في العمود السابق تناولت النمر الفاسي يوسف النصيري الذي يلتهم الجميع في إسبانيا وحتى أوروبيا، كيف لا و هو الهداف الأول لليغا من دون احتساب ضربات الجزاء التي تمنح الفارق لميسي وبعده أسباس.. اليوم سأتناول سنونو آخر يصنع الربيع في حدائق الأندلس، ياسين بونو الذي أصبح وردة الياسمين التي تزين مزهرية إشبيلية و سأدلكم على سر انتفاضة هذا الوحش الذي هو اليوم إحصائيا الحارس الأول في أوروبا بواقع الصد والرد للكرات وملك إجهاض الإنفرادات.. قبل عام ونيف نال بعض السلاخة من ياسين بونو، إتهموه بالسهر والفجور في رحاب القاهرة، إلتقطوا له صورا وأعادوا تقطيعها وقالوا أنه كان في حضرة سهرة مخملية على متن إحدى العبارات قبل مباراة بنين، لذلك فشل في صد ضربات جزاء السناجب فحملوه ما يطيق وما لا يطيق.. كنت يومها مع وزير الشباب والرياضة السابق في مكتبه، السيد رشيد الطالبي العلمي لما كان هاتفه يستقبل رنات متتالية تدعوه من معلوم وأكثر من مجهول للتحري في إهدار زياش لضربة الجزاء الشهيرة، وفي واقعة سهر فيصل فجر وبونو وبوصوفة وغيرهم ممن إلتقطت لهم صور مع معجبين وأعيد رسم مونتاجات خبيثة لها. وجدت السيدالوزير وقد استند لما له من آليات تحري وتحقيق قد خلص للحقيقة التي ملخصها أن ما يرى هو حديث فاسق يأتي الناس بالباطل ليصيبهم بجهالة، فتم احتواء اعتزال زياش يومها لو تذكرون وأغلق ملف سهر بونو والرفاق. بونو الخلوق و «لولد المربي» لم يخرج بسعار الرد والتلاسن، طار صوب إسبانيا ومن تم اختار خطوة ترك جيرونا التي هبطت وقد أضناه هبوطا مع لوعة إقصاء الأسود ليقرر اللعب لإشبيلية ولو معارا. بونو يرفض اللعب في «السيكونادا»، فهي لا تليق بمقام حامي عرين الأسودالأول، وهنا عاد اللئام ليضعوا ياسين في مأدبتهم ثانية متهكمين عليه، وقد اختار أن يكون في ظل الحارس العملاق طوماس فاسليك. صبر ياسين، ولأنه للصابرين جزاء موفور، فقد أصيب فاسليك ليتسلم ياسين قفازات الرسمية، وهنا حدث ما لم يتوقعه لا فاسليك ولا إعلام الإسبان ولا مرتادو البيزخوان ملعب إشبيلية وقد تحول لقفار مهجور بسبب كورونا. بونو سيقود ثورته المجنونة في مرمى إشبيلية أوروبيا، صد ضربة جزاء وولفرهامبطون الشهيرة للاعب راوول خيمينيز الذي لا يضيع هذه الضربات فقادفريقه للتأهل، بعدها سيلتحم مرتين مع الفرنسي مارسيال والنجم راشفورد في انفرادات حيرت النرويجي سولسكاير، ليقصي فريقه مانشيستر ويعبر بإشبيلية لنهائي أوروبا ليغ، حيث أكمل إليادة الإعجاز وهو يرعب الدبابة البلجيكية لوكاكو ويحوله لمسخرة بالتصدي لأشهر انفراداته ويعلن ناديه بطلا لأوروبا. هنا سيطلب لوبيتبغي إدارة إشبيلية تقديم مهر الزواج لبونو بعد الخطبة المثمرة، وسيتحول ياسين لجدار صد من فولاذ بأقوى كلين شيتات، وتقدمه الأرقام حارس أوروبا الأول للعام المنصرم. بونو الذي لامه البعض على فشله في صد ضربات مغموري بنين، سيصد ضربة ثانية بعد ضربة خيمينز للاعب نبيل فقير في ديربي الأندلس أمام بيتيس، ويحجب الخسارة عن ناديه، ويعود أمام ألافيس لمنع اللاعب سامارتن الذي لا يضيع الجزاءات من التسجيل ويقود ناديه لانتصار انعطافي في الليغا وضعه في ركب الصدارة مع الكبار. حاولت أن أختزل لكم ما يشبه البورتري للسنونو بونو، وهو يصنع الربيع الأندلسي، ولو أن حارس الأسود الأول يستحق مساحة أرحب تتناول هذه الإنعطافة العملاقة في مشواره وهو يسير بخطى الواثق ليبصم على نفس الإليادة وربما أكثر لتلك التي وقع عليها ملهمه وقدوته الزاكي بادو في شبه جزيرة مايوركا. فكلاهما انطلق من الوداد، وكلاهما تعملق وتألق في إسبانيا ونالا إعجاب كل أوروبا.