قبل أسبوع فقط كتبت هنا في نفس النافذة ما يشبه استباق الوضع وحدس واقعه من خلال «مرافعة وحيد المنتظرة» ولكم أن تعودوا للعمود بأدق تفاصيله وستلامسون، صدق التوقع والذي ما هو بسحر ولا تنجيم ولا بقراءة طالع ولا توغل في عمق ومكنونات المدرب البوسني، بقدر ما جسد قراءة متواضعة طابقت شخصيته الصدامية العنيفة، وقد واكبت سوابقه من هذا النوع في تجاربه ببلاده فرنسا وخاصة مع اليابانيين المشهورين بسواد شعرهم، إلا أن البوسني جعل إعلامهم يشيب لهول ما كان يأتي به من تصرفات لم يعدها هذا الشعب المجبول علي الجدية والصدق ولا يعرف لـ«الزيغ - زاغ» ثم خروبه وما أكثرها مع الدزايريين الذين «حمقهم» بصريح المدلول و العبارة. ودون أن تحتاجوا أو يحتاج أكثركم فطنة كبيرة، لتفمهوا وقد فهمتم شخصية «وحيد زمانه» فهو شخص جاف، يتوهم الحروب والأعداء ويصوغ قصصا ويعود ليرد عليها بل أحيانا يتوهم جبهات ومعارك لا وجود لها أصلا وعداء هو من صميم خياله ليتقمص الدونكيشيطوية ويركب حصانه العليل «لسانه غير الفصيح» فيحارب طواحين الهواء. لكن أن يأتي وحيدفي تلك الندوة ليبصق في الإناء الذي يقتات منه، ويسب الملة وهو آكل معنا للغلة ويورطنا في حسابات لا قبل ولا دخل لنا بها فتركها مطية ليتاجر بها بعض الإعلام الجزائري وقد تعودوا تصديرأزماتهم عبر هكذا فرص، فهذا ليس مقبولا ولا يمكن تجاوزه أو التغاضي عنه. بدا وكأن وحيد قد ركب صهوة ما يراه هو إنجازا بالتأهل للكان، وقد بلغت به العنترية والإستعراض العنيف، تارة بقوله أن هناك من يتربص وتارة يحاكم النوايا ليؤكد لنا أنه يدرك أنه بيننا وفينا من يضمر له الكراهية ولا يبادلونه الود، لذلك عاد ودون أن يترك المجال للفواصل ليواصل كتابة جملته الهجائية بإبلاغنا» وأنا بدوري لا أحبكم؟» فأي ميثاق ود وأي مقاربة تشاركية تلك التي ينسدها ناخب وطني يغرف من المال العام، وباسم الحق في تتبع مآل هذا المال العام نسائله من موقع الإختلاف لا الخلاف، الإختلاف الرحيم الذي لا يفسد للود قضايا ؟ وليظل كل هذا في واد وفي كفة، وأن يمعن البوسني في استفزازنا وقد توغل في ذواتنا ليخبرنا أن تتويج الجزائر نال من سويداء وحنايا أفئدتنا فأصابها بالحزن وقد ججل ليقول بالحسد، قلت هذاوحده في كفة ثانية لأنه وهذه حقيقة علينا أن نجاهر بها، ولو نبس مدرب مغربي بمثل الذي فاضت به شفاه وحيد لقامت الدنيا ولم تقعد ولأحيل على تقاعده النسبي ودون تعويضات نهاية الخدمة هذا أكيد. ساعة من الزمن كلها مقدمة بئيسة فيها من العموميات ما لم يفد المتتبع لشأن المنتخب الوطني في شيء، ساعة من الخطابة الجافة ومن تعويم النقاش بدل أن يخبرنا عن سبب تردي المستوى ورداءة ما يقدمه هذا الجيل الموهوب والجميل من اللاعبين وبدل أن يخبرنا عن سر النشاز الذي يطبع الكورال الجماعي٫و سر ظهور شكل البناء مشوها بهندسةعشوائية تعكس إفلاس المهندس ... قلت بدل أن يتحلى بالشجاعة الأدبية وما كان بحاجة لها من الأصل، بعدما قضي أمر التأهل، حضر وحيد متأبطا شره فمارس كل أشكال العنف اللفظي والتعبيري الذي ورطه أكثره مما يخدمه كما توقع، إلا أذا كان البوسني قد درس جيدا خطاطة ندوته وتعمد توجيهها وفق الشكل إياه لغاية في النفس. لم يسبق في تاريخ ناخب وطني في آخر السنوات وأن وضع مدرب نفسه في زاوية ضيقة مع قبيلة الإعلاميين وتحديدا مع الأنصار، مثل الذي وضع فيه وحيد نفسه. لا غيرتس ولا حتى لومير الذي اشتهر بنفس نسق العدوانية في التصريحات، ولا رونار بكل الكاريزما وجنون العظمة الذي كان يستبد به أحيانا، تورطوا في هكذا جدل مع معشر الأنصار ولا جلبوا لأنفسهم عداء مجانيا من هذا المعترك مثلما وضع المدرب البوسني اليوم، والذي بدل أن يكحلها بعد رداء الأداء عماها بندوته الغريبة الأطوار. أما نحن ومن يدور في فلكنا ممن اخترق وحيد ما نخالجه ونضمره له من عداء، فقد رد علينا فأوجعنا حين أخبرنا «بدوري أكرهكم» ..