إن كان للتمرد وقت غادر، فهو الذي نعيشه اليوم أمام عمالقة الكرة العالمية بأوروبا عندما انبجست فكرة خلق مسابقة سوبر ليغ على أنقاض عصبة الأبطال الأوروبية من 20فريقا يفترض أن تبدأ الخطة أو الخطو في شهر غشت المقبل بعد أن استحضر 12 ناديا مقومات القبول في انتظار موافقة البقية في آجال محددة عبر البطولات الأوروبية الأكثر قوة، وهو دوري انتفاعي ومالي بالسيولة المفرطة عن تلك التي تقدمها الويفا بمنح لا تتناسب مع العمالقة، إلا أن هذه القراءة الجوهرية للغة المال على حساب سمعة الكرة، انبرت لها الاندية العملاقة 12 في إنجلترا ليفربول ومانشستر سيتي ومانشستر يونايتد وأرسنال وتوتنهام وتشيلسي وعمالقة إسبانيا، ريال مدريد وبرشلونة وأتلتيكو مدريد، بالإضافة إلى ثلاثي الكبار في إيطاليا جوفنتوس وميلان وإنتر ميلان لقبول تدشين البطولة المنفصلة بمشاركة 15ناديًا مؤسسًا، إذ ستنضم ثلاثة أندية أخرى إلى الأندية الـ12 الأساسية بجانب أندية أخرى ستشارك كضيوف،و قد تجر هذه الاندية الى ويلات وعقوبات ان هي وثقت هذا الدوري ضدا على ردود الفعل التي تناولها الاتحاد الاوروبي والاتحاد الدولي اللذين خالفا هذا التصور خارج القوانين المتعارف ، واتهما تلك الاندية بالجشع والانانية مثلما استعرض ذلك سيفرين رئيس الاتحاد الاوروبي (يويفا) عندما أكد بصريح العبارة  الأنانية حلت محل التضامن، المال أصبح أهم من المجد، الطمع بات أهم من الولاء والأرباح أكثر أهمية من العاطفة»، ما يعني أن رئيس الويفا استهدف بصفة خاصة ملاك الأندية الإنجليزية الستة، لكونهم ارتكبوا خطأ فادحا، لكن هناك وقت لإصلاح هذا الخطأ، على حد تعبيره.
ومن غريب الصدف أن هذا القرار الذي سرب الاحد الماضي ، كان موثقا بعد أن أبدى الاتحاد الأوروبي غضبه من تلك المخططات، موضحاً أنه ينوي توسيع رقعة المنافسة في دوري الأبطال ابتداء من عام 2024، أي من 32 الى 36 فريقا لترتفع سقف الطموحات والإجتهادات، إلا أن هذه ضربة «سوبر ليغ» تركت قلقا واسعا في الأوساط الأوروبية، وجفاء من مناصري الكرة العالمية ورؤساء الأندية الأوروبية بدرجة تضامن جماعي حول رفض قاطع للفكرة، إذ من المنتظر أن تعقد اجتماعات خاصة في هذا الشأن، وقد يكون لها تداعيات نحو سن عقوبات على الاندية المعنية بتكسير عظمة عصبة الأبطال، بل وأكثر من ذلك، سيكون على الأندية المشكلة للقرار أن تخلق شرخا ببطولاتها وتستبعد نهائيا من المنافسات وهو ما يشكل ضربة قوية لبطولة انجلترا التي قد تستبعد مها الاندية الستة مثل بطولتي اسبانيا وإيطاليا أيضا.
وكل من علق على الحدث من زواياه الخاصة، هناك من اعتبر الفكرة تسونامي، وخيانة، وطاعون، وجشع، ولهط نحو المال بعيدا عن حضارية الكرة والتضامن والروح الرياضية، وهناك من تريث في القرار بين مؤيد ومعارض من دواليب الكرة لاعبين ومدربين ورؤساء، ولكن الاجماع العام هو الرفض المطلق لمسابقة أتت على انقاض عصبة الابطال بغول المال، وإن رأت الأندية العملاقة في مغزى خلق هذا السوبر هو إنقاذ صناديق الأندية المنهكة بسبب وباء كورونا، إلا أن العقل يقول اجتهاديا حول هذا المعطى المفاجئ، هو لماذا لا تتقيد الويفا او الاتحاد الأوروبي بمبدإ دراسة المقترح من جوانب ثنائية مع الشركة الممولة لدعم العصبة بعيدا عن السلطوية؟ ولماذا تترفع الشركة الممولة عن ضغوط الاتحاد الاوروبي والإتحاد الدولي، ولا تقبل أو تراعي لتهديدات هذين القطبين؟ وإلا سنقول من الآن أن الكرة العالمية ستحكمها هذه الشركة (بنك جي بي مورغان) الأمريكي، مستقبلا للقضاء على الفيفا والويفا ، وهذا هو اللغز الذي يحير في عملية شد الحبل بين من يتحكم في الكرة العالمية بالقوانين والأعراف، وبين الشركة  المذكورة للظهور تدريجيا في سياق تغيير نسق عصبة الابطال بالإغراء المالي من معطى أن البنك سيقدم التمويل للبطولة على هيئة قروض بنحو ستة مليارات دولار أمريكي للفرق المشاركة في البطولة.
وفي منحنى الإتحاد الدولي، لم يخرج الرئيس إنفانتينو عن سياق زميله بالإتحاد الأوروبي ودعا الأندية المنشقة الداعية إلى إطلاق مسابقة السوبر ليغ الأوروبي لتحمّل عواقب قرارتها جراء هذا الانفصال، معتبرا إنشاء دوري السوبر، بمصطلحات صارمة كونه دوري مغلق، وانشقاق عن الهيئة الحالية من الدوريات، ومن الاتحادات الوطنية، ومن ويفا ومن فيفا، وهو كلام صريح يماثل كل الذين عارضوا هذا المشروع جملة وتفصيلا مثلما تناهض مختلف الأندية الأوروبية أبرزها أندية إنجلترا التي اجتمعت وأقرت وأطلقت العنان للتصدي وحماية اللعبة مؤكدة أن البطولة الإنجليزية تدرس جميع الإجراءات الممكنة من أجل وقف هذه المسخرة، ومحاسبة المساهمين فيه وفقا للوائحه، ما ترتب عنه إنسحاب لستة أندية أنجليزية، كخطوة نحو وأد هذه البطولة في المهد.