قد يكون العنوان قاسيا على زياش وعلى من يقرأ هذا التحليل، لأن أرقام زياش التنافسية مع تشيلسي في المباريات الخاصة بالبطولة الإنجليزية وحتى الأوروبية منها ليست على المقاس العالمي الذي كان عليه مع أجاكس بحكم الإختلافات والهوية بين الكرة الهولندية والكرة الانجليزية، وقد يكون الحكم أيضا عاديا لأن تفاعلات الصبر وانتظار انتفاضة الدولي المغربي لم ترس على مطلق الأيام والأسابيع بين مدربي نقيض في النتائج والقراءات والإختيارات ، أي بين لامبارد الذي أعطى دفعة معنوية وتلقائية لزياش على الرغم من إصاباته، وبين المدرب توخيل الذي كان حازما في اختياراته وقراءاته لتشيلسي وليس لزياش وحده، وبين المدربين فوارق واضحة في ترسيخ قيم وعظمة تشيلسي التي تنامت مع توخيل، وقدم له وصفة الصعود إلى مراكز المنافسة على موقع أوروبي بالبريمر ليغ، واليوم ها هو يصل إلى الأدوار الختامية لعصبة الأبطال ، وهذه الأرقام بين المدربين تعطينا الصورة الواضحة لأفكار واختيارات وقراءات المدربين للرجال والنتائج والمطامح.
وعندما نقرأ أرقام زياش التنافسية، لا تعطينا الانطباع على أن زياش أكمل مباراة بعينها في ظل 20 مباراة لعبها حتى الآن، منها فقط 14 مباراة كرسمي والبقية كاحتياطي، وحتى من لعبه بشكل عام، لا يقدم زياش الدليل على أنه نجح في اختياره لتشيلسي، ولا ضبط عقارب الأداء، ولا تقوى بالشراسة التي يظهر عليها الإيقاع الإنجليزي سرعة وقوة وصلابة وحتى الصرامة التكتيكية، ولم ينجح إلا قليلا بحكم النجاعة النادرة التي لامسها في بعض المباريات بحكم أنه سجل هدفا واحدا وصنع ثلاث تمريرات حاسمة فقط دون احتساب 9 مباريات عن عصبة الأبطال (بمنسوب زمني 343 دقيقة) وسجل خلالها هدفان، موازاة مع كأس انجلترا التي لعب فيها 5 مباريات (بمنسوب 311 دقيقة) وسجل فقط هدفين مع تمريرة واحدة، لترتفع الحصيلة العامة للأهداف إلى 5 في جميع المسابقات، و4 تمريرات، ما يعني أن هذه الأرقام الإحصائية هي المتعارف عليها للحكم على أي لاعب أيا كانت نجميته، ولا يمكنها أن تعطي الإنطباع على أن زياش نجح في موسمه الحالي ليس مع تشيلسي فقط، ولكن في مواكبة الإيقاع الكبير للكرة الإنجليزية التي تبدو وحشية المقاصد في كل النتائج وهويات الأندية من أولها إلى النازلين بنزعة الشراسة كذلك. فهل نجح زياش في مقاومة هذا الإيقاع ؟ بكل موضوعية لا..
وبالمتابعة الدقيقة لزياش عبر محافل هذا الموسم الذي قلنا عنه أنه استثنائي في المسار الإحترافي بين واقع التألق بهولندا مع أجاكس الشهير بالأداء الراقي والتكتيكي والمهاري، وبين الإنحدار بأنجلترا التي تعتبر بطولتها أفضل بطولة على الصعيد الأوروبي بمقارنات واضحة مع إيطاليا وإسبانيا وتباينات أنديتها الشهيرة وكذا أنديتها المتوسطة والأقل عادية مقارنة مع الأندية الإنجليزية التي تلعب فيها حتى الأندية العادية بمقومات الأقوياء وإحراج العمالقة، وحتى من هو نازل اليوم أفضل من أندية فرنسا دون باري سان جيرمان وليل وليون وموناكو ومارسيليا ورين، والبقية عادية أساسا، وقس عليها حتى الليغا والطليان دون العشر الأوائل. ولذلك، فزياش وإن اختار إنجلترا لحبه العميق لكرتها الإيقاعية، فإنه لم يدرك أن الحلم شيء والواقع شيء آخر لأن الصلابة والبنية القوية والسرعة هي الأسس التي تنبني عليها الكرة الإنجليزية، والدليل أن الإصابة الطويلة التي غيبت زياش مع لامبارد، كان من دواعيها أن نتائج المران لا يبدو سهلا بأنجلترا مقارنة مع هولندا، والمباريات الرسمية أقوى صرامة من التداريب والكرة لا تتوقف أبدا، ومعها كان زياش يستطيع مع اكمال المباريات على الإطلاق حسب المنسوب الزمني الذي يلعبه كرسمي ولا يتعدى في معظم ما لعبه 70 دقيقة  من 20 مباراة أمام غياب واضح لـ14 مباراة بين الإصابة والإحتياط بدون مشاركة، ولذلك، نقرأ هذا التحليل من زاوية الواقعية التي يتمتع بها تشيلسي.  
وراقني أساسا ما صرح به المدرب توخيل عندما سئل عن المقارنة بين تدريبه بفرنسا وتدريبه اليوم بأنجلترا حيث قال: «الدوري الإنجليزي وحشي بصراحة. وحشي جدا. في فرنسا نلعب نفس العدد من المباريات وكأسين وهناك أيضًا 20فريقًا في البطولة، لكنّ شدة البطولة الإنجليزية وتحديها مختلفان، إنه مستوى مختلف تمامًا. إنه لا يرحم إلى حد كبير، فهو يبقيك منتبهًا ومستيقظًا مبكرًا في الصباح، ببساطة لا يوجد وقت للتنفس. ليس هناك الكثير من الوقت للجلوس والإسترخاء أو الراحة وهذا شيء جيد، إنه يشحذ عقليتك وروحك».
وطبعا، فمن يلتقي مع هذين المناخين يبقى الحكم الأول للمقايسة والحكم، والمدرب توخيل الذي يعرف زياش كنجم عالمي له سحره وخاصيته، وربما يخاف عليه من الوحشية والصرامة، ويلاعبه بالإختيار والتوقيت الذي يريده أساسيا من وضعه كاحتياطي لكون بنيته الجسمانية لا تتلاءم مع الشراسة والوحشية التي عبر عنها توخيل وحتى إن كان لا يقصد زياش، ولكنه حكم بالمعيش وبالمقارنات.