إن كان وحيد يبحث عن التشكيل والنواة التي استدرجها قبل عامين من دون أن يجد البوصلة، فقد جاءت الموعودة لتنبئه أن المادة الخام موجودة من جيل أكيد أنه كان واثقا من اختياراته التدريجية لاكثر الوجوه التي طالت 57 لاعبا منذ قدومه، وليس لأنه فاز على السودان بفريق على الذي فاز على غينيا بيساو بفريق آخر، ولكن الرجل ظل يبحث عن العصافير النادرة التي تستمع له وتختاره كقائد بالدرجة التي شاهدنا فيها كيف عانق ملهم المغاربة أشرف حكيمي بعد نهاية مباراة الجولة الرابعة من إقصائيات كأس افريقيا، وكيف أريد لهذا الأسطول المختار أن يضم نفسه في خانة التوحد والإنسجام والتناغم والعناق دون تفريق بين العملود والزنيتي وبين بقية المحترفين، لكون لا رحيمي ولا بنشرقي هم طيور مهجرية ولكنهما من صلب الكرة المغربية، ولا حتى بين طيور المهجر التي ترنمت بعطر الباقات الوطنية، وكلهم جميعا في خندق وطني بلا تمييز ولا هم يحزنون، ووحيد خاليلودزيتش نجح في وضع اللمسات الأولى لمنتخب جوهريا صغير السن ومعلب بالخبراء. 
وإن كان وحيد يبحث عن التشكيل العام للنواة، فلأنه بدأ فعلا يعانق النتائج الأولى لعمله، لكون الخماسية التي عبر بها غينيا بيساو اعتبرها البعض بلا فائدة أمام منتخب ضعيف، ولكنها بدت في المباراة الثانية دلالة قوية على أن الأسود هي التي كانت أقوى، وغينيا بيساو هي التي كادت تفوز على غينيا كوناكري وما أدراك ما غينيا المعروفة تاريخيا كواحدة من المنتخبات الافريقية ذات صيت قاري قوي، وغينيا بيساو هي التي سحقت السودان بمعقله، واليوم تعود السودان لتوقف غينيا مرتين، فكيف لهذه المجموعة أن تكون قوية ما دام الأسود هم ملوك المجموعة، ولكون غينينا كوناكري وضعت رأسها في الأرض ثلاث مرات بالتعادل دون أن تفوز ، بينما تصدرت غينيا بيساو المجموعة في البداية . أليس هذا غريبا بعض الشيء . ولكن الحقيقة أن اسود الاطلس هم من وضعوا غينيا بيساو في حجمها الحقيقي، وأدركت شخصيا أن خمسة أهداف التي سجلها غينيا بيساو كانت من ضعف خط دفاع غينيا كوناكري والسودان، بينما لم تتخط دفاع الأسود إلا بفرصتين في 180 دقيقة، منها صد ممتاز لبونو وعارضة نابت عنه، والبقية تعرفونها أمام راحة استجمام لبونو، فكيف إذن نجزم القول على أن غينيا بيساو هو خصم ضعيف، والحقيقة أن المغرب هو من أضعفها ووضعا في الجدار الأمني.
وإن كان وحيد يبحث عن جيل جديد للاسود، فقد جمع التوابل لذلك، وخلق سوقا شبابية نبث فيها سوق القصائد الشعرية من سلهام إلياس شاعر الجوهرة التي رسخت وثاق النواة، ولوز لوزا الذي يقطر بروائح الهمة في سوق الفواكه الصلبة، وسوق الطيور بأصوات كروانية قادمة من هولندا لتغطي سلبية الظهير الايسر، ولا تسألوا عن سوق الحكمة العالمية لحكيمي، وحلوى كعب غزال من الكعبي المقدم في الأعراس والأحداث العالمية وريان مايي الذي أعشق أداؤه الخرافي حتى وإن لم يسجل، ولكنه قادم من ريان معطاءة تشفي العطشان، ومعهم ماسينا وصرخة أكرد وقتالية إمبراطور الدفاع سايس، ووثاق رابط لا يفكه إلا أمرابط، وكل هذه الأسماء لها موازنها في سوق الأنغام لكونها شكلت رؤيا جديدة لأسود تكبر تدريجيا بالفتوة التي يكسيها بوفال وأملاح وفجر والحدادي وبنشرقي ورحيمي وشاكلا والمحمدي والزنيتي وسامي مايي وعبدو هروي حتى وإن لم نشاهده، ولكنه في نظري لاعب كبير وسيكون له شأن كبير بأجيال مختلفة الأعمار دون أن ننسى فعلا جوهر الأسود يوسف النصيري.
ولكن بقراءة توحد المجموعة لا برواسب النقابات، وهنا يمكن أن تكون النواة حاضرة من دون تاعرابت، زياش، مزراوي والإدريسي.، إلى هنا نكون اليوم أمام جيل يرتفع تدريجيا في سباق التناغم الدولي وإن كانت معزوفة كل واحد بالخبرة الاحترافية تتأكد داخل الأندية الأوروبية والمغربية والعربية، ولكن في غياب زياش ومزراوي وحتى الإدريسي، تفاعلت الرؤى والآراء لكون زياش «جابها فراسو» لأنه لا يدرك قيمة الدولية أكبر بكثير من تشيلسي وعصبة أبطال أوروبا، ونفس الأمر يخص مزراوي لكون الفريق الوطني لا يعلى عليه بالتخاذل، أما أسامة الادريسي فسيأتي دور عودته لكونه مسجل في مفكرة المختفين التنافسيين، أما حارث فهو نجم من جيل الجواهر فغير محبب لوحيد لدواعي خاصة. 
نهاية.. كسب وحيد انتصاراته واختياراته، وبدا اليوم سعيدا لأنه وجد النواة، وهزم منتقديه بالنتائج والعرض الذي خرج من دون أن يدركه أحد، ولا تقولوا غينيا بيساو ضعيف والأهم أن وحيد فاز بطعم الشباب والفراخ.