مهرجان إفريقي فولكلوري كروي، وتجمع كبير للمنتخبات والأندية، بل إن آخر الأخبار تفيد بأن ليبيريا الأنغولوفونية لغويا الأنغلوساكسونية كرويا، إختارت المغرب بدورها «دار الضيافة» لها ولناديها الذي سيواجه الرجاء في الدور الحاسم الذي يسبق دور المجموعات بعصبة الأبطال، إذ تقررت المبارتان هنا «مراكش ذهابا وكازا إيابا»..
تذكرون ما حدث قبل عامين ونصف، تذكرون قصة 55 اتفاقية التي أنجزت ووقعت هنا في حي الرياض بين جامعة الكرة عندنا وجامعات هذه البلدان القارية..
تذكرون أيضا أنه خلال التصويت في سباق المونديال، البلدان المنضوية تحت لواء "الكاف" صوتت كتلة واحدة على ملف المغرب أمام الملف الأمريكي «الترامبي» المشترك إلا من بلدان كوسافا وقد ربحنا وسطها بعض الأصوات..
لذلك لا مجال ليستغرب أي كان٫ بشأن السر الخفي الذي قاد 7 بلدان إفريقية لتختار مراكش، طنجة، كازا والرباط، ثم أكادير عواصم كروية لها في تصفيات المونديال..
لا مجال ليستغرب أي كان كيف أن غينيا وغينيا «كوناكري وبيساو» وهما منافسين لنا في ذات المجموعة اختارتا مواجهة المغرب هنا في نفس الملعب وهو أكادير..
من يستغرب هم أصحاب الخيال الواسع المريض، هم كابرانات المخيمات لأنهم قد يبتكرون غدا قصة أن المغرب هو مهندس انقلاب غينيا العسكري، ليطيح بنظام ألفا كوندي فتغادر طائرته المجال الجوي وحيدة متفردة هذا البلد، ليحل مكان كوندي جنرال آخر، فيقرر هذا الجنرال مكافأة للمغرب نقل مباراة أفيال غينيا لأكادير ويا له من خيال موبوء!
من يستغرب هو من قد يقوده خياله ليؤكد أن المغرب لم يرد ميدانيا على اغتيال سائقين من مواطنيه في باماكو على يد قراصنة البوليساريو وعصابات المرتزقة، فجاء الرد سريعا من مالي بنقل مبارياتها في التصفيات لبلادنا..
ما ينتجه المغرب إقليميا من تأثير، وما ينهجه المغرب من تمدد داخل قارته تارة بأنبوب الغاز الذي اخترق وسيخرق جغرافيا ورمال  17 بلدا شقيقا، وتسبب في إنتاج «غازان معوية» للكابرانات ومعه ضم عدد من البلدان الأنغلوفونية لتؤمن بعدالة مواقفه، ليترك أعداءه في عزلة قاتلة، هو شيء خارق وخرافي يعيدنا لما تمخض قبل عقد من الآن بخطاب ملكي سام أكد أن التوجه الرسمي في العقد المقبل هو «جنوب جنوب».
لذلك نغبط وحيد البوسني كثيرا على أنه سيتأهل للمونديال دون أن يعبر الحدود المغربية، وسيلاقي منافسيه داخل مجموعته وهو داخل «فقاعة طبية صحية» مدارها المغرب بين الرباط والدار البيضاء ثم أكادير ولا عزاء للحاقدين..
نغبط وحيد أنه في غمرة الشك الذي سربه لنفوسنا وجد من يدعمه من خلف، من يقوي عضده وحظوظه ويدعوه لحسم هذا التأهل الثاني تواليا ب «دفيعة خفيفة» لا غير..
ومقابل هذا الفخر الذي نشعر به وقد تأكد بالملموس أنه للمغرب نفوذا وتمددا وكلمة مسموعة وحظوة بين الأشقاء، يقطعنا ويخترق حنايانا لعة ما يحدث اليوم من تشرذم ومن رداءة ومن فضاعة يرسمها بعض السياسيين أصحاب الدكاكين الحزبية، الذين يسيرون تماما عكس الإتجاه الذي يسير فيه ملك البلاد محمد السادس حفظه الله، وقد كان واضحا في إحدى خطاباته وهو ينتقد مصداقيتهم التي ضاعت فأحبطت المواطن العادي..
بون شاسع إذن بين هذا التقطيع المميز والرائع للمغرب خارجيا، وما تابعناه من هرج ومرج بعد الإنتخابات التشريعية، وهنا نجمع البيض كله في سلة واحدة، لأنه لا لون ولا انتماء حزبي لصاحب العمود سوى فخر الإنتماء لهذا الوطن الحبيب ول «60 حزبا» التي جاء بها التنزيل الحكيم..
تهافت على المصالح والمناصب وتكالب وأقنعة تتغير بين اليوم والثاني، ومبادئ تداس بالنعال ومواقف تتغير بلون المصلحة وخطابات موغلة في الشعبوية والديماغوجية، هذا هو ما صدروه لنا ليثيروا بداخلنا كل أحاسيس الرعب والتوجس مما يحملونه لنا.
لذلك لن نترك لهذه الصور التيئيسية أن تنفذ لدواخلنا طالما أن لهذا البلد ربا يحميه وملكا ببصيرته وحكمته، أنتج له خارطة طريق خارجية تصونه من الكلاب المسعورة وتحمي حدوده من غدر الثعالب؟