مصيبة، ألا نكون قد عرفنا حتى الآن إلى أين يسر فريقنا الوطني، هل هو في الإتجاه الصحيح، أم أنه ضل طريقه ولم يعد ممكنا سوى أن يخرج من متاهة ليدخل أخرى..
مصيبة، ألا نكون قد أيقنا بفعل ما تكرر أمامنا من مشاهد مستنسخة، بأن فريقنا الوطني بالشكل الذي يلعب به وبالشكل الذي يفكر به مدربه وحيد خليلودزيتش، لا يمكن أبدا أن يرتقى للمستويات العليا التي هي أم الفرائض للعب مع الكبار في المونديال..
مصيبة، ألا نكون قد استمعنا لنبض الجماهير التي ما اجتمعت في الحدس والإستقراء والخلاصات على ضلال وهي تصرح جهرا، بأن وحيد خليلودزيتش لم يعد صالحا لهذا الزمن الكروي ولا للرهانات الكبرى التي تنتظر الأسود..
هذه الجماهير التي توحدت في طلب التغيير، وفي الجهر بالمطالبة برحيل وحيد، لا تفعل كل هذا لأنها كرهت وحيد، شكله، تصرفاته، ردات فعله، (قسوحية رأسه)، بل لأنها أيقنت أن فريقها مع وحيد يسير رأسا في اتجاه الحائط..
تذكرون أنني قلت على الفور ومن دون تردد، يوم خسر الفريق الوطني من منتخب مصر، فكان ذلك إيذانا بخروجه من كأس إفريقيا للأمم بالكامرون، من الدور ربع النهائي، أن الخسارة يتحملها خليلودزيتش، أكثر من الحظ ومن خروج اللاعبين عن النص، فمن دون تعد ولا ظلم ولا تحامل مجاني، وحيد هو من كان يسأل وقتها عن الخسارة بتدبيره الأرعن وباختياراته التي تصيب بالدهشة والذهول لغرابتها أحيانا.
وعندما سئلت، أتراني راغب في الإنفصال أم في الإبقاء عليه، قلت على الفور أن عقلي يقول على مضض، بأن يواصل وحيد، لأننا كنا نقف يومها على بعد أسابيع قليلة من ملحق السد المونديالي أمام منتخب جمهورية الكونغو الديموقراطية، وأي تغيير للعارضة التقنية، قد يجني على الأسود، وعندها سنتجرع المرارتين، مرارة الإقصاء من ربع الكان والإقصاء من المونديال.
كانت هناك حالة إستثناء تفرض إذا التريث قليلا، وتأخير قرار الإنفصال عن وحيد، إلا أنه كان يجب أن نوقن مع ذلك كله، أن وحيد ليس هو المدرب الذي يمكن أن نحلم معه بمونديال مختلف، كان يجب أن تلجأ الجامعة للخيار البديل، حتى قبل أن تكبر الهوة، وحتى قبل أن نشهد كل هذا الإحتقان وحتى قبل أن ترمينا ودية أمريكا في المستنقع وتزيدنا مباراة جنوب إفريقيا شكا وارتيابا..
ولو كنت أرى في الأفق ومضة، ووراء الغيمة صفاء، لما ترددت في الإصطفاف وراء القلة المنادية بالإبقاء على وحيد مدربا وناخبا وطنيا، ولما زدت مثل الملايين اقتناعا من أن الإبقاء على وحيد هو معاكسة للمنطق ومعاداة للحقيقة، هو ببساطة مضيعة للوقت..
أنا لا أقول بأننا مع مدرب آخر غير خليلودزيتش، سنذهب إلى الشقيقة قطر لننافس على كأس العالم، لكنني بكل بساطة أقول بأن التغيير سيكسبنا بعض الوقت، سيعفينا على الأقل من كل هذه الكوابيس التي يرينا إياها وحيد في نومنا وفي يقظتنا..
عذرا، السيد وحيد، إنتهت صلاحيتك..