إخترت هذا العنوان عنوة ليكون وحيد خليلودزيتش قد فهم الدرس جيدا من قوة مصر ومسرحياتها الرائعة، ووصولها للنهائي في واحدة من معجزات الكؤوس الإفريقية التي أجهدت فيها لياقة الفراعنة في أربع مباريات انتهت جميعها على إيقاع الأشواط الإضافية، واخترت هذا العنوان لأجعله عقدة في مخيلة الرجل لكونه ظل مأسورا بالإنجازات العابرة مع منتخبات متوسطة، وأخرى أقل من ذلك، ولكنه عندما ارتقى إلى العمالقة «داخت الحلوفة» وقرأ منتخب مصر بالمقلوب، وخسر بالسذاجة، ونعث نفسه بالمحدود لكونه فند أسطورة قوة مصر التي كنا نهزمها حتى ولو لم نفز بكأس إفريقيا، بينما الواقع أنه هو من أنزل الأسود من جبلها لتخاف الفراعنة في نزال لن ننساه كليا لفظاعة الإختيارات ومنظومة اللعب، هذا هو وحيد الذي تنكر لكل الزملاء على أنه صادق وتكتيكه صادق، ولا يعلى عليه أحد حتى مساعدوه التقنيون، بينما الواقع أن الرجل نام على وسادة الخوف، وأرعب الأسود بالخوف والتقيد بالتكتيك الدفاعي لا الإنسياب الهجومي الذي فاض بغزارة الفرص في بداية الكان، وهذا هو عين العقل لكون وحيد تعنت وما زال يتعنت في رأيه. 
أبدا، لم يكن منتخب مصر قويا على الأسود بشهادة تاريخ المواجهات مع المغرب، وحتى بداياته في الكان كانت في المتناول قبل أن يصل إلى عرش النهاية محمولا على هودج العمالقة لأنه قدم أروع اللوحات والدروس التي لم يكتشفها وحيد إلا في محمد صلاح كنجم عالمي، وربما قرأ الدرس المصري جيدا عندما فاز على الأسود بالرعونة والذهاء وكسر الإيقاع وغيرها من الأمور التي لا يعرفها وحيد عن مصر، فهل قرأ وحيد هذه الجزئيات التاريخية لمصر حتى من باب المعلومة لدى حجي أو غيره؟ وهل يعرف أصلا من هم نجومه وقطع غياره التي شكلت صداعا للأسود؟ وهل حقا يملك في طاقمه فنيا يحلل له أي خصم سيواجهه طريقة وتنظيما ونجوما وأسماء بعينها للحد من فعاليتها؟ أبدا لم يفعل وحيد أي شيء من هذه الأمور التي نقرأها نحن كإعلاميين للتعريف بالمنتخبات وتقريب المغاربة من قوة وضعف أي منتخب، ولم يستطع حتى حفظ أسماء أي مصري ستطبق عليه الحراسة، لأن واقع الأمر يقول أن وحيد مدرب محدود في مواجهة الأقوياء، وبدا ذلك واضحا لأنه هو من أسقط الفريق الوطني في وحل الخوف والتخويف والترهيب من جبروت إسمه محمد صلاح، ولعل في صلاح درس لواقعية السينغال كيف حدت من سيطرته على وقائع النهائي لكونها قرأت صلاح من دور الثمن أمام الكوت ديفوار ثم الربع أمام المغرب، والنصف أمام الكامرون، ألم يكن يفهم وحيد ما معنى مصر، وما معنى أن يفرض القرصنة والحراسة اللصيقة على صلاح؟ الجواب هو الهروب من الجواب بعينه. 
ولأن مصر ستظل عقدة وحيد، فقد وصلت إلى مبتغاها، وبكت إقصاءها الأخير في نهائي العمر، وبكت بروح الوطنية وبشراسة الحضور التكتيكي الصارم وبالحظ أحيانا قبل أن تكون سيدة أفضل أداء في النهائيات، ترى هل فهم وحيد الدرس كيف وصلت مصر الى النهائي، وكيف فاز السينغال بأول كأس إفريقية في تاريخه؟ سؤال نريد الاجابة عليه من الرجل، لأن من يفوز بكأس افريقيا، عليه أن يكون شرسا في التكتيك من الثمن الى النهائي، والسينغال في تصوري، أكلت منتخب مصر في العديد من الفرص قبل أن تنوم السينغال بفرص مضادة، ولكن السينغال قرأ جيدا منتخب مصر وحد من فعالية نجومه التي كنت أنت تخافها، وتهرج بها في ندوتك الصحفية البليدة، فهل أنت مدرب فعلا أم لا؟ أم مدرب فريق لا مدرب منتخب؟
على وحيد المعدودة أيامه حتى ما بعد اللقاءين القادميين، أن يدرك جيدا أن الفريق الوطني هو فريق أمة ودولة وليس فريق مدينة، ومن يأت إليه، يجب أن يأكل العشب ويقاوم لون القميص الذي يرتديه، وهذا ما غاب عنك فعلا أمام مصر، لأنك لم تأكل عشب النزال، ولا قاومت التيار، ولا سجلت الإنتفاضة التي تبعث الأسود داخل المباراة على أنها شرسة في نيل التأهل، ولغاية الأسف سقطت في وحل المدرب المحدود.
على وحيد أن يعرف أن الكونغو الديموقراطية ستأكله حيا في رقعة الذهاب قبل أن تأتي إلى المغرب لترغمه على التنازل، ولا يعرف مسبقا وحيد من هي الكونغو برازافيل التي تأهلت الى مونديال 1974، وماذا فعلت لتتأهل، فالتاريخ معلومة، والمعلومة تضغط على الزر اليوم لرد الثأر، فهل فهم وحيد المحدود سياق العودة الى التلاقي مع هذا المنتخب الذي صرحت أطيافه المسؤولة نفس سيناريو 1974، وإن لم تقرأها أيضا فستكون لا قدر الله من الخاسرين، وبعدها «حشومة تكون مدرب».