بدا لي، وأنا أتي على قراءة الفقرة التي ذيلت البلاغ الصادر عن جامعة كرة القدم، أن هناك الكثير من التعويم والتوهيم في شكل صياغة الفقرة وقد تحدثت بالكامل عن الفريق الوطني، المقبل على المشاركة في كاس العالم بقطر، والذي يشغل بال المغاربة جميعهم وبلا استثناء، مستقبل عارضته التقنية.
كان متوقعا أن يطرح على النقاش المسؤول والمتزن والهادئ في الإجتماع الأول من نوعه للتركيبة الجديدة للمكتب الفيدرالي، مستجد الفريق الوطني، وقد اخترقت مشهده الكثير من الشائعات المرتبطة أساسا بالمدرب وحيد خليلودزيتش، شائعات نهلت على الخصوص من الخرجات الإعلامية لرئيس الجامعة السيد فوزي لقجع وهو يعترض جملة وتفصيلا على شكل وعمق بل وبنية تدبير البوسني للورش التقني الخاص بالفريق الوطني، وتغذت أيضا من الغضب الساطع الذي فجره المغاربة بخاصة بعد سقوط الأسود في ودية أمريكا بثلاثية نظيفة، حيث بات اليأس كبيرا من قدرة الفريق الوطني على تقديم مونديال جيد بتأطير فني وتكتيكي من السيد وحيد.
لا علم لي بما جرى التعبير عنه من قبل أعضاء المكتب المديري في نقاشهم الجماعي المحاط بسرية هي من طبيعة وأخلاقيات غرف القرار المغلقة، إلا أنني لا أستبعد أن يكون كل الأعضاء من رأي فوزي لقجع، من أن تجاوزات حدثت في تدبير الورش التقني للفريق الوطني، ولربما كأن أنفع وأجدى أن يتخلص الفريق الوطني اليوم قبل الغد من المدرب وحيد، في إعادة دراماتيكية لما حصل له مع الجامعتين الإيفوارية واليابانية، عندما وجد نفسه مقالا ومفصولا قبل المونديال بفترة قصيرة.
لا أعلم ما الذي تقاسمه الأعضاء الفيدراليون من انطباعات وأحكام، ولو أنني أحدس كل ما فكروا فيه وهم موكلين من الأندية ومن الجماهير على صيانة الفريق الوطني، إلا أنني وقفت عند الفقرة التي ختمت بلاغ الجامعة، كما  فعل غيري، أعملت القراءات السبع، فوجدتها فقرة لزجة، مبهمة وعائمة بل وموجبة لكثير من التنبؤات، فقرة لا تقطع الشك باليقين ولا تسد للتأويلات والشائعات وحتى الأحلام بابا.
تقول الفقرة نصا: «في موضوع مستقبل المنتخب الأول المشارك في نهائيات كاس العالم قطر 2022، فتح السيد فوزي لقجع، نقاشا مع أعضاء المكتب المديري، خاصة على مستوى إدارته التقنية، حيث أجمع جميع المتدخلين على ضرورة خلق أجواء هادئة للإستعداد الجيد للمنتخب الوطني».
بالقطع ليس بيننا من يختلف على أن الفريق الوطني بحاجة لأن يستعد للمونديال في أجواء هادئة لا صخب ولا احتقان ولا مزايدات فيها، ويقينا أنه لا يوجد بين المغاربة من ليس له استعدادا لخلق هذه الأجواء الهادئة، لكن لنسأل قبلها:
من يا ترى أخرج عن أجواء الفريق الوطني الهدوء والسكينة والإطمئنان؟
أليس هو وحيد خليلودزيتش بتنطعاته وعناده وهلوساته؟ أليس هو وحيد بتصريحاته التي لا تحترم لا كبيرا ولا صغيرا؟ أليس هو وحيد بشروده التكتيكي وعصيانه للمبادئ الأولية في تدبير منتخب مقبل على المونديال؟
إن كان بيننا من قال بأن الفقرة التي تذيلت بلاغ الجامعة، قد حسمت كل الأمور وأيدت فرضية استمرار وحيد خليلودزيتش مدربا للفريق الوطني، على الأقل لغاية نهاية الرهان المونديالي بقطر، فإن هناك من أبقى خيط الأمل بالإنفصال عن وحيد، وهو يقول، كان القرار القطعي من المكتب المديري للجامعة بالإبقاء على وحيد مدربا وناخبا وطنيا يقتضي إضافة جملة للفقرة إياها، تقول بأن أعضاء المكتب المديري للجامعة جددوا ثقتهم في المدرب وحيد خليلودزيتش ليقود الفريق الوطني في نهائيات كأس العالم بقطر.
وما بين الشك في بقاء وحيد على رأس العارضة التقنية للأسود واليقين باستمراره على رؤوسنا، هناك سيف الزمان القاطع والباتر، فما يفصلنا من أيام عن وديتي المنتخب الوطني أمام الشيلي وأوروغواي، وما يفصلنا من أسابيع على انطلاق المونديال بقطر، يجعل التغيير نوعا من الإنتحار البطيء، فالحديد الذي كان علينا ضربه قبل أشهر ساخنا، أصبح باردا ولن يأخذ بين أيدينا أي شكل إلا شكل القوارير القبيحة..
أما زال عندكم شك من أن لا مونديال للأسود من دون وحيد؟