وأنا أجوب في قوارير خصوم المغرب التي تهمنا جميعا في القراءة والتحليل واكتشاف النوايا والأرقام والأسلوب والأخبار، مع أن واقع التحليل يفرض علينا أن نكون أكثر إلماما بسيرورة واقع الأسود، ولكني على الرغم من معرفتي لكل الأحداث والإنتقادات التي وجهتها لوحيد خليلودزيتس في أكثر من موقع وأكثر من مرة لدواعي عدم تثبيت الأسود على قاعدة الكشكول الرئيسي والمحفوظ من خلال تشكيلة قارة يعرفها البادي والعادي من الناس، أستطيع القول أن ما يروقني هو تقريب الخصم إلى الجمهور والناخب والإدارة التقنية من معاش ما يملكه الخصم من أدوات نحن بحاجة إليها لتزكية موقع الناخب الأكثر إيجابية حتى ولو كان له كومندو يقرأ له الخصم بشرائط الفيديو، ولكن الأهم ليس هو شرائط مباريات الخصم فحسب، بل بمستجدات أي لاعب إفريقي محترفا كان أو محليا في سياقات الإختيارات، فحتى الخصوم لهم ناخبيهم، يتعذبون في صناعة النتائج ويحارون في الإختيارات بين مباراة وأخرى، ومن هنا أقول لوحيد هل قرأت خصمك غننيا بيساو جيدا ليس على طاولة ما فعله أمام غينيا في النزال الذي انتهى بالتعادل بهدف لمثله، وليس حتى بفوز غينيا بيساو بالسودان بأربعة أاهداف لاثنين ، ولكن من مؤشرات اللائحة النهائية لـ 26 لاعبا قبل مواجهتك له على مرحلتين ؟
طبعا ما يهمني تقنيا أن لائحة وحيد ليست هي لائحة غينيا بيساو لأن المدرب باسيني كندي، لم يغير قناعاته الإختيارية، وظل حريصا على تثبيت وجوهه التي لعبت الجولتين الأولى والثانية دون إضافة أي وجه أو وجوه أخرى إلى العرين، بينما وضعية الأسود تزداد تعقيدا حتى وإن قال وحيد أنه ينتصر بالرغم من عدم القدرة على إيجاد منتخب قار. 
ولذلك نحن أمام وجهين مختلفين في الإختيارات القارية ولمدربين أيضا مختلفين في صناعة المنتخب. وما راقني في هذا المنتخب الملقب بثعالب غينيا هو تلك المناعة التي يفرزها أمام الخصوم أيا كانت انتماءاتهم وهوياتهم وسيطرتهم القارية، بل من خلال ما تفاعل به في التعادل الكبير الذي حققه بموريتانيا وهو يستقبل غينيا الشرسة تاريخيا بالكرة الرائدة وزعزعها ثعالب غينيا بضراوة جامعة لمنتخب لا يستهلك النجومية ولا يملك قناع تواجد النقابات والتمييز بين هذا وذاك، بل منتخب متجانس في الهوية والنواة والتكامل حتى في اختيار الفريق الرئيسي للمباراة حتى ولو كان يتأسس على محترفين كثر من البرتغال وفرنسا. 
وستجدون في تحليلي لمنتخب غينيا بيساو هذا التشريح الذي يعالج قضية هذا البلد الذي انتفض من 2017 إلى اليوم ليصبح حاضرا في كأس إفريقيا وهو الذي لم يحضرها إطلاقا قبل ذلك.  
وما راقني فعلا، أنني أتذكر ما قاله الناخب ديديي سيكس مدرب غينيا الذي وجد صعوبة في اختراق غينيا بيساو من خلال تصريحه الناري محترما قيود خصمه عندا قال أن تعادله كان مخيبا وكاد أن يخسر مثلما كان بوسعه أن يفوز، بل أن ديدي رفع درج الإنذار إلى منتخب المغرب والسودان معلنا أن غينيا بيساو ستخلق مشاكل كبيرة في مجموعته حتى وإن لم يكن مختصا في إرادة تحقيق معجزة التأهل إلى كأس العالم.. ولم يأت هذا التصريح اعتباطيا للرجل لأنه عانى بالفعل أمام غينيا بيساو الذي استقبل خارج أرضه وبموريتانيا، فما بالك إن إستقبل بأرضه لو كان ملعبه يستوفي الشروط الدولية، ما يعني أن غينيا بيساو أحدث رجة كبرى لمنتخب غينيا وكاد أن يفوز عليها بسوء حظ  فرصة قتل المباراة وقت البدل الضائع، وأنا شاهدت خرافة ما فعله غينيا بيساو بكل اشكال المطاردة الهجومية امام غينيا ، وسيكون لهذا التصريح العاقل نتيجته الحتمية بالصورة والانطباع بالخرطوم ، وسيفوز غينيا بيساو بحصة جدل كبرى على السودان وبأرضه بأربعة لاثنين في نزال الأخطاء والسهو والسرعة وتلقائية تسجيل الأهداف باشكال مختلفة من الحضور التكاملي لغينيا بيساو .  
طبعا هو درس في الإنذار القبلي لوحيد، لكون ديديي سيكس أنذر السودان ولم يستمع اليه وتلقى الضربة الغادرة. أما وحيد فعليه أن يكون على وعي بما نقوله جميعا، وربما يقرأ هذا العدد من جريدتنا ليكون تنبيها آخر لدعم تصريح ديديي سيكس من أن غينيا بيساو ليست هي الغينيتين الأخريتين . 
وقد أعذر لمن أنذر.