قمة الوقاحة أن يتهادى لسمعك ممن لم يضرب أو يركل في حياته كرة القدم على المستوى العالي، واكتفى بذلك في دربه أو في دولابه، ليشنف أذنيك بثلوت سمعي وهو يخوض في سيرة زيدان ويصفه بالمدرب الفاشل تارة، والمفلس تارة أخرى وفي أرق حالاته عطفا ينعته بـ«المحظوظ»... لن أتحدث عن الذين ينطقون بوازع شعبوي عن «المدير» مودريتش ويقارنون هذا الذي أجاد المبدع المصري أبو تريكة بوصفه «بومادا العيون» أو دواء العيون كونه يريح الناظرين ويسرهم وهو يتنقل مثل الفراشة ليوزع رحيقه في أرجاء الملعب وتارة يخيل إليك وكأنه قائد أوركسترا يعزف سمفونية تجذبك فتأسرك ثم تسحرك ...بل منهم من يقارن مودريتش بالحافيظي ولمباركي وهلم شرا من هول رويبضات «البوز المفضوح»... في سن 35 سنة يصر مودريتش على اللعب على أعلى مستوى مع ريال مدريد، في وقت رحل أنيسطا الأصغر منه سنا لليابان واعتزل غزافيي في سن أقل من ذلك بكثير...وفي سن 33 توج بجائزة الكرة الذهبية في عهد ميسي ورونالدو ولن أتوغل في باقي التفاصيل التي ينهل منها الشعبويون، والتي للأسف تجرف ناشئة وجيلا صاعدا ليخوض فيها ويتفاعل معها ويسقط معها في ضحالة مستنقع فكري رديء وبئيس بل مقرف ومقزز أحيانا؟ لن أتحدث عن الذين يقارنون أيضا لاعبي البطولة الساحر طوني كروس الذي يتقمص دور «الليفرور» فيكفي أن تدله على عنوانك فيوصل لك المنتوج وأنت تطالع جريدة على سريرك مرتاحا...بل يتقمص دور المعماري الذي يدلك على خرائط الفرح أين وجدت ويكشف لك مخابئ الكنوز أين أخفيت وتارة يتحول لطبيب جراح بنظم وسوف الطرب. سأتحدث عن زيدان الذي اجتعمت فيه 3 خصال قلما تجتمع في غيره فكانت هذه المعادلة المستحيلة أحد ميزات عبقريته، زيدان اللاعب الفذ وزيدان المدرب العبقري وزيدان المشبع بقيم الإنسانية... اللاعب كلنا عشقناه والمدرب جميعنا وقف له وقفة تقدير والإنسان قلما تجده يخوض في سيرة مدرب منافس، ولا هو احتج على تحكيم ولا ضبط في يوم متسللا يطعن في عرض مدرب خصم ...زيدان بمن حضر، لا يضجر لا يتأفف ولا يبكي من برمجة ولا يلعن ثلوجا ولا يعارض رئيسا ولا يلوم لاعبا خذله، هو المتحمل عند كل ندوة كامل المسؤولية عند الخسارة واضعا رقبته تحت منشار النجارة، مشيدا برجاله عند المكسب مقرا بتواضعه كونه مدين لهم ... ما قدمه زيدان أمام كلوب الألماني الذي أعلنته الفيفا سرقة «مدرب العام الكوروني» وقد كان مستحق ذلك اللقب مواطنه هانز فليك صاحب السداسية التاريخية رفقة بايرن، ما قدمه على ملعب ديستيفانو كان لوحة جميلة، كان شيئا راقيا بالفعل وقد كرر أمام الألماني نفس نتيجة نهائي كييف قبل3 سنوات. وهنا لن أتحدث عن موقعة الأمس بالأنفيلد ولا ترويض زيزو للبارصا «رايح جاي» وبإهانة صريحة لكومان وهو يسحب نصف ساعة قبل نهاية المباراة «كروس، بنزيما وفينيسيوس» ويكمل معه المعركة بالكاسطيا وميليتاو ... أن يواصل زيدان عصر مودريتش، كروس وكاسيميرو وليخرج منهم العسل المصفى، ليحلبهم حلبا دون أن ينضب لهم معين ل7 مواسم متتالية٫ فهذه عبقرية يصعب على أي مدرب آخر أن يكررها... أن يفوز زيدان بناتشو، ولوكاس وميندي وميليتاو أمام أقوى وأخطر فريقين في الكالشيو هذاالموسم «الإنتر وأطلنطا» ذهابا وإيابا وأن يفوز على البارصا، أتلتيكو واشبيلية في معاقلها في الليغا وهي أطراف صدارة البطولة الإسبانية ويعود قبل «أشهر وهو تحت وقع قصف عنيف ليقول لهم» العبرة بالخواتيم ولنتحاسب نهاية الموسم» فهنا إما أننا أمام دجال كروي، أوعبقري خارق أو محظوظ بلغة الشعبويين. لذلك يستحق زيدان أيا كانت حصيلة ريال مدريد النهائية، تمثالا جديدا على مدخل ملعب ديسطيفانو تمثال يرمز لأعظم من درب الأبيض عبرالتاريخ وواحد من أعظم من مثلوا الميرنغي وروح الميرنغي الجميل. مستحيل على من يعشق الكرة أن يكره زيدان أو لا يعترف له بشبه الكمال الكروي إلا إذا كان متنطعا شعبويا أخرق.. رمضان مبارك كريم.