ما معنى أن تمعن الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم في تعذيب الأندية وهي التي يفترض أن تكون الحامي لها؟ ما معنى أن تضع لجنة المسابقات التابعة للكاف، سيف الزمن حادا على رأس الوداد وتطالبه أولا بلهجة مخففة بإيجاد ملعب في بلد محايد يأوي مباراته أمام كايزر شيفس الجنوب إفريقي، ثم تـأمره تاليا بلهجة فيها الكثير من الوعيد والتهديد بإيجاد ملعب للمباراة الملعونة، وإلا سيكون المصير، هزيمة على الورق وصفر نقطة في الرصيد؟ عقدت مقارنة على السريع بين الإتحاد الأوروبي لكرة القدم وبين الكونفدرالية الإفريقية، عند تدبيرهما معا للمستجد المرتبط بالسلالة المتحولة لفيروس كورونا، والذي اتخذت كثير من الدول قرارا قطعيا بحظر التنقلات جوا وبحرا مع كل الدول التي تفشت فيها هذه السلالة الأكثر تنقلا والأكثر خطورة مما سلف، فوجدت ما يقول، بأن البون شاسع في صناعة القرارات التي تعلى من قيمة المؤسسة الكروية القارية ولا تترك مجالا للنيل من مصداقية منافساتها ولا تمارس أي نوع من الإذلال على الأندية، فبينما عمد الإتحاد الأوربي من دون أي لغط أو بهرجة أو كسر للعظام، إلى ترحيل المباريات التي كانت فيها الأندية الإنجليزية طرفا إلى دول غير دول الأندية المستضيفة لليفربول وتشيلسي والمان سيتي، دعتنا الكونفدرالية الإفريقية إلى مسلسل بئيس بؤس صناع القرارات، حتى أنها جعلتنا نشك أن وراء الأكمة مؤامرات تحاك وتسييسا بشعا يمارس على المواقف، وتنكيلا بالأندية التي تقف بين حكوماتها وبين الكونفدرالية موقف الحائر لأي جبهة ستنتصر، مع أن ما يصدر عن البلد تكون له دائما طبيعة سيادية غير قابلة للنقاش أو حتى للتفاوض. لم يكف الكونفدرالية ما أذاقته للوداد من ويلات على خلفية التدبير الأرعن والفاضح لنهائي العار برادس سنة 2019، ففاقت «الخل» حموضة، وهي تعامل الوداد بشكل لا يليق بمؤسسة يفترض فيها أن تكون وصية على الأندية، وحامية لمصالحها ولا تتعامل معها بمنطق السوابق والخلفيات. ما كان للوداد أن يفعل شيئا والسلطات المغربية ترفض إعمالا لقرار سيادي اتخذ قبل أسابيع في سياق التدابير المتخذة للتخفيف من تداعيات جائحة كوفيد 19، برمجة مباراته مع كايزر شيفس الجنوب إفريقي هنا بالدار البيضاء، وما كان بالإمكان أن يتحمل ما يجب أن تتحمله وتضطلع به الكونفدرالية الإفريقية تنزيلا لمقتضيات العرف الإستثنائي عند تدبير الجائحات والقوى القاهرة. إلا أنه برغم ذلك سارع بدعم من الجامعة إلى إيجاد ملعب ببلد محايد، هو ملعب السلام بمصر، نزولا عند القرار الذي اتخذته الكونفدرالية، وقد كان مستفزا للمشاعر ودالا على مدى تخبط المؤسسة الإفريقية، أن لجنة المسابقات أجلت المباراة التي برمجت يوم 19 فبراير بملعب السلام بالقاهرة إلى أجل غير مسمى، بسبب أن نادي كايزر شيفس اختلق مبررات واهية للتنصل من هذا الموعد، بل إن الإتحاد الجنوب إفريقي لكرة القدم سيمارس بطريقته نوعا من الضغط على الكاف، لتعريتها من أوراق التوت التي تغطي عوراتها، بأن وجهت الكاف إلى معاقبة كل فريق أو منتخب لا يستضيف فريقا من جنوب إفريقيا بسبب عدوى لا وجود لها (وعلى من يكذب هؤلاء). الفصل الآخر في مسلسل الفظاعة، ستكشف عنه رسالة وجهت بشكل مستعجل إلى الوداد يوم السبت الماضي، تأمره بأن يجد ملعبا آخر في أقل من 24 ساعة، ليأوي مباراته أمام كايزر شيفس الجنوب إفريقي يوم الأحد 28 فبراير الحالي، وإلا سيعلن الوداد خاسرا للمباراة. هل كانت لجنة المسابقات تريد لي ذراع الوداد ومعها الجامعة؟ هل كانت تريد أن تمارس نوعا من الوصاية «الوقحة» على الوداد؟ أم أنها كانت تهدف فقط إلى تصفية التركة الخبيثة التي تركها القبول من البداية ببرمجة مباريات الأندية الجنوب إفريقية من دون الأخذ بالإعتبار الحظر الممارس على جنوب إفريقيا وكل الدول التي تنشط بها السلالة المتحولة؟ أيا كان الأمر، فإن الوداد والجامعة أفسدا ظن الظانين ظن السوء، وقالا باللسان الفصيح للكاف ولمن يحيكون المؤامرات في المغارات «الوسخة»، أن المغرب لا يعجزه أن يجد لمباراة الوداد ملعبا في أقل من ساعة وليس أقل من 24 ساعة، لأن ما سيحدث و«المنتخب» كانت شاهدة على ذلك، أن أبواب إفريقيا فتحت بالكامل للوداد، وبدل بلد واحد، تقدمت ثلاث دول مرحبة باستضافة المباراة وجرى اختيار بوركينا فاسو لأنها المحطة الأنسب لكي يؤمن الفرسان الحمر الإنتقال السلس من لواندا التي واجهوا بها الثلاثاء الماضي بيترو أتلتيكو إلى واغادوغو التي سيواجهون بها رسميا كايزر شيفس يوم الأحد القادم في مؤجل الجولة الأولى لدور المجموعات. هل تبقي جنوب إفريقيا وعيدها بعدم تنقل نواديها لدول غير الدول المقيدة لها لإجراء مبارياتها؟ هذا أمر لا يهمنا ولا نلقي له بالا، ما يهمنا أن الوداد أفلح في حل هذه المعضلة المفتعلة، وكل الذين خامرهم شك في ذلك، توصلوا إلى حقيقة أن المغرب يحصد ما زرعه منذ سنوات من بذرات الخير والأمل في القارة الإفريقية، ويجني ثمار منظومته الرائعة والرائدة التي كان عنوانها منذ سنوات «العمل مع إفريقيا للإنتصار مع إفريقيا»، و«اللي ما عجبوا حال يضرب راسو مع الحيط» أو يشرب ماء المتوسط والمحيط.