ما كان لهذا الجمهور الودادي العظيم أن يصرخ جهارا أمام العالم وفي أذن الناخب الوطني وحيد خاليلودزيتش باسم «زياش وحمدالله» إلا من خضم معاناته الكبرى لما شاهده من بتر هوية الأسود بكأس إفريقيا من عقله وصانع ألعابه حكيم زياش، وما كان لهذا الجمهور أن يوزع الصيحات هنا وهناك وهو يستقبل الناخب بضجة آلاف العقول المناهضة لتعنت الرجل الذي يعلى على الكل ولا يعلى عليه، قبل أن يجد نفسه مرميا في رجة التعالي عليه بالصراخ الحضاري وبلونه الأحمر الرجولي. وما كان لهذا الجمهور أن ينبعث من صحوته لأنه تابع المشهد الإعلامي العالمي والعربي والوطني وهو يشن الضربات على وحيد «الهشاشة التقنية» بأسود حرمت من اللقب لفقدانها عقلا مدبرا للعمليات وصناعة الفرص.  
لا أعرف كيف شعر الناخب هذه الصرخات والصيحات حتى ولو رد كما أشيع بالقول «أريد ان يعود زياش ولكنه هو من لا يريد ذلك»، وفي علم النفس، ندرك جيدا أن ردة فعل شخص واحد بأي كلمة خارج النص تثير الغضب والتقلب من المكان أو التحرك اللاإرادي أو ردة فعل مفروضة أن تكون جاهزة، وليس العكس إلا من باب الصمت و«الدق تم والسم بلغة النساء» ولكن عندما ترفع الأصوات جهارا على مقام تفكير رجل يعاند الكل وحتى من مشغله، ينبطح كليا لأنه يدرك أنه أخطأ حتى لو برر في أكثر من موقف أنه لا يريد أن يكون عرينه موبوءًا برجال ولاعبين خارج النص. ولكن في صيحات أحمر ودادي عاث في الزمالك، رسالة تضيق خاطر وحيد القائل «أنا مدربكم الأعلى»، ورسالة تبعث الشرارة الأخيرة لعقده مع الجامعة، إما أن ينادي على زياش وحتى حمد الله أو يرحل من الآن، والقادم أسوأ بالدار البيضاء لأنه بدون زياش في معركة الكونغو الديموقراطية، لا بد أن يكون زياش حاضرا حتى ولو بنصف رجل، والأسود يريدون التأهل التاريخي إلى كأس العالم ولو أن مرارة كأس إفريقيا هي التي نتذوقها كهدف استراتيجي وليس كأس العالم لأنها مسابقة موضوعة لرجالها حتى ولو تغيرت الأزمنة وأصبح لإفريقيا شأن في تخطي العقبات، ولكننا كمغاربة نفرح فقط لتجاوز سقف الأدوار، ولا نموت على الألقاب.  
لا أعرف كيف أحس وحيد برهبة حمراء وداد تناصر أسودها برجل مبتورة التدبير، وكيف رد بالمقلوب على المقلب وكأنه يراوغ برأس موضوعة على الأرض ورجل تلعب في السماء. ولكن ثقوا بي أن المشهد الودادي عصف بالرجل لأنه تذكر نفسه عندما كان يدرب الرجاء بتاريخ عظمتها، واليوم نومه الوداديون على غصة لم يشهدها لأنه جمهور مناصر للوطنية التي يحملها بلون الراية الوطنية، ويناصر فريقه وانتصر على الزمالك، مثلما انتصر على خليلودزيتش بردة فعل لن ينساها، وهي منشورة على كل القنوات. ولكن ما يظهر حتى في تحليل المقلب أنه رمى سهامه على زياش مجددا لكونه هو من لا يريد اللعب . ومع ذلك، هي إشارة غنية عن كل تعليق لأن الرجل ربما بدا في سن بياض الشعر وأسلاك عروق بدأت تحترق، لا يعرف ما يقول، وما يمكن أن يرد به. ومن تم فهو يهذي ؟  
وبهذه الرسالة الودادية الحمراء، لا يعرف وحيد أن زياش هو مثل محمد صلاح وإن كانت ملامح التألق كبيرة لدى محمد صلاح على زياش، ولكن لكل منتخب عقله ودماغه. ووحيد الذي أطرب المغاربة بأن لمصر محمد صلاح يبدو ناخبا مشوها في الفكر، لأنه لو كان ناخبا لمصر وأبعد صلاح  عن المنتخب لأقيمت عليه الدنيا هناك، وأقيل على وجه السرعة، بل وشاهدت كيف كان محمد صلاح وهو يتحدث مع المدرب في أكثر اللحظات تمسكا بالنصر وقلب الأمور التقنية والتكتيكية، وفي كل مباراة تسرق عدسات الكاميرات الحوار الثنائي بين صلاح وكيروش. أليس هذا بطلا في الروح وقدرة التكامل مع المجموعة،؟ أوَليس لزياش وحكيمي وسايس وبونو نفس الرغبة في استثمار النصر؟ أولم يكن زياش حاضرا بنفس الدرجة التي هي عليها محمد صلاح ؟ حقا إنه مدرب شارد لا يصلح لأن يكون ناخبا بفريق أعرج ودماغ مقلوب ولسان لا يحسب ولا يزن التصريحات. 
الدرس تلقاه وحيد كليا، وضغط عليه بالقوة التي تلاقها من الإعلام المغربي والعربي والعالمي، ولكن بالدار البيضاء ، سمع كل شيء ، وسيرى ردة فعله في لقاء الكونغو الديموقراطية في لقاء الاياب بالدار البيضاء .