قبل عامين فقط، تفتق نقاش تكوم مثل كرة الثلج التي كبرت في منصات التواصل، لتفرز لنا جدلا قويا كان محوره الرئيس عبد الرزاق حمد الله، وقد ركب صهوة المظلومية والإستهداف وعزف على وتر «ابن البلد المحگور» من أبناء جلدته ولم يكن المستهدف يومها دون أن تكون له ناقة أو جمل في هذه الجذبة سوى يوسف النصيري... 
تحمل ابن فاس يوسف يومها ظلم إخوته من الفيسبوكيين الذين حاولوا أن يلقوا به في غيابات جب  مقارنة ظالمة، ورموا به لذئاب المدونين لتنهش لحمه وهو عظم طري بالكاد غادر أكاديمية محمد الخامس. 
تذكرون يومها أن رونار اصطحب معه لل«كان» النصيري ومعه بوطيب بركبته المعطوبة، لذلك لم يلعب بوطيب سوى دقائق  معدودات أمام ناميبيا وبعدها ترك الثقل والأعباء ينوء بها ظهر النصيري وحيدا. 
ومن أول مشاركة له  أبرق النصيري في واحدة من أسوأ نسخ خط وسط الأسود، وقد غابت فيها ألمعية زياش وكان بوصوفة وحيدا من يحلق مثل الفراشة، لذلك كان منسوب الرحيق الذي يصل النصيري في الهجوم قليلا ومع ذلك سجل هدفين...
وعند كل هدف كان النصيري يحتفل بطريقته الخاصة ويقول «أنا هنا موجود» وفي ذلك رد على  كل من جلدوه وباعوه رخيصا في سوق نخاسة الموقع الأزرق لأجل عيون ابن آسفي ومظلوميته وهو الذي كان يظهر تارة مستفزا  لمشاعر زملائه بالـ«كان» يشرب عصيره في كأسه الكبير وتلك رسالة شعبوية يفهمها الفيسبوكيون أكثر من غيره بعنوان «عطيه العصير» وتارة يروض كلبه على رمال شاطئ آسفي غير عابئ ولا مهتم بنزال للفريق الوطني، إلى أن ظهر في النهائي مهنئا منتخب الجزائر على تتويجهم أمام السينغال...
ماذا حدث بين الأمس واليوم؟ ما الذي تغير بين تلك الرسائل الغرامية بين الإثنين واليوم؟ ومن علا وارتفع ومن سقط ووقع ؟ 
اليوم النصيري في صورة الفهد الأسمر رشيق حيوي ما علا وسما، وقد غادر ليغانيس ليصبح فاتح الأندلس الكروي الجديد، وهو يوقع على موسم خرافي ملحمي الأبعاد، بالليغا كما بمعترك العمالقة الأبطال في العصبة الأوروبية وهو هداف لناديه في المحفلين معا...
اليوم حمد الله بأرطال زائدة وضربات جزاء معاندة، وبداية موسم كارثية رفقة النصر، فلا هو حمل ناديه على أكتافه ليخلصه من وعثاء وضنك الصفوف الخلفية ولا هو استمر في نفس العزف التهديفي كما كان قبل فترة. 
اليوم النصيري بسومة وقيمة تسويقية مرتفعة تكتب عنه «ماركا» و«ليكيب» و«الآس» و«فرانس فوتبول» و«لاغاديطا» ويدردش باسمه في التشرينغيتو، كصاحب هاتريك تاريخي مكنه من معادلة ثنائية الأسطورة بنمببارك ويوسف العربي وشيشا وجميعهم سجلوا الهاتريك مرتين في الليغا... مقابل تناول سوالف الخليجيين لتدني مستوى حمد الله في برامج تتنذر على وزنه وتداول اسمه في صحف لا يقرأها أحيانا حتى من يكتبون فيها، وهم يتنكرون لبلائه الحسن هدافا تاريخيا للبطولة السعودية والنصر ويحفظون له فقط في ذاكرتهم السمكية بهذه البداية الرتيبة.
اليوم النصيري هو مشروع هداف تاريخي للفريق الوطني، سنه الصغير ورقمه 15 هدفا يؤهله لأن يتجاوز بصير ويصبح وصيفا لفراس ولما لا اللحاق به، وحديث عن اهتمام عمالقة أوروبا بخدماته، وحمد الله  نأى أكثر من أي وقت مضى عن حمى الأسود وأكثر ما يمكنه أن يحل به هو أن ينقذ كبرياء مساره الكارثي هذا في ظل تنكر النصراوية له، وقد كثرت مشاكساته مع زملائه، ولم يسلم منها حتى الخلوق أمرابط وتارة ينزع الشارة من ذراعه وسط المبارة ليسلمها لزميله ما يكون في مشهد لا يليق بالقادة...
أنا هنا لست متجنيا ولا متحاملا على عبد الرزاق حمد الله، لأنه لم يكن أحد أكثر من العبد لله منتصرا له يوم أبعد عن المعمورة وعكسنا يومها للوعته ونقلنا مظلوميته وواكبنا «برومو» الإثارة الهوليودية التي حاول أن يسبغها ويضفيها على استبعاده لغاية اعتزاله المقصود من أمريكا، بل معيدا للنصيري بعضا ،ليس كل حقه المسلوب يومها... 
نحن هنا ننتصر للأفضل بكل لغات العالم الكروية، الأفضل بالأهداف والأفضل بسياق التباري مع العمالقة والكبار أوروبيا والأفضل بالإنضباط والأفضل بحمله لواء علم بلاده في بطولة  عالمية والأفضل بالسن والمستقبل والطموح والقيمة التسويقية. 
من يملك منكم مقارنات غير هذه فهي مقبولة لأنه لا وجود لأحكام قيمة مطلقة طالما أنها دائما نسبية..