حملت هذا السؤال على خاطري لفترة طويلة، وكل مرة كنت أغالب هذه النفس الأمارة بالشك كي لا تكون آثمة الظن، إلا أنه وبعد كل هذه الفترة وبعد الذي تجمع من معطيات وخاصة بعد التلوث البصري الذي تابعناه يوم الجمعة على ملعب شيخة ولد بيديا أمكنني أن أعود لأتساءل استنكاريا فلا أحتاج لجواب من أحد وبالدارجة «واش وحيد هو الأنسب لهاد الجيل من اللعابة؟» أو بشكل آخر» واش هاد المجموعة وحيد هو اللي صالح ليها؟» فمن منطلق الرجل المناسب في المكان المناسب، وما ترسخ في المخيال والتراث الشعبي «وافق شن طبقة»، يحق لنا أن نتساءل إن كان البوسني فعلا هو الغطا الذي يليق ب«الحك» المتمثل في المجموعة الحالية من اللاعبين؟ قد تكونون مثلي تعذبتم وغالبتم هذه النفس كي تنهي فصول مباراة يؤسفني بصدق أن تجد طريقها لخزانة التوثيق والأرشيف بالكرة المغربية، لأنها من بين الأسوأ إن لم تكن الأسوأ على الإطلاق في التاريخ المعاصر للأسود. لم أعثر داخل هذه المسماة تجاوزا ما يليق بالرصد، لم أجد لوحيد ما يدفعني صحفيا أو يغري نقاش الجمهور العادي على تفتيت دقائقها بفعل الرداءة وغياب الخلق والشح الشديد لا من المدرب ليتدخل فيغير المنكر الكروي الذي عايناه ولا من اللاعبين «باش يزيدو شوية من عندهم» وقد ألجمت وقيدت أقدامهم تعليمات نواديهم التي تدفع لهم بالملايين تحذيرا من مغبة إصابة أو تهور قد يسددون فاتورته غاليا. ولئن تركت مباراة موريتانيا جانبا كي لا أكون متجنيا في الحكم على وحيد، أو متحاملا عليه لأنها ليست بالمرجع الذي يقاسعليه، فإن واقع الحال فيما سبق من مباريات، رسخ لدي دائما قناعة التساؤل المشروع إن كان وحيد في السن الذي هو عليه وبمرجعيته التقليدية الكلاسيكية وب«النشوفية» التي تلمسها في حديثه المتكرر المستغرق دائما حول الجوانب البدنية والمورفولوجية، هو الربان المناسب لجيل زياش المبدع والنصيري المدمر والعرابي الرشاش ولمرابط الكاسحة وبونو الجدار حكيمي التيجيفي وسايس الحصن وأملاح السخاء والمزراوي الفاكتور وغيرهم... وأنت ترصد مباريات وحيد الـ 11بأرقامها المتوسطة «فاز إقل مما تعادل»، وبالتنويع الغريب المحبط في سياقات التجريب والبريكولاج الذي لا ينتهي» جرب 8 وصفات بحثا عن بديل بنعطية»، دون أن يقنعنا بأنه لغاية اليوم وهو يقترب من عامه الثاني بيننا ومعنا على أنه عثر على رفيق الألمعي رومان سايس. إن لم يستغل وحيد العرابي بتدفقه في هذا السن ويرمي به رمحا هجوميا ثانيا من النصيري مثلما يفعل لوبيتيغي «أوكامبوس والنصيري» فمتى سيفعلها؟ إن لم يغرف وحيد من معين إلهام زياش حاليا ويضعه في نفس السياق الذي يوظف فيه جمال بماضي رياض محرز مع محاربي الجزائر فمتى سيفعلها؟ إن لم يثبت وحيد الرائع حكيمي في رواقه الحميم كما وصفناه وبعلن زواجه الأبدي به، عكس زواج المتعة أو الواج العرفي الذي خلخل اللاعب وثقة اللاعب فلا نشاهده بنفس الألق الذي هو عليه في «جويسيبي مياتزا» مع انتر ميلان فمتى يفعلها؟ الأسماء اللامعة اليوم والموضة المسيطرة اليوم عالميا هي موضة، زيدان وسيميوني وغوراديولا وجيرار وسولسكاير وهانز فليك، موضة بوكيتينو وأرتيتا وكونطي، موضة نايغلزمان وبيرلو ولامبارد ثم بلماضي وسيسي قريبا منا مع الجزائر والسينغال، لأن زمن ليبي وفينغر والسير فيرغيسون واريكسون وحتى اليغري وربما مورينيو وأنشيلوتي صارت تتلاشى بالتدريج. أسوق هذه النماذج لأنها واقع، فمواهب اليوم مثل تلاميذ اليوم لمتعد تتناغم مع الأسماء المخضرمة المتقدمة في السن، مواهب اليوم مثل تلاميذ اليوم لم تعد تقيم كبير احترام وتقدير للأسماء العتيقة وتحتاج لمن هو أقرب لتفكيرها ولمن يطابق سنها ولمن يملك الجرأة ليفجر موهبتها بالأداء السلس الممتع والتيكي تاكا الممتع للعيون، لا المتعب والمرهق لها. لم أكن بحاجة لموقعة موريتانيا لأقدم انطباعي هذا من وحيد، لأني لست من هواة ترصد أشباه الفرص، هي قناعة عبرت عنها مرارا ولو مع دفاعي الشديد عن اختياراته، لأني أرى أنه ناشف وتقليدي ويقيد ابداعات هذه المجموعة التي والله أعلم تملك في الجعبة أكثر ومعها بالإمكان أكثر مما كان، لكن مع مبدع وملهم وجريء وليس مع «سكة قديمة».