الرومان وحتى اليونان قديما، حيث مبعث الحضارة والحكمة كانوا يقولون «خطافا أو سنونو واحد يكفي أحيانا لصناعة الربيع»... قالوا أحيانا وقد كانوا يسوقون هذه الأمثلة من فرط القهر وأحيانا الشعور بالضجر جراء استفحال أوضاع وحالات اليأس في صفوف الشعبين قصد الطمأنة والتهديء من الروع والهلع..
لذلك أحيانا وفي غمرة اشتداد الجفاف. وخشية هلاك الزرع والضرع تجدنا نتوق لقطرات أو زخات من المطر لنقول أنها قد تكفي لتأتي بالربيع، بعدما استبد بنا اليأس طمعا فيما هو أوفر وأكبر وأكثر..
سقت هذا المثل وأنا أرمق من طرف خفي، كوكبة «الطبالة ونافخي الكير» فئة ممن سموا في وقت سابق الطابور الخامس المجندة كل مرة وحين لتهتف بأسماء رعاة الريع، وتقديم أكباش فداء للمشانق حماية وصونا لهذا الريع الفظيع..
هذه الكوكبة إختارت أن تقدم لنا ميدالية الألمعي سفيان البقالي على إنجاز خرافي، على أنها حصيلة تتجاوز ريو البرازيلية بالبرونز الصدء، ولندن البريطانية وتحاكي أثينا اليونانية، وقد غاب المعدن النفيس عن خزانة أبطالنا ل 17 عاما كانت كلها عجافا شدادا..
لمثل هؤلاء ينبغي أن نتصدى، لأن أساس البلاء والإبتلاء ينطلق من مزامير هؤلاء الغياطة المنتفعون، ولأن أساس التصحيح ينبغي أن يشمل المنظومة ككل كي يغير الله ما بالقوم وقد غيروا أولا ما بأنفسهم..
لا وألف لا، لن نرضى أن تكون ميدالية الرائع سفيان هي الشجرة التي ستحجب غابة الفضائح والإخفاقات وتستر عورات رؤساء الجامعات المدعوة لكشف وفوترة حساب على خزان الفشل الذي لا ينضب معينه منذ تولوا قمرة قيادة هذه الجامعات وقد طال أمد إلتصاقهم بالكراسي..
لن نقبل أن يركب الوصوليون والإنتفاعيون على معاناة البقالي وقد حباه الله بخصال الصبر والعصامية ليهدينا في عز القنط والضجر ذهبا إرتقى بنا من الصف 206، حيث ذيل الترتيب لمرتبة تحفظعلى الأقل الحد الأدنى من الشرف..
رسالة الملك محمد السادس نصره الله وهو يهنئ البقالي دالة ومعبرة، فقد جاءت جامعة مانعة لمن لهم بعد نظر وقراءة بين السطور، إذ خاطب البقالي الفرد وخاطب سفيان المواطن وخاطب بطل الموانع الذي كسر أسطورة الكينيين ولم يخاطب لا جامعة القوى ولا باقي اللفيف الذي إلتف حول سفيان مثل ما يحدث «للكرام في مأدبة اللئام»..
ذهبية البقالي لن تصنع ربيع الرياضة المغربية ولن نقبل بذلك وإلا فلنتهيأ لما هو أفدح وأكثر مضاضة في الأولمبياد القادم والذي يليه بمشيئة الله تعالى..
وكم كان محبطا لي ولكم أن تأتي تدوينة الوزير الفردوس وهو يعود من طوكيو تاركا خلفه تهاوي الرياضيين والمشاركين المغاربة تباعه، ليؤكد أنه معجب بما قدمه الخيام مصاقر الأمواج وبما قدمته قفازات أميمة الحبيب من إشارات طيبة، وفي ذلك ربما لمز من الأسفل والباطن، لخديجة المرضي التي رضيت بإرضاع وليدها على المشاركة..
تدوينة محبطة لأننا ننتظر ردة فعل أكثر حدة، ردة فعل من صميم ما يخالج المواطن العادي من تذمر ورغبة في التقويم وليس كما قال الفردوس بالتواعد مع هؤلاء الذي سماهم أبطالا على المشاركة المقبلة، فكان الوضع شبيها بالمثل الدارج « الوزير الذي ننتظر بركتو رجع من طوكيو ببلغتو»؟
ولأن الإعلام بقوته سواء الإقتراحية، التنظيرية أو حتى المحاسباتية شريك فعال في مدارات النجاح والفشل، بإسم المقاربة التشاركية ولكونه ضلع من أضلاع المعادلة دون خوض في تفاصيل أكبر، فهو مدعو عبر أطيافه وجمعياته وكياناته ولو تعددت ونحن نقترب بمشيئة الله تعالى من مرور أكثر من 12 عاما على رسالة الصخيرات في أشهر مناظرات تشخيص واقع الرياضة في بلادنا،  لاستحضار بعض من مضامين هذه الرسالة المفحمة القوية المعبرة، والتي تصلح لهذا الزمان وحملها لرؤساء كل الجامعات من أجل تنقيطهم وفق سطورها وفواصلها ومن تجاوب معها..
شكرا لك البقالي على كل تلك اللحظات المفعمة بالمشاعر الجياشة وأنت تحملنا بنوسطالجيا المجد لاستحضار ماضينا الذهبي أمام نشئنا الصغير الذين أدمنوا مع هذه الجامعات كافة أشكال الخيبة والفشل.. شكرا لك سفيان على إحياء عروق الروح الإنتصارية في دواخلن.. شكرا لك سفيان فأنت الغصن الفريد ولن تكون شجرة الوصوليين المبحوث عنها.