مستقبلية ليس فحسب لقراءة مشروع كأس إفريقيا بقوة الوصول إلى كأس العالم، ولكن بقراءة الأسماء التي صنعت هذا التأهل على أنه ميلاد للوصول إلى منتخب الكبار في أقرب وقت وليس انتظار كأس العالم 2026، لكون راهنية التألق بمنتخب الشبان قد يزكي طرح رفع سقف الطموحات الدولية والإحترافية، ومن يدري، فقد يكون هذا الجيل قد رسم طريق إحترافه ورفع كوطته الدولية والإحترافية لدخول سوق الإنتقالات. ومع ذلك نأمل أن يكون هذا الجيل لبنة للتعايش مع الحلم كحلم واقعي للوصول الى منتخب الكبار، في نفس السياق يصنع خلفه منتخب جديد بأسرع وثيرة لخلافة من شهد تغيير الوقائع،  وهذا المشروع هو مشروع الأندية التي يفترض أن تجهز نفسها للإقلاع الحقيقي، لا أن تنام على التسويف والتكوين الهش.