بإعمال كل الحواس الكاشفة للإشارات والملتقطة للمرامي والقارئة لبياضات المنطوق، سنقول مما إستمعنا إليه من السيد فوزي لقجع رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، في مروره الإذاعي في برنامج «كريبتاج» الذي يبث على أمواج الزميلة «إم إف إم»، أنه آن الأوان للإعلان عن القرار الذي ننتظره جميعا، الإنفصال عن المدرب وحيد خليلودزيتش، مهما كلف ذلك من ثمن ولربما أيضا من مجازفة، من ثمن إذا ما كان عقد الرجل الذي لم يفسخ في حينه، عند العودة من الكاميرون، حيث كان الخروج من الدور ربع النهائي بالخسارة من مصر، يفرض سدادا لمؤخر الإنفصال والطلاق، ومن مجازفة، بالنظر لدقة القرار، وهو أيضا بدقة المرحلة، وقد أصبح الفريق الوطني على بعد أربعة أشهر من موعده المونديالي.
قال فوزي لقجع ما يفهم على أنه إعلان عن الإنفصال، وأرسل من الإشارات ما يلتقطها أي لبيب ليكون لديه الإقتناع أن الحكم قد صدر، بأن لا جدوى من الإبقاء على وحيد خليلودزيتش مدربا وناخبا وطنيا، وقد تأكد مما شاهدناه منذ حلوله على رأس العارضة التقنية، أن لا خيطا ناظما في عمله ولا شخصية اكتسبها الفريق الوطني ولا هوية لعب حافظنا عليها من الإرث الفني الذي تركه سلفه هيرفي رونار.
قال فوزي لقجع أنه يختلف في أشياء كثيرة مع وحيد، منها ما نختلف نحن أيضا معه فيها وهي ظاهرة للعيان، واضحة وضوح الشمس، ومنها ما لا نستطيع معرفته، لأنها أشياء تحدث داخل الأسوار المغلقة ورئيس الجامعة أقدر الناس على فهمها وعلى تكييفها، وعندما يختلف من يجلس في قمة الهرم الكروي منابا من طرف الأندية ومن طرف الجماهير، مع مدرب وناخب وطني حول أشياء جوهرية، ما يتعلق بتدبير العرين وما يتعلق بالجوانب العلائقية وما يتعلق بشخصية الفريق الوطني وما يرتبط بالهيئة التي يجب أن يكون عليها أسود الأطلس في مونديال قطر، عندما تتصدع العلاقة بين هذا المدرب وبين الجماهير المغربية، وما اجتمع المغاربة في رفضهم لمدرب وطني على ضلال، فلا حاجة للبحث عن مزيد من الأعذار لتبرير الإنفصال وقطع الصلة ووضع خاتمة لمسار وحيد مع الفريق الوطني.
بالطبع فهمت من كل الذي استمعت واستمع إليه كل المغاربة مصرحا به أو ملمحا إليه، من السيد رئيس الجامعة، أن الأمر قضي، وأن وحيد بنسبة مائوية عالية بات خارج الخدمة، وأنه لن يكون المدرب الذي سيقود الفريق الوطني في المونديال، وقد جزم كما جزمت ذات وقت، من أن الأسود لن يلعبوا المونديال القادم من دون حكيم زياش ومن دون أي لاعب بلغ الجاهزية التي تعطيه حق حمل القميص الوطني في الحدث الكروي الكوني.
ستقولون، ألم تتأخر الجامعة في إعلان قرار الإنفصال عن وحيد مهما كلفها ذلك؟
طبعا تأخرنا، فقد كنت من الذين يحبذون أن يكون هذا الإنفصال مع نهاية مباراة السد الموندالي أمام فهود الكونغو الديموقراطية، إلا أنه بالنظر لحجم وثقل وقوة تأثير القرار على محيط الفريق الوطني، فإن الوقوف على بعد شهرين تقريبا من شهر شتنبر آخر نافذة ستفتح للمنتخبات المونديالية لتجهيز نفسها، وقد خدمتنا الظروف بأن ألغى استبعاد زيمبابوي مباراتين رسميتين، ليستعيض عنهما الفريق الوطني بمباراتين أو ثلاث مباريات ودية، تكون عونا للمدرب القادم لكي ينزل على السريع فلسفة عمله، وما من شأنه أن يساعد الفريق الوطني على تجهيز نفسه للرهان المونديالي.
بالطبع، لست جازما ولا قاطعا، ولكنني واثق من أن الجامعة ستكشف بعد أيام عن الذي سيريح المغاربة وسيجعلهم يرون مونديال قطر بعيون متفائلة، بعد أن زالت عنها غشاوة وحيد.