هذه المرة سنحذف «لا»، لأنه ينبغي أن نكون بعد كل الذي توفر لهذا المنتخب ولهذا المدرب، وبعد أن مهدت لنا القرعة وهذا واقع، أولا بالتواجد مع زمرة الخماسي الأول في التصنيف القاري وامتياز لعب المعركة الثانية في البلاد.
وثانيا مواجهة المنتخب المصنف رقم 10 بين المنتخبات العشرة المتبقية في السباق، وثالثا بعد تزامن الباراج مع عودة أهم لاعب في صفوف الكر المغربية «أندية ومنتخبات» متمثلا في رأس الحربة الهداف البارع  وهو «الجمهور».
لذلك لا نتصور شيئا آخر غير التأهل، ليس تصديرا للضغوطات للاعبينا وقد باحوا وفاض صدرهم قبل الإقلاع بتصريحات سارت في نفس الركب، بل لأنه كما قلنا في المقدمة والتوطئة هذا هو الواقع.
ولكم كان رومان سايس العميد أمينا وصادقا مع نفسه قبل الجمهور، ليقول لهم «ما عاد بالإمكان الحديث بالمغرب عن عدم التأهل للمونديال من الآن فصاعدا».
سايس قال ذلك ليس تبخيسا لبقية فرسان الكرة بالقارة، بل كونه واحدا من الحرس القديم وواحدا من اللاعبين الذين عركتهم سفريات الأدغال، وواحدا ممن تعرفوا طولا وعرضا على بقية المنتخبات وكيف تدار شؤونها وكيف تمول وكيف تعامل، فكانت شهادته شهادة الناطق بالحق، ومن يجهر به وقد أيقن أنه لا قياس فعلا مع هول الفوارق...
وهنا نحن لا نستبق التأهل طالما أن المباراة هي مباراة ذهاب وليست جولة حسم، لكن التجارب علمتنا على أن أنصاف بطائق تأشيرات العبور تقتطع على ملاعب الخصم.
فكم سيكون مثيرا للحماس فينا، مسكنا ومخفضا للضغط ومهدئا للروع، لو يعود لاعبو الفريق الوطني بنتيجة مطمئنة من ملعب الشهداء.
نأمل معهم وبهم أن يمنحونا سقفا عاليا من الهدوء، بتفادي نتيجة سيئة لا قدر الله تركب فينا السعار والسكري في مباراة الدارالبيضاء.
ولأننا لا نثق، وشخصيا أنطلق من قناعة ذاتية تلزم صاحبها في قناعات هذا المدرب قدر ثقتي في اللاعبين وما سيكون عليه عزمهم،  فهذا هو سبب توجسي وقلقي الوحيد والأوحد.
قلق مشروع مستمد من سوابق وحيد وهلوساته، مناط لرصيد مدرب متقلب ومزاجي، لا يؤتمن على إرث وقد جربنا كيف اغتال فينا الحلم والأمل أمام الفراعنة بكيفية هابطة رعناء.
مصدر القلق والخوف، هو أن يأتينا وحيد بعلم من علومه الزائدة، أو ينهج واحدة من مغرباته فيخالف المنطق والطبيعة ليرسم من لا يستحق ويثلج من لا يستحق أيضا.
ولكم هو محظوظ هذا المدرب، وهو يتواجد اليوم مع أليو سيسي وجمال بلماضي وسونغ وكوبر وغيرهم في هذا الخط المستقيم، لأنه لو سايرنا منطق العقود وشريعتها لكان اليوم يتابع هذا النزال من البوسنة أو من ليل حيث يستقر في فرنسا لو لا صبر الجامعة عليه...
لذلك هي فرصة تاريخية أمام خليلودزيش ليضيف لاسمه ما ظل يجهر به ويثير فيه الهلوسات وهو التأهل الرابع للمونديال مع 4 منتخبات مختلفة، ولو أنه تواجد في المحفل الكروي مرة واحدة فقط مع الجزائر وقد أطاح به اليابانيون وكوت ديفوار قبل أن يعانق حلمه...
وحين تهب رياحك، عليك أن تغتنمها، لذلك سيكون جبنا بل غباء، لو يهدر وحيد فرصة العمر هته،  و«البونيس» الإضافي كان أشبه بترياق الحياة الذي منح له بعد الكان...
سيكون عليه مطابقة إمكانياتنا مع مباراة من هذا الحجم، لا أن يغوص بما في بحور الغرائب الخططية، الأمور واضحة والتشكيل واضح وحتى النهج واضح، وهو ألا يتقهقر لقواعده فيركن منتظرا طوفان الفهود وسطوتهم ويترقب دفعة جماهير الدارالبيضاء إيابا لتنقذه وتحمله على بساط التأهل، ليس هكذا ولا بهذا الشكل عليه أن يلعب؟
نملك من الآليات والأسطول البشري، ولو مع الإعاقات التي تسبب فيها هذا الناخب للخلافات التي ما عاد من مجال لاستحضارها الآن، ما يجعلنا نحلم بمباراة للتاريخ في كينشاسا.
مباراة تختلف في الشكل والمضمون عن آاخر ظهور للأسود ترسخ في ذاكرتنا أمام المنتخب المصري بشعار الخوف والتقوقع وتحمل التيار الجارف للمنافس...
يملك وحيد حكيمي وبوفال والكعبي ومايي وحدادي، وقد انضاف لعتاده اليوم الزلزولي والذي بعد كل الغبار الذي تطاير مع ملفه، قد يكون هو الرقم المفصلي لهذا السد؟
نملك العتاد الذي يجعلنا نحلم بالتسجيل في معقل منتخب كونغولي كان غائبا عن الكان، ومنتخب كونغولي عبر مجموعته السهلة بمعاناة وبتنقيط خجول، عكس مسارنا، ونملك من العناصر التي تمارس على أعلى مستوى من بمقدورها تطويع الفهود ولو بمعقلهم.
نحن هنا لا نحرض وحيد وقد سافر مبكرا على التدفق والتهور الهجومي، بل نأمل معه أن يحيي فينا آمالا بشأن قدرة هذا المنتخب على أن ينجز ويكرر ما فعلناه قبل 5 سنوات أمام كوت ديفوار بأبيدجان، وقد داهمنا مع درار وبعطية قواعد الأفيال بمنتهى الجرأة.
واثق أنا أنه بمقدورنا أن نسجل، فالكونغو أظهرت خوفا ورهبة شديدتين من مواجهتنا، والدليل هو السعار الذي ركبهم من يوم القرعة لغاية وقتنا هذا.
ما حدث ويحدث في كينشاسا من غليان هو إقرار في علم السيكولوجيا بالخوف والدهشة من حجم المنافس، وإقرار على أنهم فاقدون للتوازن النفسي وإقرار على أنهم فعلا يهابون الأسود مهابة ويخشونهم كثيرا...
ربي معنا، وعلى الله القصد ومنه التوفيق، هي فرصة لا تعوض كي نتأهل للمرة الثانية تواليا والسادسة في المجموع، وحرام أن تهدر هكذا فرص...
ترتبك في داخلنا الكلمات وتختصر بالدعاء «ياربي تنصرنا».