شيء رائع أن يتغدى الناخب الوطني وحيد خليلودزيتش بطعم الإبهار المتدرج في سياقات بناء منتخب وطني بثورته الشخصية في أقل من سنتين، وشيء رائع أيضا أن يثور الرجل على مدارك من ينتقدونه بما يتفاعل به شخصيا، ويرغم الكل على تقبل نجاحه. هذا وحيد الذي أرعب في مباراتين وتأهل بلا استئذان، وقدم رسائل مشفرة لفريق وطني صارم دفاعيا، ومتطابق في الهوية الهجومية إلى حد إهدار ما لا يقل عن 10 فرص لا يمكنها أن تضيع أيا كان الحظ السيء مطروحا في معادلة تعدد الفرص المتاحة. والحقيقة أن ما فعله أسود الإطلس حتى اللحظة، يروقني بدون جدال تنظيما ومبادرة وروحا جماعية لا يشوبها أي دخيل، وأقوى هذه الروائع أن يكون للفريق الوطني شخصية الفريق الذي يلعب لروح الفوز والموت على القميص الوطني، وأقوى هذه اللحظات أن يلعب الفريق الوطني بأسطوله الأوروبي في فرن الكامرون وفي أجواء غير ملائمة لما يلعبونه باوروبا عشية ومساء، وهي نقطة تحسب له بفخر واعتزاز . 
وشيء رائع أن يظهر وحيد إنقلابات دائمة في الخطط والنوايا والإختيارات التي لا ينتظرها أي كان، وجعل منها مغامرة محمودة النوايا لديه ومشؤومة عند البعض حتى كأن منظرين أثقلوا على سامي مايي بالنقد لكونه لا يفقه شيئا في وسط الإرتداد، والواقع أن الرجل نجح في دوره ولو أنه ليس دوره كليا، والمدرب هو من نجح في اختياره أمام غانا وفاز في النهاية قبل أن يفشل المنظرون. كما أن لعودة المصابين دور قيادي في قلب المعادلات الإختيارية والخططية أمام جزر القمر، لتتبنى الصورة مدى ما تفاعل به وحيد في التعامل الهجومي المسؤول عنه في وضع الخصم تحت السيطرة، ونجح في الفوز قبل أن ينهض وحيد من إنفعاله ويثور على أهداف بالجملة تضيع هباء. وعندما تهدر أهدافا بالجملة، فليس هو المسؤول عن ذلك، ولكن لمن أضاعها كمختص. ومع ذلك انتصر وحيد على الحقيقة وعلى منتقديه، والقادم أقوى مما نتصوره لكون الرجل، يعمل بصمت ورعونة وقوة شخصية وحافزا للفوز. ولو سألته عن الفوز، سيقول لك أريد أن أفوز على الفوز. وهذا هو وحيد الذي أعرفه بسيطرته على الإختيارات التي تليق به، وقد وجدها بالفعل من خلال إقصائيات كأس العالم عندما طعم الجيش الإحترافي بقيادات صغيرة السن وبحوافز الروح الجامعة، واليوم يسير باتجاه اكتشاف أوناحي وتسودالي، والقادم أفضل.  
حتى الأن فزنا على غانا وجزر القمر، والقادم خطوة أخرى نحسبها للزمن، وللصراع الذي بدا محتدم الصورة والإندفاع مع الأقوياء، وأبدا، لن نقول بأننا أبطال أو نسير في حكم ذلك، بل نحن فريق وطني يؤسس نفسه لدخول التاريخ من بابه الواسع على الأقل لتكسير ما أحاطنا مع مدربين سابقين من شؤم الرؤيا، ونهش المال العام وبلا غايات. ووحيد يقاتل من أجل تكسير هذا الحائط الذي أذل الكرة المغربية قاريا وبلا لقب قرابة 45 عاما. إطلاقا، ليس لنا فريق بطل حاليا، بل هو فريق من صنع الثورة الكروية وثورة جيل من صناعة وحيد خليلودزيتش، وعلينا أن نشكر هذا الرجل لأنه ينتفض وطنيا عندما يسجل دوليونا، وشاهدوا لمرات كيف استبشر وحيد لهدف بوفال، وكيف صاح أمام غانا، وكيف استشاظ سرورا وغضبا أمام جزر القمر لأنه بأمانة الرسالة، رجل مبادر للفوز، ويريد أن ينتصر للمغرب. واتركوه يشتغل بصمت الرجال، لا بفزاعة لسان سليط من رواة النقد على عمل هو في ميزان حرارة ترتفع تدريجيا، وليس بدرجة حرارة لسان يمتهن الذبح والسلخ والجلد. 
ونحن معك يا وحيد، مثلما كنا إلى نهاية هذا المحفل الرهيب، وللأسود نقول دائما، نريدكم رجالا إلى النهاية.